حلايب أم النهضة.. صدام جديد بين مصر والسودان

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

غادر السفير السوداني بالقاهرة عبدالمحمود عبدالحليم، أمس الخميس، إلى الخرطوم، على خلفية استدعائه بغرض التشاور، فيما أعلنت الخارجية المصرية أنها تقييم الموقف.

قرار الخرطوم المفاجئ جاء بعد أيام من رفض القاهرة القاطع لمزاعم السيادة السودانية على منطقة حلايب وشلاتين أو الإدعاء باحتلال مصر لها.

واشتعل الخلاف بين مصر والسودان في الفترة الأخيرة بشأن مثلث حلايب من جانب، وبشأن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي ومياه النيل من جانب آخر.

كما تأتي الصفقة السودانية التركية على منح أنقرة جزيرة سواكن السودانية في البحر الأحمر، في شهر ديسمبر الماضي، لتفاقم الخلاف بين البلدين، ليس لأسباب جغرافية فقط بل لهواجس سياسية وعسكرية لدى مصر بشأن التواجد التركي في البحر الأحمر، وفقا لمراقبين.

صفقة الخرطوم وانقرة

من جانبها، أرجعت الخبيرة في الشؤون السودانية، أسماء الحسيني، أسباب استدعاء السفير السوداني إلى خبر كاذب نفته الحكومة المصرية، ويشير إلى استبعاد القاهرة للخرطوم من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، واصفة استدعاء السفير بالخطوة “غير المسبوقة”.

ووفقا لفضائية “سكاي نيوز عربية”، قالت الحسيني: إن الهوة بين القاهرة والخرطوم تتسع بسبب “حرص السودان على التصعيد، وارتباطها بمحور إقليمي يعادي القاهرة متمثل في تركيا وقطر”.

وأضافت أن الصفقة بين الخرطوم وأنقرة بشأن إعادة بناء ميناء سواكن السوداني، المطل على البحر الأحمر، يعرض مصر للخطر.

النظام السوداني له توجه غير مريح نحو مصر

من جانبه، قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية السابق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إن قرار الحكومة السودانية بسحب سفيرها من مصر للتشاور خطوة ليس لها مبرر وهو أمر يثير الاستغراب، موضحًا أنه لا يوجد مبرر للتصعيد بين البلدين والتفرقة بين الشعبين.

وبحسب وسائل إعلام مصرية، أكد العرابي أن النظام السوداني له توجه غير مريح نحو مصر، وبالتالي لابد من دراسة الموقف جيدًا والحفاظ على علاقة الشعبين وليس النظام السوداني، خاصة وأن أعدادًا كبيرة منهم يعيشون في مصر.

وتابع: الفترة الماضية عمد الجانب السوداني إلى التوتر في العلاقات بين شعبين تربطهم علاقات تاريخية وأزلية.
 

إشغال الشارع السوداني من الخروج ضد النظام

في محاولة لفهم مغزى قرار الخرطوم، يشير الطيب محمد جادة، الناشط والحقوقي السوداني، إلى أن سحب السفير السوداني من القاهرة يأتي ضمن الحملة التي تشنها الحكومة السودانية ضد الحكومة المصرية، مؤكدا أن هذه العملية لأشعال الشارع السوداني من الخروج ضد النظام.

وأكد جادة، أن الحكومة السودانية اليوم في أسوأ حالاتها حيث وصل الدولار إلى ثلاثون جنيهًا، وهناك شح في الوقود والخبز ومن المتوقع أن يخرج الشعب إلى الشارع في اليومين القادمين، لذلك تقوم الحكومة بتصعيد التوتر مع مصر لإشغال الشعب بهذه القضية وصرفه عن الخروج ضد النظام، وفقا لموقع “المواطن”.

 

حلايب وشلاتين

يذكر أن مثلث حلايب وشلاتين يقع على الحدود الرسمية بين مصر والسودان، وتبلغ مساحته 20 ألف كيلومتر مربع على ساحل البحر الأحمر، ويضم إلى جانب حلايب بلدتي أبو رماد وشلاتين.

وكان الحكم الثنائي الإنجليزي – المصري صنف مثلث حلايب تابعا لمصر، في عام 1899، لكن بعد 3 أعوام “1902” قرر الاحتلال البريطاني، الذي كان يحكم البلدين آنذاك، جعل مثلث حلايب تابعا للإدارة السودانية، لأنه أقرب للخرطوم منه للقاهرة.

وكادت أن تحدث مواجهة عسكرية بين البلدين، في عام 1958، عندما حاولت مصر منع السودان من تضمين حلايب في الدوائر الانتخابية.

وعاد النزاع إلى الواجهة مرة أخرى، في عام 1992، عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن النفط في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية.

وفي عام 1995 أمر الرئيس المصري وقتذاك حسني مبارك بإخراج القوات السودانية من حلايب، وفرض الحكومة المصرية إدارتها على المنطقة.

وبالفعل سحبت السودان قواتها من حلايب في عام 2000، وفرضت القوات المصرية سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين.

لكن الحكومة السودانية عادت عام 2004 لتعلن أنها لم تتخل عن إدارة المنطقة المتنازع عليها.

وحاولت الخرطوم، في عام 2010، اعتماد حلايب كدائرة انتخابية سودانية، تابعة لولاية البحر الأحمر، لكن الحكومة المركزية عجزت عن إتمام العملية.

وبعد هذه المحاولة الفاشلة بعام 2011 أقيمت الانتخابات البرلمانية المصرية في نوفمبر، وشملت مثلث حلايب.

وكانت الخرطوم وجهت خطابا إلى الأمم المتحدة، في أواخر ديسمبر الماضي، ترفض فيه اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية ومصر، إضافة إلى تأكيد السيادة السودانية على مثلث حلايب.

وفي المقابل ردت مصر، برفضها ما تضمنه الخطاب السوداني من مزاعم.
 

سد النهضة الإثيوبي

بالرغم من تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بين الدول الثلاث “مصر وإثيوبيا والسودان”، ولم تخرج بنتائج إيجابية على مدار ست سنوات، إلا أنه في مباحثات ديسمبر الماضي، اقترحت مصر إشراك “البنك الدولي” كطرف “له رأي محايد وفاصل” في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية المختصة بمناقشة تأثيرات سد النهضة الإثيوبي، على أن تنتظر رد كل من إثيوبيا والسودان على المقترح في أقرب فرصة ممكنة.

إلا أن وسائل إعلام سودانية ذكرت قبل أيام، نقلًا عن مصادر لم تسميها، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طلب بدء مفاوضات ثنائية حول سد النهضة، برعاية البنك الدولي، بصفته جهة محايدة، واستبعاد السودان من المفاوضات، وهو ما نزع فتيلة خلاف جديد بين القاهرة والخرطوم.

من جانبه، أكد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أنه على العكس من ذلك تمامًا، فإن الاقتراح الذي تقدمت به مصر بطلب مشاركة البنك الدولي كطرف محايد في مفاوضات اللجنة الثلاثية الفنية، قد تقدمت به مصر بشكل رسمي للحكومة السودانية أيضا، وإن مصر تنتظر رد كل من إثيوبيا والسودان على المقترح في أقرب فرصة ممكنة.

ربما يعجبك أيضا