الصهاينة يستنسخون معسكرات النازية في 126 قرية بالضفة

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم
 
القدس المحتلة – بحذر وصعوبة بالغتين يحاول الشاب عبد الناصر الانحناء أسفل بوابة صفراء (البوابات التقليدية التي يغلق بها الاحتلال الإسرائيلي مداخل القرى الفلسطينية)، مستعينا بعكازيه بعد أن بترت ساقه اليمني، إلا أنه يفشل، وينتظر إلا أن يأتي جنود الاحتلال ليفتحوا البوابة.
 
عبد الناصر دراغمة (30 عاما) من قرية اللبن الشرقية (وهي القرية التي تربط وسط الضفة بشمالها) لم ينتظر كثيرا حتى فتحت البوابة، ولكن تحتم عليه مجددا الانتظار، بعد ان منعته قوات الاحتلال من الدخول بفعل المواجهات المندلعة ما بين شبان من القرية وقوات الاحتلال، إلا أن ساقه الواحدة لا تحتمل فلا يجد سوى حجر يجلس عليه إلى أن تنتهي المواجهات.
 
وليست اللبن وحيدة في هذا الأمر، فأمس الأربعاء، وضعت قوات الاحتلال بوابة أخرى مماثلة عند مدخل مخيم الفوار جنوب الضفة الغربية، ليرتفع بذلك عدد البوابات الصفراء التي تحول القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية إلى سجن ومعتقل كبير إلى 126 بوابة تغلق القرى والبلدات.
 
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” التابع للأمم المتحدة، فإنه قام بتوثيق 472 معيقًا وعقبات للحركة والتنقل حتى منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016، من بينها 44 حاجزا مأهولا بالجنود بصورة دائمة (31 منها على طول الجدار)، و52 حاجزًا مأهولًا بالجنود بصورة جزئية، و180 حاجزًا ترابيًا، و72 حاجز طريق، و124 بوابة نصفها مغلق عادة.
 
فيما تشير إحصائيات أخرى إلى وجود 630 حاجزًا إسرائيليًا تقطع أوصال الضفة الغربية، يعاني عليها الفلسطينيون على الحواجز الإسرائيلية من المضايقات والإهانات وربما الاعتقالات وقد يصل الأمر إلى القتل.
 
ويقول المصور الصحفي محمد النوباني من قرية اللبن: “هنا يحاول الاحتلال بمثل هذه السياسات أن يزرع في سيكولوجية الناس فكرة أنكم زريبة أغنام، ونحن نضع لكم البوابة فتخرجون وتدخلون بإرادتنا، ونحن من يفتح ويغلق البوابة”.
 
وعادة ما يفرض الاحتلال الصهيوني هذه البوابات على القرى والبلدات، كنوع من العقوبات لسكان هذه البلدات على المقاومة التي يبدونها في وجه اقتحامات جيش الاحتلال ومستوطنيه، عند اقتحامهم قراهم وبلداتهم، معيدا بذلك تطبيق نموذج معسكرات الاعتقال النازية إبان الحرب العالمية الثانية، للأسرى من الدول الأخرى ومعارضيه من الداخل.
 
وتعتبر الحواجز العسكرية للاحتلال معابر قسرية للموت والتنكيل، تشكل هاجساً مخيفاً لدى الفلسطينيين وجزءًا لا يتجزأ من انتهاكٍ لحقوقهم في الحياة الحركة العمل التعليم والصـحة.
 
وبحسب دراسة إحصائية، أعدها مركز “القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني” فإن 68 في المئة من حالات الإعدام التي قام بها الاحتلال تجاه الفلسطينيين عام 2016 نفذت على الحواجز العسكرية، اذ بلغ عدد الشهداء 134 شهيدا فلسطينيا.
 
يضاف إليه الألم والمعاناة المعنوية والنفسية للطلاب والموظفين تخلوا عن جامعاتهم ووظائفهم في المدن البعيدة عن أماكن سكنهم، بسبب الحواجز العسكرية التي كانت تقتطع ساعتين أو أكثر من دوامهم في الذهاب وتقتطع ما تبقى من نهارهم بالإياب.
 
ووفق، تقرير لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بيتسيلم”، عدد الحواجز الثابتة المنصوبة في الضفة الغربية وصل إلى 100 حاجزاً مع نهاية شهر كانون الثاني/يناير لعام 2017 ، بينها 59 حاجزا داخليا منصوبة في عمق الضفة الغربية بعيدا عن مناطق الخط الأخضر، تشمل 18 حاجزاً منصوبة في الخليل وحدها منها( الكونتينر، جبع، حوارة، عطارة، برطعة، قلنديا، الجلمة وغيرها) جاثمة أمام الفلسطينيين بشكل يومي(الرقم لا يشمل الحواجز المتنقلة) وهي حواجز طيّارة بلا زمان ولا مكان لها فهي مفاجئة وتعتبر الأكثر سوءا لدى المواطنين كونها تكون إضافة جديدة لمعاناتهم وإذلالهم.
 
فيما تختلف تلك الحواجز في أشكالها لكن جوهرها واحد، هو اذلال الفلسطيني بشكل مخالف للقانون وحقوق الإنسان، فقد تكون على شكل كونتينر مع مربعات إسمنتية أو بوابة الكترونية أو بوابات دوارة أشبه بأقفاص حديدية أو ما يسمونه فلسطينياً “معّاطة الدجاج” وقد تجمع بين كل هذه الوسائل معا، كما أن معظمها مجهز بأحدث أجهزة المراقبة والمجسات والكاميرات.
 
والحواجز الإسرائيلية لا تؤثر بشكل فردي على الفلسطينيين فحسب وإنما يصل تأثيرها على الاقتصاد الوطني الفلسطيني برمته من خلال تعطيل حركة البضائع والمنتجات من وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة وبين المدن الفلسطينية فيما بينها.
 
وبحسب وزارة الاقتصاد الفلسطيني شهد السوق خسائر مالية تتراوح بين 5- 6 مليار شيقل، خلال أقل من شهرين في عام 2015 مثلا، وتوزعت الخسائر على مختلف المحافظات الفلسطينية، كما ان العديد من المنشآت أغلقت أبوابها، وأخرى تم فيها تسريح أو تجميد عدد العاملين، أي أن الطاقة الاستيعابية لهذه المنشآت انخفضت بنسبة 60-70% .
 
قدّر تقرير بحثي صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية “أريج” الخسائر الاقتصادية الفلسطينية الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي عام 2015 بنحو 9.5 مليارات دولار، وجاء في التقرير أن الأعباء التي يتحملها الاقتصاد الفلسطيني من الاحتلال هي العائق الأساسي لأية تنمية.
 

ربما يعجبك أيضا