الإسلام السياسي في أوروبا.. سياسات جديدة للحد من الراديكالية والإرهاب

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

يسعى الاتحاد الأوروبي لإصدار تشريعات وطنية وربما جماعية لمعالجة التطرف الجذور الأيديولوجية للإرهاب” الجهادي ـ الإسلام السياسي” وهو مصطلح لكل التيارات الأيديولوجية والسياسية التي تهدف إلى إقامة دولة (خلافة) على أساس مبادئ إسلاموية متطرفة ، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المجتمع.  اليوم ، يستخدم “الإسلام السياسي” في الغالب الراديكالية الدينية والإرهاب والمفارقة أن الإسلام السياسي هو مفهوم نشأ في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين لوصف ظاهرة عودة الدين إلى المجال السياسي، كرد على الأنظمة الاستبدادية العلمانية من خلال الدعوة إلى العودة إلى الشريعة وإقامة دولة إسلامية. 

خطوات جديدة لمواجهة التطرف منذ  عام 2021 

ألمانيا

 أعلنت ألمانيا استحداث دورات تدريبية جديدة للأئمة ، كما أعلنت “كلية الإسلام الألمانية” (IKD) في برلين بمشاركة 30 متدربا ،تم تدريبهم منذ أبريل 2021. وكانت الدورات تعتمد اللغة الألمانية وكان المشروع ممول من قبل وزارة الداخلية الألمانية ووزارة العلوم في ولاية سكسونيا السفلى. 

ومن بين الأعضاء المؤسسين لكلية الإسلام علماء مسلمون وشخصيات عامة وهيئات إسلامية مثل المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا. واحتلت قضية تطرف الجماعات الإرهابية الإسلاموية في أوروبا مرة أخرى جدول أعمال المفوضية الأوروبية. وبذلك تكون أجهزة الشرطة والاستخبارات قد وضعت نفسها في حالة تأهب ، نظرًا تصاعد “داعش” و “القاعدة”  ومساعيها لإعادة قدراتها. 

أجرى رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND) مقابلة صحافية نادرة من أجل التحذير من الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا حقيقيا للنظام العالمي حتى بعد مضي عشرين عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة. ففي مقابلة مع صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية (12 يوليو 2021 ، قال برونو كال إنه على الرغم من عدم وقوع هجمات إرهابية كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة مثل الهجمات الدامية التي هزت البلدان الغربية قبل عقدين، إلا أن “إرهاب الإسلاميين قد تطور وكلف حياة الكثير من البشر، كما ازداد عدد الإرهابيين والخطر الذي يشكلونه”.

ألمانيا تحذر من خطر جماعة الإخوان المسلمين

أعلنت ألمانيا خلال شهر مايو 2021 ، إنها لن تسمح بجعل أراضيها ملاذاً آمناً لأي جماعات متطرفة ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. وقالت إنها لن تسمح للتنظيم بالانخراط في أي نشاط يمكن تصنيفه على أنه “غير قانوني” أو يساهم في انتشار الفكر المتطرف والتحريض على العنف. وجاءت التصريحات الألمانية بعد أن حذرت تقارير أمنية واستخباراتية في وقت سابق من خطورة انتشار الإخوان داخل البلاد وعلاقته بتزايد العنف والتطرف. 

تأتي الخطوة الألمانية الجديدة بعد ساعات من إقرار النمسا لقانون جديد لمكافحة الإرهاب والتطرف إلى جانب مشاركة سويسرا في محاربة الإخوان المسلمين والمنظمات الإسلاموية السياسية في الأشهر الأخيرة ، واتخذت خطوات ضد الشبكة الإرهابية بما في ذلك  ضد جماعة “الإخوان المسلمين”.

فرنسا

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، في 2 أكتوبر 2020 ، أن على فرنسا “مواجهة الانعزالية الإسلامية” الهادفة إلى “إقامة نظام موازٍ” و “ضد الجمهورية”. جاء خطاب الرئيس ماكرون خلال زيارته إلى Les Moreaus ، وهو حي في ضاحية باريس.  وقال ماكرون إن هناك توجهًا إسلاميًا راديكاليًا (…) تصميمًا معلنًا على إنشاء هيكل منهجي للالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظام موازٍ قائم على قيم مختلفة ، وتطوير تنظيم مختلف للمجتمع  واعتبر ماكرون أن السلطات تتحمل جزءًا من مسؤولية تطوير ظاهرة “تحول الأحياء إلى أحياء “.

النمسا

دعا المستشار النمساوي سيباستيان كورتس الاتحاد الأوروبي بعد بضع ساعات فقط من وقوع هجوم إرهابي في فيينا   إلى محاربة “الإسلام السياسي” ، معتبراً أنه “أيديولوجية” تشكل “تهديداً لنموذج الحياة الأوروبي”. وأوضح المستشار النمساوي في مقابلة مع صحيفة “دي فيلت” الألمانية في 3 نوفمبر 2020: “على الاتحاد الأوروبي أن يركز أكثر على مشكلة الإسلام السياسي في المستقبل” ، مبينًا قناعته بأن قضية محاربة الإسلام السياسي سيفرض نفسه كموضوع رئيسي في القمم الأوروبية المقبلة وأضاف: “أتوقع نهاية التسامح الذي يساء فهمه وكل الدول الأوروبية تدرك خطورة أن أيديولوجية الإسلام السياسي تطرح على حريتنا ونموذج الحياة الأوروبي .”

سويسرا

كشفت صحيفة “زويرشر أونترلاندر” السويسرية ، أن هناك خطوات قوية داخل البرلمان السويسري ضد جماعة” الإخوان المسلمين” والإسلام السياسي بشكل عام ، في ظل تنامي خطر الإرهاب والتطرف في أوروبا.  وكانت الصحيفة تشير إلى مشروع قانون الإسلام السياسي الذي قدمه النائب البارز لورنزو كوادري ، في ديسمبر 2020. ويدعو مشروع القانون، الذي ناقشته لجنة العدل في مجلس النواب ، إلى إدخال جريمة جنائية جديدة تحت مسمى “الإسلام السياسي” لحماية الأمن الداخلي وحظر الجمعيات التي تتبنى هذا الفكر وإغلاق مساجدها ومراكزها الثقافية في سويسرا.  

وجاء في مقدمة المشروع أن “الحكومة السويسرية تريد استحداث جريمة جنائية جديدة ضد “الإسلام السياسي” ، وهي أيديولوجية تدعو إلى التطرف والإرهاب . وتابع المشروع “لم تعد سويسرا قادرة على التظاهر بأنها جزيرة ؛ ففي غضون شهرين وقع هجومان إرهابيان في مورج ولوغانو في سويسرا”، مضيفًا أن “الأدوات القانونية المتاحة في سويسرا اليوم لمكافحة التطرف الإسلامي غير كافية”

ماينبغي العمل عليه 

ـ إن خطر “الإسلام السياسي” على أمن أوروبا أخطر من تنظيم داعش والقاعدة، ويرجع ذلك إلى أن “الإخوان المسلمين” وجماعات الإسلام السياسي على اختلاف أنواعها تبنوا سياسات ناعمة لاختراق المجتمع والاقتراب من مؤسسات الدولة لتقديم أنفسهم على أنهم “ممثلون” للجاليات المسلمة في أوروبا ومن ثم تحقيق المصالح السياسية ونشر أيديولوجيتهم المتطرفة بدلاً من تقديم الخدمات للمجتمعات الإسلامية.  

ـ وهنا من المهم للدول الأوروبية مراجعة القوانين والسياسات، خاصة في مكافحة التطرف محليًا، من أجل الحد من تأثير الإسلام السياسي في أوروبا وتقليص رموز الإسلام السياسي، من أجل خفض معنويات مؤيديه وتقليص مصادره  التمويل والتوظيف.

ربما يعجبك أيضا