هندوس اليوم، مسلمون غداً..ما هي أسباب إجبار الهندوس على اعتناق الإسلام في باكستان؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – فريق رؤية

المصدر – ذى أتلانتك
ترجمة – بسام عباس

  
كانت رافيتا ميجوار في سنوات حياتها الـ 16 الأولى فتاة هندوسية تعيش في قرية في باكستان. ولكن اليوم اسمها جولناز شاه، وهي متزوجة، ومسلمة. وتعتقد عائلتها أن خاطفيها خدعتها واختطفوا ابنتها، وأنهم قد أجبروها على اعتناق الإسلام. ولكنها تقول إنها هربت وتزوجت برغبتها.

قبل عشر أو عشرين عامًا، لم يتم الإبلاغ عن قضية ميجوار. ولكن في السنوات الأخيرة، ظهرت الكثير من القضايا حول الفتيات الهندوسيات اللاتي يعتنقن الإسلام في محاكم إقليم السند جنوب شرق باكستان، وهي موطن أغلب الهندوس في البلاد. وقد أدت الطبيعة القسرية المزعومة لاعتناق الإسلام، والنمط المتطابق تقريبا لجميع الحالات، واستهداف الفتيات القاصرات إلى عدم استقرار السكان الهندوس، الذين يشكلون حوالي 2 % من سكان باكستان البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة. وهذا الشعور بالتهديد ما زال يغذي صراع أوسع، بعد 70 عامًا من تقسيم شبه القارة الهندية، فما زال بعض الهندوس يعيدون تقييم مكانهم في باكستان.

ومع تأسيس باكستان كدولةً إسلامية في عام 1947، قال مؤسس البلاد محمد علي جناح إن الأقليات الدينية يجب أن تتمتع بحرية العيش هناك وممارسة شعائرها. إلا أن الهوية الباكستانية اليوم أصبحت هوية دولة إسلامية قومية، والجماعات الدينية المتشددة فيها تشكل قوة هائلة، وليس للأقليات الدينية صوت يذكر في المجتمع. وبما أن الأضرحة الإسلامية المؤثرة والجماعات الدينية تعمل على تحويل الناس إلى الإسلام، فإن بعض الهندوس يغادرون قراهم وينتقلون إلى المدن أو يغادرون باكستان إلى الهند.

وتفيد التقارير بأن معظم حالات التحول القسري تحدث في إقليم السند. ورغم أن باكستان أصبحت دولة ذات أغلبية مسلمة بعد التقسيم – ويسيطر المسلمون على السياسة والاقتصاد والمجتمع – فقد تمكن الهندوس من الاحتفاظ بدرجة من النفوذ الاجتماعي في إقليم السند، حيث كانوا يعرفون بأنهم تجار ناجحين. ووفقا لآخر تعداد متاح، فإن أكثر من 6 % من سكان السند هم من الهندوس.

ولكن الطبقات الدنيا ومنخفضة الدخل من الهندوس في السند تعمل بأعداد غفيرة في الأراضي الزراعية التي يمتلكها الأغنياء، وأحيانا في أحد أشكال العبودية الاقتصادية. وهم يواجهون تمييزا اجتماعيا وغالبا ما ينعزلون عن مجتمعهم الهندوسي. وقد ذكر تقرير صادر عن مؤسسة جنوب آسيا للشراكة في باكستان عام 2015 أن العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية قد اقترنت مع هياكل السلطة الإقطاعية في المناطق الريفية لتمكين التحولات القسرية الدينية.

وبينما يزعم الناشطون والأسر الهندوسية أن الفتيات يتم اختطافهن وإجبارهن على اعتناق الإسلام، وتزويجهن من المسلمين بطريقة منظمة، فإن النشطاء والقادة الدينيين المسلمين يدافعون عن التحولات، معتقدين أن تحول شخص ما إلى الإسلام هو وسيلة للتقرب إلى الله. وغالبا ما تكون هذه التحولات الدينية مدعومة برجال المزارات القوية، والحوزات الدينية ورجال الدين، فضلا عن السياسيين المحليين. حيث تحمي الحوزات الدينية والأضرحة الزوجين وتقول إن الفتاة خاطرت طوعًا وتحولت إلى الإسلام وتزوجت.

ويشكل ذلك تحديا أمام المحامين والناشطين الذين يتعين عليهم معرفة ما إذا كانت هذه الزيجات جاءت نتيجة إرادة حرة أو إذا كانت تحت التهديد والعنف. وبشكل دائم فإن شهادة الفتاة التي مارست حقها كشخص بالغ في الزواج تغلق القضية، في حين يستمر والداها في الإصرار على تعرضهما للضغوط من قبل أتباع الضريح المؤثرين حيث اعتنقت الإسلام.

وأصبحت التحولات القسرية نقطة جدال وطنية في عام 2012، عندما أفيد بأن ثلاث فتيات هندوسيات اعتنقن الإسلام قسرا، وأجبرن على الزواج من رجال مسلمين. وتم تقديم دعاوى في المحكمة العليا الباكستانية. وكان إحدى هذه القضايا تتعلق بفتاة تدعى رينكل كوماري، التي اعتنقت الإسلام في ضريح مرتبط بأحد أعضاء حزب الشعب الباكستاني الذي كان يحكم البلاد آنذاك.

وفي المحكمة، قالت النساء إنهن يرغبن في العيش مع أزواجهن، على الرغم من أن الناشطة مانجلا شارما، عضو المجلس الهندوسي الباكستاني، قالت لي إن كوماري أرادت العودة إلى والديها. وقالت المحكمة إن النساء أحرار في الاستمرار مع أزواجهن المسلمين.

بعد قضية كوماري وموجة من النشاط حول التحولات، أقر المجلس التشريعي في السند مشروع قانون في عام 2016 يحظر التحولات والتحولات القسرية قبل سن 18 عاما. واجهت التشريعات التاريخية انتقادا حادا من الجماعات الدينية المتشددة – بما في ذلك جماعة الدعوة، والتي يعتقد أنها الواجهة للشبكة المتشددة، لاشكار طيبة، التي اتهمت بتنفيذ هجمات عام 2008 على معالم في مومباي. وقد اتحدت الجماعات اليمينية معًا لتشكيل حركة المعارضة. وفي بيان في ذلك الوقت، قال مزمل إقبال الهاشمي – رئيس جماعة الدعوة في كراتشي: "ليس من الممكن التفكير في العراقيل التي تحول دون اعتناق الإسلام". وقد أدى الاحتجاج أن يرفض حاكم السند التوقيع على مشروع القانون. وقال فاروق عزام – الناطق الرسمي باسم جماعة الدعوة – إن معارضتهم كانت للتشريع بأكمله، وأن الشروط التي يسعى إلى إيجادها غير مقبولة.
وقالت شارما، عضو المجلس الهندوسي الباكستاني، "ما نحاربه حقا هو العقلية.. أنت لا تعطي القاصر أي حقوق أخرى – وفي هذه الحالة تعطيه الحق في تغيير حياته فجأة. 

وفي غياب قانون يحظر صراحة التحولات القسرية، فإن النشطاء والمحامين يتراجعون عن تولي قضايا الفتيات القاصرات، مستخدمين قانونا مختلفا يحظر الزواج في السند دون سن الثامنة عشرة. وفي حالة ميجوار، على سبيل المثال، تدخل "علي باله"، وهو محام في شبكة السند للمدافعين عن حقوق الإنسان، على أساس أن إبطالها ينتهك القانون المتعلق بالزواج دون السن القانونية. وقال باله: "الفتاة دون السن القانونية ولا يمكنها أن تقرر رأيها الخاص".

ولكن قاضي المحكمة العليا حكم بأن ميجوار يمكن أن تعيش مع زوجها. وقال علي باله إن القاضي لا ينظر إلى الإكراه الضمني الذي يوجد في حالة التحول القسري المؤدي إلى الزواج.

ولم تكن الفتيات الصغيرات المستهدفات الوحيدات للتحول. حيث تجري عمليات تحويل جماعي للأسر الهندوسية في السند، والتي يكون معظمها من الطبقة الفقيرة. وتقدم الحوزات والعلماء المال والسكن للمسلمين الجدد؛ وتصدر نشرات صحفية عند اعتناق أحد الأشخاص للإسلام، معتبرة أن هذا إنجازًا كبيرًا.

وليس معروفًا كيف ومتى أصبح الإجبار على اعتناق الإسلام حركة منظمة. ويقول معظم الناشطين إن هذا التغيير حدث خلال السنوات الـ 15 الماضية. ويشيرون إلى الإرث الدائم لنظام الرئيس السابق ضياء الحق في السبعينيات والثمانينيات. حيث سعت حكومة ضياء الحق إلى جعل الشريعة هي القانون الأعلى في باكستان في محاولة لإضفاء الصبغة الإسلامية على البلاد.

والآن، أصبحت موجة اعتناق الإسلام تغير طريقة حياة الهندوس في إقليم كان موطنًا لأجيالهم المتتابعة. وقال "لاجبات ميجواد" إن الأسر الهندوسية، بما في ذلك أسرته، تغادر قراها لمدن أخرى في السند. ومن الصعب الوصول لأعداد دقيقة للهندوس الذين يغادرون قراهم؛ فليس هناك سوى أدلة سردية. أما بالنسبة للهندوس الذين يغادرون باكستان تماما ويهاجرون إلى الهند، فإن إحدى التقديرات تشير إلى أن عددهم يبلغ خمسة ألاف في العام.

ففي كراتشي، عاصمة إقليم السند، تنتشر قصص التحولات والاختطاف بشكل روتيني بين الهندوس. وتقول شارما إنه في الوقت الذي تدرس فيه الإسلام في المدرسة، فإنها تخشى الآن أنه إذا أبدى أطفالها أي اهتمام بالإسلام، فسيكونون أهدافا لأشخاص يتطلعون إلى التقرب إلى الله من خلال اعتناق أحد الهندوس للإسلام. وهي تحذر أطفالها بشكل روتيني من أنه يمكن أن يكون لديهم صداقات مع المسلمين ولكنهم ربما يكونون عرضة لأشخاص يتطلعون لتحويلهم. 

تعتقد شارما والناشطون الآخرين أن الحكومة تدرك أن التحولات القسرية تمثل مشكلة، ولكنها تفتقر إلى الإرادة السياسية للتصدي لها والقدرة على الصمود في وجه ضغوط الجماعات الدينية اليمينية.

وقالت شارما: "أحيانا يسألني الناس هل أنت باكستانية؟". "أقول أنا باكستانية خالصة" إننا نحن الأشخاص عندما كان لدينا خيار، لم نذهب – فضلنا البقاء هنا". وقالت إنها لا تزال تخطط للالتفاف حول: " نحن نعيش هنا عن طريق الاختيار". ولكنها أضافت أنه إذا عرف أجدادها الذين قرروا البقاء في باكستان ما سيواجهه جيل اليوم، ربما لم يتخذوا ذلك القرار.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا