وزير دفاع سوري جديد ورئيس أركان للمرة الأولى منذ 2018.. ما دوافع الأسد؟

علاء بريك

إنْ كان تعيين لواء في منصب يشغله عادةً عماد يثير التساؤل، فإنَّ اختيار لواءٍ ليس الأقدم بين أقرانه يثير التساؤل والاستغراب معًا.


أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، في شهر إبريل الماضي مرسومًا يقضي بتسمية العماد علي محمود عباس وزيرًا للدفاعK خلفًا للعماد علي أيوب.

وشملت المراسيم التي نقلتها وكالة الأنبار السورية الرسمية (سانا) عبر حسابها على تويتر، تعيينات جديدة في مراكز القيادة العسكرية، واللافت أنَّ من بين التعيينات تسمية رئيس لهيئة الأركان بعد شغور هذا المنصب منذ 2018، فما القصة؟

سؤال الاستحقاق

عُيِّنَ وزير الدفاع السوري الجديد، علي محمود عباس، في منصبه يوم 28 إبريل 2022، كان يحمل حينها رتبة لواء، رُقِّيَ إليها في 2018، ولكن بعد يومين أصدر الرئيس الأسد مرسومًا بترفيع عباس إلى رتبة عماد، لأنَّ منصب وزير الدفاع يشغله ضابط برتبة عماد حسب التراتبية العسكرية.

وبحسب الباحث في مركز سنشري، آرون لُند، في تقريره، يوم الاثنين 23 مايو 2022، فإنَّ العماد عباس خاض العديد من الدورات الأكاديمية في السويد وهولندا وبريطانيا، ولكن ما من معلومات عن قيادته عمليات أو معارك على الأرض، وتشير المعلومات المتاحة إلى أنَّه قبل تعيينه وزيرًا شغل مناصب في الأكاديمية العسكرية العليا.

أثر الحرب

من اللافت بحسب الباحث في شؤون الشرق الأوسط، محمد الفتيح، تعيين لواء في هذا المنصب لوجود عشرات الضباط تحمل هذه الرتبة، وبعضها يحملها قبل 2018، بالتالي فإنْ كان تعيين لواء في منصب يشغله عادةً عماد يثير التساؤل، فإنَّ اختيار لواءٍ ليس الأقدم بين أقرانه يثير التساؤل والاستغراب معًا.

ويرى لُند أن الحرب الأهلية السورية عرقلت منظومة الترقي التي بدأ بها الرئيس الأسد عند استلام السلطة، والتي كانت تمضي وفق تسلسل منضبط في المناصب والأقدمية والخبرة. وكذلك، أدخلت الحرب لاعبين جدد على الساحة السورية، بالتحديد إيران وروسيا، يتمتعون بالتأثير والنفوذ داخل أروقة صناعة القرار، ويمكن من خلالها تزكية بعض الأسماء إلى مناصب معينة.

تنظيم المؤسسة العسكرية السورية

في دراسة نشرها مركز مالكوم كير-كارنيغي، يشير أنطون لافروف إلى أنَّ المهمة الصعبة الآن أمام نظام الأسد تتمثَّل في تنظيم قواته للانتصار في الحرب، وضمان السلام لاحقًا، فحتى مع السيطرة على كامل الأراضي السورية ستظل حالة عدم الاستقرار لفترة طويلة، لذا يكون تطوير الجيش أولوية قصوى.

وعملت روسيا منذ دخولها إلى سوريا في العام 2015 مع الجيش السوري، وتركت الفصائل والمجموعات غير النظامية لإيران، وبحسب لافروف، فضلًا عن جهودها اللاحقة في تنظيم بعض المجموعات القتالية غير النظامية ضمن ما عرف باسم الفيلق الخامس، فإنَّ انتشار السلاح والمجموعات المسلحة غير النظامية يمثِّل تحديًا يجب مواجهته.

لِمَ الإصلاح؟

لم يكن الجيش السوري مجهزًا لخوض حروب من النمط غير التقليدي، لكن مع ذلك استطاع أداء دور رئيس في الإبقاء على النظام خلال سنوات الحرب، وبحسب المستشار والخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أليكسي حليبنيكوف، فإنَّ استمرار النظام السوري مقرون باستمرار قدرة الجيش على أداء دور مركزي في البلاد.

وتسعى روسيا عبر الحالة السورية إلى تقديم نموذج من التدخلات يختلف عن نموذج التدخل الغربي، كما في العراق وليبيا وأفغانستان، ويضع هذا الهدف مسألة إصلاح المؤسسة العسكرية وإبقائها قوية أولوية قصوى في المرحلة المقبلة، وبنجاحها في الحالة السورية ستزيد روسيا من سمعتها على الساحة العالمية كوسيط رئيس في النزاع، بحسب حليبنيكوف.

التعيينات الجديدة

يجمع التعيينات الجديدة في المناصب الثلاثة وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان، ونائب رئيس هيئة الأركان أنَّ شاغليها ليسوا على قوائم العقوبات الأوروبية و/أو الأمريكية. فضلًا عن ذلك، فإنَّ خبرة وزير الدفاع الجديد في المسائل الأكاديمية العسكرية، والخبرة النظرية المناسبة لمهمة إعادة الهيكلة.

وفي ظل الوضع السوري الحالي، سيركز الأسد، وفقًا لتقرير لُند، على توطيد حكمه عبر إصلاح المؤسسة العسكرية، ومن هنا يمكن فهم التعيينات الأخيرة على أنها محاولة لاستعادة الخط العسكري التقليدي الذي كان قائمًا قبل الحرب، ولكن تظل المسألة الأساس هي فرض النظام على فوضى السلاح، والمجموعات غير النظامية على الأرض.

ربما يعجبك أيضا