منتدى آسيا والشرق الأوسط | ما الجهود الأمريكية المطلوبة للتصدّي لخطر الصواريخ الصينية والكورية الشمالية؟

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

راكمت الصين وكوريا الشمالية ترسانة كبيرة من الصواريخ البالستية. تشير تقديرات إلى امتلاك الصين ما يقارب 1500 صاروخ بالستي قصير المدى و450 صاروخًا بالستيًّا متوسط المدى. يمكن لهذه الصواريخ استهداف الولايات المتحدة وقواعد عسكرية حليفة في أي مواجهة في مضيق تايوان. تمتلك كوريا الشمالية ما يناهز 1000 صاروخ قصير المدى وما يقارب 300 صاروخ متوسط المدى يمكنها الوصول لأهداف في كوريا الجنوبية واليابان.

في عام 2017، أدلى المدير السابق لوكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية “دانيال كوتس” بشهادة أمام الكونغرس الأمريكي، قائلا إن كوريا الشمالية طوّرت قدرات صواريخ تقليدية دقيقة. كما ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية في “المراجعة الدفاعية الصاروخية لعام 2019” أن الصواريخ البالستية الإقليمية الصينية هي أنظمة أسلحة خطيرة ضمن “جهود الصين للتصدّي للقدرات العسكرية الأمريكية في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، وحرمان الولايات المتحدة من القدرة وحرية الحركة لحماية حلفاء أمريكا وشركائها في آسيا”. ولحسن حظ واشنطن، فهي لديها طرق للتخفيف من هذه التهديدات.

ويمكن للولايات المتحدة وحلفائها الردّ بالمثل ونشر صواريخ موجّهة نحو أهداف صينية وكورية شمالية لترسيخ حالة ردع ضدهما. ويمكنهم أيضًا توسيع دفاعاتهم الصاروخية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ للحّد من هذا التهديد. أخيرًا، يمكن للولايات المتحدة محاولة استخدام آليات الحدّ من انتشار السلاح لاحتواء، وربما عكس مسار انتشار الصواريخ. توفر جميع هذه الخيارات فرصًا وتحديات. 

إن فهم الدوافع وراء جهود الصين وكوريا الشمالية للحصول على صواريخ، سيساعدنا في تقييم نجاعة هذه الخيارات. إن بكين وبيونغ يانغ لديهما أفكار مختلفة بشأن الدور الذي تؤديه الصواريخ في الردع والحرب، كما أن الانخراط في جهود الحدّ من انتشار السلاح ونشر أسلحة هجومية تعويضية وتجهيز أنظمة صاروخية دفاعية قوية ضد الصين وكوريا الشمالية، هو أمر ينطوي على تحديات فريدة.

ولا تنظر كوريا الشمالية إلى صواريخها باعتبارها وسيلة نحو إعادة توحيد الجزيرة الكورية أو بوصفها أصولاً في حرب مطوّلة. عوضا عن هذا، فإن هذه الصواريخ عبارة عن أدوات إكراه ونفوذ تهدف، على سبيل المثال، لثني قادة اليابان عن تقديم دعم عسكري لكوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة في أي حالة طوارئ عسكرية. يأمل الكوريون الشماليون في أن ينجحوا في تحقيق ما فشل العراقيون في تحقيقه في حرب الخليج عام 1991. أطلق العراقيون عددًا من الصواريخ نحو إسرائيل وهددوا بشنّ هجمات بأسلحة كيماوية على إسرائيل، في محاولة فاشلة منهم لتفكيك التحالف العريض بقيادة الولايات المتحدة.  

كما يأمل الكوريون الشماليون في تفكيك الدعم الياباني لأي حملة بقيادة الولايات المتحدة، عبر استخدام التهديد بتوجيه ضربات صاروخية، ويهدف الكوريون الشماليون أيضًا لاستخدام ترسانتهم الصاروخية لاستهداف قواعد جوية عسكرية وموانئ إنزال بحرية رئيسية في آسيا والمحيط الهادئ، لمنع تجمّع قوات الولايات المتحدة وحلفائها وحرمانهم من إطلاق عملية عسكرية ضدها على غرار عملية “عاصفة الصحراء”.

بالنسبة لكوريا الشمالية، فإن صواريخها الإقليمية هي أدوات ردع ودفاع لتجنب هزيمة عسكرية كارثية. بالتالي، ربما تكون كوريا الشمالية غير راغبة في المشاركة في أي جهد منفرد للحدّ من انتشار السلاح، أو تقليل ترساناتها من الصواريخ الباليستية التقليدية، ما لم يحصل تغيير كبير في طبيعة علاقتها مع الولايات المتحدة. هذا يعني أنه، على المدى القريب، ستكون الملاجئ المحصّنة للسكان والدفاعات الصاروخية المحدودة هي التدبير المضاد الأكثر نجاعة للتصدّي للتهديد الصاروخي الكوري الشمالي.

في غضون هذا، أعلنت الصين استراتيجية حرب قتالية قوية تسعين فيها بصواريخ باليستية تقليدية. تناقش وثائق خاصة بالعقيدة العسكرية الصينية فكرة “اختراق أنظمة الدافع الجوي للعدو، وضرب أهداف في العمق للعدو، وفرض سيطرة جوية وبحرية في صراعات محلية مستقبلية”. تتوقع هذه الوثائق شنّ حملة صاروخية مصممة لإضعاف العمليات الدفاعية الجوية للولايات المتحدة وحلفائها، يعقبها حملة جوية تستخدم ذخائر دقيقة التوجيه قليلة التكلفة لإلحاق ضرر عملياتي كبير في عمليات الولايات المتحدة وحلفائها.

ولا تزال هناك مفاهيم نظرية أخرى ربما قد لا يكون من السهل تحقيقها باستخدام قوات صاروخية صينية. لكن هناك دلائل تشير إلى أن الصين تجري تدريبات لتنفيذ هذا النوع من الحملات، وبأن القوات الصاروخية الصينية حصلت على قدرة محدودة لتنفيذ هجوم ناري مشترك مخطط مسبقًا ضد أهداف في منطقة المحيط الهادئ.

أدمجت الصين صواريخها الباليستية التقليدية ضمن استراتيجيتها العسكرية الإقليمية. من غير المحتمل، على المدى القريب، التوصل لتدابير للحدّ من انتشار السلاح على غرار “معاهدة القوات النووية متوسطة المدى”. سيتعيّن على الأنظمة الدفاعية الصاروخية الإقليمية والتدابير الدفاعية الأمريكية الأخرى أن توفر رادعًا وتقدم حماية ضد هذه التهديدات في الوقت الراهن. ومع بناء الصين لقوة جوية حديثة وناجعة، ربما تقلل من اعتمادها على قدراتها الصاروخية. علاوة على هذا، تتطلع الصين لتقليل وجود الأنظمة الصاروخية الدفاعية الأمريكية في المنطقة، خوفًا من وجود قدرة كامنة تهدد صواريخها الاستراتيجية. 

في نهاية المطاف، ونظرًا للدور الذي تلعبه الصواريخ في استراتيجية الصين وكوريا الشمالية العسكرية، ربما يكون هناك حل يستحق استكشافه يتمثل في إمكانية تقليل عدد هذه الصواريخ مقابل إجراء تخفيض معقول في الأنظمة الصاروخية الدفاعية الإقليمية التابعة للولايات المتحدة وحلفائها. 

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا