العنصرية.. آفة لا تقتلها الحداثة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

العنصرية ليست شيئا مجردا يمكن قياسه بشكل دقيق، وحتى في استطلاعات الرأي يرفض البعض الاعتراف بعنصريتهم، كما أن بعض الأشخاص لا يعرفون أنهم “عنصريون”.

العنصرية, هي السرطان الذي يأكل جسد المجتمع من الداخل، فعندما تحصل على إمتيازات في العلاج والتوظيف والمعيشة والحقوق فقط لأنك تنتمي إلى لون ما أو قبيلة ما أو أصل أو لجنس، فأنت إذن في مجتمع عنصري.

وقد يسعى هؤلاء إلى إقامة دولة دينية أو مذهبية، وقد ينجحون لفترة، ولكنهم في النهاية ينهارون مع دولته، فالأساس كان مختلاً، وغير متوازن، فهو يستند على الكراهية والبغضاء، وللبشرية تجارب كثيرة مع هذه النوعية من الدول، العرقية والدينية والمذهبية، لذا دعونا نلقي نظرة على الدول الأكثر عنصرية في العالم.

الهند

تُعد الهند أرض التنوع، لكن حتى في التنوع، تظهر أشكال العنصرية مع تعدد الثقافات والعرقيات، وتصنف الهند واحدة من أكثر الدول عنصرية في العالم، فحتى الآن وعندما يُولد الطفل في الأسرة الهندية، يتم تعليمه تبجيل الأشخاص من ذوي البشرة البيضاء واحتقار السود.

أرض الحرية.. أمريكا

على الرغم من كون الولايات المتحدة تُعرف بـ”أرض الحرية والشجاعة” إلا أنها مجرد مقولة لذلك فهي تتصدر قائمة الدول الأكثر عنصرية في العالم، ففيها يمكن للمرء أن يرى تمييزا واضحا بين البيض والسود، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب، ولكن حتى الأشخاص الذين ينتمون لجنسيات مختلفة من المهاجرين واللاجئين يتعرضون وبصفة مستمرة لأشكال عدم المساواة في حياتهم اليومية، بدء من فرص التوظيف إلى التعليم.

سياسة الولايات المتحدة منذ الاستقلال كانت بمثابة عنصرية وعبودية وإبادة جماعية للسكان الأصليين من الهنود الحمر، العنصرية واضحة المعالم في جميع مجالات الحياة،الهجمات على السود واللاتينيين والصينيين واليابانيين والمسلمين، جماعات التفوق الأبيض مثل النازيين الجدد.

جنون العظمة.. إنجلترا

ولأنهم كانوا حكام العالم فلا زالت بقايا “جنون العظمة”  تسكن نفوس البريطانيين، لذلك ليس غريبا أن تأتي في الترتيب الثاني للدول الأكثر عنصرية، فأعمال الشعب القائمة على أساس عنصري شائعة جدا في مجتمعات البيض بالمملكة المتحدة، حيث يمارس البريطانيون أشكال العنصرية خاصة ضد مواطني الـ”ديسي” المنتمين إلى الهند. 

بالإضافة إلى الشعور بالتفوق العرقي والثقافي الإنجليز يظهرون عنصريتهم من الوسائل المطبوعة في الحياة اليومية، مثل عدم المساواة في المعاملة والتمييز تجاه نظرائهم الأيرلنديين،حتى منذ مطلع القرن السادس عشر، تعرضوا  للذبح والتشريد، وأيضا تعاملوا مع المستعمرات السابقة كما لو كانوا عبيدا أو مواطنين من الدرجة الثانية

وقد تفشت أيضا العنصرية في طبقة النبلاء البريطانيين، حيث نجد المثل الأشهر هو العلاقة التى كانت بين “الأميرة ديانا” والمصري المسلم “دودي الفايد” واللذين قتلا بسبب هذه العلاقة التى كانت تسير في طريق الزواج.

أستراليا

في عام 2009 تم رصد حالات عنصرية عديدة ضد الهنود، على الرغم من أن من غالبية السكان في أستراليا يتألفون من أعداد كبيرة من المهاجرين من بلدان مختلفة، رغم إسهامهم في الناتج الإجمالي إلا أن الأستراليين يرون أن أي شخص غريب هو عنصر دخيل يجب مهاجمته، لذلك تأتي “أستراليا” في المرتبة الثالثة.

ألمانيا

بقايا بذور العنصرية التى زرعها الزعيم النازي” هتلر” لا زالت تسري في عروق الألمان، حيث يظهر الكثير منهم حتى الآن مشاعر العداء تجاه الأجانب الذين يزورون بلادهم لغرض العمل أو المعيشة، ولعل الأشخاص الأكثر هدفا لممارسات العنصرية هم ذوو البشرة السمراء.

فهناك جزء كبير من السكان تفخر بماضيها النازي مرددين أناشيد من ألمانيا النازية في الحفلات والحانات، بالإضافة أيضا إلى العديد من الهجمات على اليهود والمسلمين، والأتراك على وجه الخصوص.

“شعب الله”.. الصهيونية

ليس بالأمر الغريب أن يكون الكيان القائم على العنصرية والعنف والتطرف ان يكون ضمن هذه القائمة، يكفيه الجرائم التي ارتكبتها بحق الفلسطينين منذ أن وطوا بأقدامهم القدس حتى الآن، فهم كما يدّعون “شعب الله المختار” ، هذه الجملة وحدها شهيدة على العنصرية والتفرقة، في الحياة اليومية هناك فصول، حيث اليهود الأرثوذكس لديهم كراهية الأجانب بشكل كبير، والصهيونية الفكر، الذي ينادي بإزالة جميع المسلمين، بينما في الشبيبة الإسرائيلية، يهاجمون أولئك الذين ليسوا يهودا، مع كراهية خاصة تجاه المسيحيين، والعنصرية هنا ليست عرقية، ولكن هي دينية خالصة.

 سلالات عرقية.. رواندا

في العام 1994، وقعت المذبحة الرواندية التي كانت وصمة عار في جبين التاريخ الإنساني، فنتيجة الاختلاف بين اثنتين من السلالات العرقية قبيلتي “الهوتو” و”التوتسي”، حصد حوالي مليون روح بسبب الصراع القبلي وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة تتبع المنظمين والمشاركين في المجازر فيما لا تزال هناك بعض المناوشات بينهم من آن لآخر، فلا نستطيع أن ننكر أن “رواندا” واحدا من أكثر البلدان عنصرية في مثل هذا الوقت القصير ، فالكراهية هو التعبير السائد.

باكستان

على الرغم من كونها دولة إسلامية إلا أن الاختلافات المذهبية هي السبب الرئيسي في التمييز الموجود بين المذاهب المحتلفة، الأمر الذى خلق الكثير من النزاعات وصلت إلى حد الدماء بسبب النزاعات والانقسامات، فقد خاضت باكستان أيضا حربا ضد جارتها الهند، بالإضافة إلى ممارسات المجتمع الباكستاني مع السلالات الأخرى أمثال الأفارقة وذوي الأصول اللاتينية.

الرؤوس السوداء.. الأرجنتين

العنصرية في الأرجنتين واضحة للغاية من المجتمع حتى الحكومة، ويستخدم السكان في الأرجنتين مصطلحات مثل “أسود” أو “الرؤوس السوداء” كمصطلحات مهينة لأولئك الذين ليسوا  من الجنس الأشقر، ولو كانوا يقولونها بتودد، مع أن الملامح التي تحملها هي واضحة للعيان، هذا من الجانب الثقافي اليومي، أيضا تجب الإشارة إلى كراهية أجناس آخرين من البيرو وبوليفيا وأوروغواي… لأنها تعتبر أقل شأنا في لون بشرتهم أو ثقافتهم.

ربما يعجبك أيضا