الدموع تحت المجهر.. يا له من عالم خفي

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

تعد الدموع من أصدق التعابير التي تصف شعورنا الداخلي، ما بين الحزن والفرح، واليأس والأمل، فالدموع هي الشيء الوحيد الذي لا نستطيع التحكم به أو منعه، فإنها قادرة على كشف الأسرار وخفايا النفوس، ومدى الاشتياق أو الضعف وكذلك الندم، وعند ذرف الدموع تبدو من الخارج بشكل ثابت لا يتغير من شخص لآخر أيًا كان ما يشعر به، هذا ما يبدو لنا، بينما كانت الحالة النفسية الغيرة مستقرة للمصورة “روزلين فيشر” ومرورها بظروف مأساوية في فترة معينة من الزمن، جعلها تصل إلى نتيجة مبدعة، بعد اكتشافها لجانب خفي عن الدموع، وقررت أن تستكشفها عن قرب تحت المجهر، لتتفاجأ بالنتيجة.

الدموع أنواع

من المعروف أنه ثمة 3 أنواع من الدموع: “الدموع الأساسية”، الموجودة دائما وتحافظ على رطوبة العيون وتعمل على تغذيتها باستمرار، كما تنظفها من الغبار وتحميها من الجراثيم، و”دموع رد الفعل” التي تفرز عند دخول جسم غريب أو مواد مهيجة للعين، و”الدموع العاطفية” الناجمة عن الانفعالات النفسية، التي نذرفها عند الحزن أو الفقد أو الغضب أو الاكتئاب أو الألم العاطفي أو الجسدي.

والدموع تحتوي على مواد عضوية منها الزيوت والأجسام المضادة، والإنزيمات، العالقة في المياه المالحة، ولكل نوع من أنواع الدموع جزيئات متميزة، فالدموع العاطفية تحتوي على هرمونات البروتين بما في ذلك ليسين إنكيفالين العصبي، وهو مسكن طبيعي يفرزه الجسم عند الشعور بالألم ويتم إفرازه عند التوتر، بالإضافة الى ذلك، فإن النظر إلى الدموع تحت المجهر يظهر لنا أشكالا ونماذج مختلفة، وبذلك حتى الدموع التي تخرج في حالات الحزن المختلفة المنشأ، يمكن أن تبدو مختلفة جدًا.

يا له من عالم خفي
درست فيشر مئة نوع من الدموع المختلفة، ووجدت أن الدموع القاعدية التي ينتجها الجسم لترطيب العيون تختلف جذريًا عن الدموع التي تحدث عند تقطيع البصل مثلًا، كما أن الدموع التي تذرف عند الضحك لا تشبه دموع الحزن على الإطلاق، فكل قطرة من الدموع تحمل صورة مصغرة عن التجربة الإنسانية، وأطلقت فيشر مشروعها هذا باسم “تضاريس الدموع”.

عملت فيشر على البحث عن الدموع، وعاينتها جميعاً تحت المجهر، من دون تحفظ علمي، ولا محددات ولا مراقبة عينات، ومن دون تحفظ عن درجة لزوجة السائل، وكيمياء النوح، وإعدادات المجهر، وضوابط التحضير، وقامت بالتقاط الدموع لحظة نزولها، سواء كانت دموع فقدان الأم، أو دموع الندم، أو السعادة، أو دموع الطفل المولود حديثاً، أو دموع تقطيع البصل، وهكذا خلقت ألبوم تضاريس الدموع، أو كما يقول أنطوان دو سانت إكزوبيري في رواية الأمير الصغير: “يا له من مكان خفي، ذلك المدعو بأرض الدموع”.

وتقول فيشر: إن ما أثر فيها أن كل صورة التقطتها لتلك الدموع المختلفة، بدت كأنها صور لبقايا حضارات قديمة، أخذت ملايين السنين كي تتشكل، بينما الصور التي شاهدتها من خلال المجهر تكونت خلال دقيقتين، إنه أمر رائع وعميق ويخبرنا الكثير عن المشاعر الإنسانية.

دموع الذكريات
دموع الخلاص
دموع الفرح في اللحظات الحاسمة

دموع الطامحين للحرية

دموع التغيير
دموع الحزن

دموع التثاؤب

دموع ما لا يمكن إصلاحه

عالم الدموع.. مشروع آخر

وكان المصور الهولندي موريس ميكرز، قام أيضًا هو الآخر بمشروعه “تخيلات الدموع” وقام بأخذ صورا مجهرية للدموع ويحولها إلى عملًا فنيًا، بدت الصور التي حصل عليها هذا الفنان مبهرة وكأنها من عالم الخيال، بالنسبة للفنان الهولندي فإن كل دمعة تختلف عن الأخرى وأن صوره هي قصص جديرة بأن تروى.

ولمعرفة ما إذا كان هناك فرق في تركيبة الأنواع الثلاثة من الدموع، قام ميكرز بـ”جمع” دموع عدد من أصدقائه أثناء انخراطهم في مهام عدة، مثل فرم البصل أو تناول طعام حار، ثم قام بمعاينتها تحت المجهر، وعلى الرغم من عدم وجود نمط خاص، أو يمكن تمييزه لكل نوع من أنواع الدموع، كما اكتشف ميكرز، إلا أن الصور المجهرية كشفت عالما خفيا مذهلا وآسرا من بلورات الملح.

ويقول ميكرز في هذا الصدد: ” إن التشكيلات التي يمكن رؤيتها تحت الميكروسكوب وفي الصور عبارة عن ملح متبلور في الغالب، والظروف التي تجف تحتها الدمعة يمكن أن تؤدي إلى أشكال متباينة بصورة جذرية”، كما يضيف ميكرز، “فإن دمعتين نفسيتين عاطفيتين، تحتويان على التركيبة الكيماوية ذاتها، يمكن أن تبدوا شديدتي الاختلاف عند معاينتهما عن قرب”.

دموع الفلفل الحار
دموع الحزن
دموع الرياح
دموع البصل

دموع الفضفضة

دموع الضحك حتى البكاء

دموع الندم

دموع التعاطف

دموع الأمل

ربما يعجبك أيضا