الإدمان الرقمي.. الهواتف الذكية خطر يماثل جرعات الكوكايين

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

أضحت التكنولوجيا يوما تلو الآخر، تنغمس في أغوار حياتنا، حتى باتت عنصرا أساسيا ومكونا أصيلا داخل معيشتنا، فلم نعد نستطيع المكوث ولو ليوم واحد دون أن نتطلع إلى هواتفنا ونسبح في تطبيقاته اللامتناهية. لا ننكر فضل الثورة المعلوماتية بإدخالها تحديثات زللت صعوبات كنا نواجها، وأضحت في متناول هواتفنا الذكية.

بينما برزت على الجانب الآخر أعراض جانبية تأتي المشاكل الاجتماعية على رأسها؛ فلم تعد الأسرة الواحدة متفاعلة فيما بينها وبين أفرادها، فكل يراقب هاتفه، وما بناه من عالمه الافتراضي؛ أخطرها مثلا هوس الأطفال بالإنترنت، وتشكيله ما يمكن أن نسميه “الإدمان الرقمي”.

الطفولة المفزعة

نبهت ماندي سالجيري، طبيبة في مستشفى هارلي ستريت ببريطانيا، على أن إعطاء الأطفال هواتف ذكية، يشابه في خطورته جرعات من مخدر الكوكايين. وأضافت أن قضاء الكثير من الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وسناب شات، لا يقل خطورة عن إدمان الكحوليات.
واستطردت، “ما يفعله الآباء بتركهم الهواتف الذكية للأطفال، يماثل إعطاءهم كوبًا من النبيذ أو جرعة من مخدر الكوكايين”. وتساءلت: “هل حقًا لا نبالي عندما يسارع أطفالنا بإغلاق أبواب غرفهم بالساعات ليتمكن منهم هذا الخطر الافتراضي؟”.

تزايدت مخاطر هذا الأمر بكثرة أعداد المراهقين في التراسل بالصور الإباحية، والدخول لمواقع إلكترونية لا تناسب أعمارهم عبر أجهزتهم الذكية، وقالت سالجيري: إن ثلثي مرضى مستشفى هارلي تتراوح ما بين 16- 20 عاما، كما يتوافد عليها أعمار أقل.

وفي مسح إحصائي تضمن 1500 معلم، حذر ثلثا النسبة (62%) من مشاركة الأطفال محتويات إباحية أثناء تلقيهم الدروس، كما أظهر المسح أن ما يقرب من سدس الأطفال لا زالوا في المرحلة الابتدائية. وفي ثلاثة أعوام، ماضية، حررت الشرطة عددا كبيرا من الجرائم قام بها 2000 طفل، وتوصلت التحقيقات لارتباط جرائمهم بصور غير بريئة حملتها هواتفهم.

صور عارية.. نمط شائع بين الأطفال

بغض النظر عن صغر سن هؤلاء الأطفال، إلا أن ما ينشر في أوساطهم مثير للفزع، وقالت سالجيري: إن وافدي المستشفى من الأطفال يعتبرون التراسل بالصور العارية أمر عاديًا، يذاع هذا الأمر بين الفتيات اللاتي يعتبرن هذا نمطا مباحا لهم بإرسال أجسادهن العارية لآخرين ما لم يكتشفه الآباء.

وترى سالجيري دافع الأطفال لمثل تلك السلوكيات المشينة، يعود لنقص في عدم احترام النفس والذات لديهم، ما يجعلهم يرون “العُري” أمراً عاديًا، فمثل تلك الأفعال ترتبط ارتباطَا وثيقاً ببناء الهوية والشخصية السليمة.
من جانبه، يرى ريتشارد غرام، استشاري الأمراض العقلية بمستشفى نايت انجل لإدمان التكنولوجيا، أن اهتمام الباحثين بمثل هذا الأمر، لعجز الآباء عن تصحيح مسار أبنائهم وإعادة التوازن بين مختلف الأنشطة الحياتية، محذرًا من قضاء الأطفال بين 3- 4 سنوات ما يقارب السبع ساعات يوميا على ألعاب الإنترنت وتطبيقاته العديدة أصبح أمرًا متزايدًا.

الطوارئ الرقمية؟

وفي رأي عدد من الباحثين، محاولة لتصحيح مسار الأطفال وهوسهم بالإنترنت، في تحديد ما يسمى بحالة الطوارئ الرقمية، وهو إيجاد نوع من التوازن بين ساعات النوم، وساعات الإنترنت، إضافة لمنح الأطفال وقتا في بداية اليوم الدراسي للإنترنت، ومنعه في الباقي، كما أن التدخل من جانب إدارة المدرسة سيحد من انتشاره.

كنوع من استباق هذا الهوس لدى الأطفال، ينبغي على الآباء تتبع أبنائهم وتدريب الأطفال على تنظيم أوقات فراغهم بين مختلف الأنشطة، ويسهل تقويم اعوجاج الأطفال باكتشاف هوسهم بالإنترنت مبكرًا.

للاطلاع على النص الأصلي أضغط هنا

ربما يعجبك أيضا