إريتريا وروسيا.. جدل المصالح المتبادلة

علاء بريك

عارضت إريتريا محاولات إدانة الحرب الروسية ضد أوكرانيا في الحافل الدولية، فما الذي يدفعها إلى هذا؟


في 2 مارس 2022، كانت إريتريا من بين 5 دول صوَّتت ضد مشروع قرار أممي يطالب روسيا بالانسحاب الفوري من الأراضي الأوكرانية.

وتكرر هذا الموقف الإريتري في المحافل الدولية دعمًا لروسيا، فما الذي يجعل هذه الدولة الإفريقية تؤيد السياسة الروسية؟ وما دور الاستثمار الروسي في منطقة القرن الإفريقي في هذا الصدد؟

أسياس أفويرقي والموقف من أمريكا

بحسب منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن، دعمت الولايات المتحدة استقلال إريتريا عن إثيوبيا أوائل التسعينيات، وجمعت البلدين علاقات بنَّاءة، وكانت أسمرة تخطط لتطبيق سياسات اقتصادية نيوليبرالية، في حين رأت واشنطن فيها حليفًا مهمًا بسبب موقعها الاستراتيجي على البحر الأحمر، وللتدليل على أهميتها زارها آنذاك قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال تومي فرانكس.

ولكن بعد النزاع الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا في 1998، انقلب الموقف الإريتري من أمريكا، رافق هذا انقلاب الرئيس الإريتري، أسياس أفويرقي، على قيادات حزبه وإبعاد عدد من قادة الجيش والأعمال، مع تبني عقيدة قومية ترتاب من الخارج، تجلّت في الخلافات مع الجيران ووصفه الولايات المتحدة بالتهديد الأكبر على إريتريا.

الاهتمام الروسي بالقرن الإفريقي

بحسب الباحثة في جامعة برونِل، آنا ماريا بَلوي، فإنّ روسيا في تنافس مع الصين والقوى الغربية على كسب النفوذ في القارة الإفريقية لتعزيز مصالحها العسكرية والاقتصادية، وتسخِّر لبلوغ هذه الغايات مبيعات السلاح، والمساعدات العسكرية، وعقود الطاقة.

ويمثّل البحر الأحمر منطقة استراتيجية لروسيا، وتمر 24% من مجمل صادراتها النفطية عبر هذا البحر باتجاه الدول المختلفة، ولذلك رأت أن وجود قواعد بحرية لها على سواحله قد يؤمن لها موطئ قدم في المياه الدافئة التي تفتقدها.

ليس الاقتصاد وحده

بحسب رئيس مكتب الاتصال الصومالي التابع للقوات المسلحة التركية، الباحث محمد أوغول ترك، فإنَّ الباعث على الاهتمام الروسي بإفريقيا لا يقتصر على الاقتصاد أو العكسرة، بل يشمل القضايا الإنسانية ومسائل السلام والتعليم، إلى جانب القضايا الأمنية.

وتزخر منطقة القرن الإفريقي بالنزاعات المحلية، وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، على الرغم من كونها منطقة استراتيجية من الناحية الجيوسياسية، وتحتوي موارد طبيعية ضخمة من المعادن النادرة والنفط، ما دفع أوغول لترجيح أن تتركز سياسة روسيا في المدى القريب على التعاون السياسي ومبيعات الأسلحة والاستثمار في الموارد الطبيعية.

المصالح الروسية الإريترية

تُعَد روسيا من أكبر مصدري الطاقة والسلاح في العالم، لذا تتطلع إريتريا إلى الاستفادة من الخبرة الروسية في هذا الميدان لتطوير اقتصادها ودفاعها، وبدأت الدولتان تعاونًا عسكريًا عبر التجهيز لإنشاء مركز استراتيجي في الساجل الإريتري. وكذلك تتطلع أسمرة إلى الاستفادة من الخبرة الروسية في مجال الطاقة النووية السلمية لمعالجة مشاكل عجز الطاقة، إضافة إلى تحسين البنية التحتية.

وتتطلع روسيا من جانبها إلى تأمين وجودها على البحر الأحمر، بما يتيح لها الحصول على موطئ قدم بين القوى الكبرى المتنافسة على القارة، وكذلك ممارسة دور أكبر على الساحة الإقليمية، وزيادة نفوذها السياسي وموقعها كقوة كبرى، وتأمين قاعدة على البحر الأحمر تسمح بجمع المعلومات الاستخبارية عن الحركة الملاحية فيه.

ربما يعجبك أيضا