أزمة تكاليف المعيشة ببريطانيا.. الفقراء يدفعون الثمن

أحمد عبد الحفيظ
تراجع غير متوقع لاقتصاد بريطانيا في يناير

مع استمرار موجة التضخم وارتفاع الأسعار، تواجه المملكة المتحدة أزمة غير مسبوقة في تكاليف المعيشة، حيث باتت العائلات البريطانية، خصوصًا ذات الدخل المنخفض، تعاني يوميًا في سبيل توفير الاحتياجات الأساسية.

وذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، في تقرير نشر الأحد 23 مارس 2025، أن الوضع قد يزداد سوءًا بحلول 2030، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي ويزيد الفجوة بين الطبقات.

تراجع المستوى الاجتماعي

في تقرير حديث نشره مركز أبحاث اقتصادي بريطاني مستقل، تم التحذير من أن جميع العائلات في بريطانيا، بغض النظر عن طبقتها الاجتماعية، ستشهد تراجعًا في مستويات الدخل الحقيقي خلال السنوات الخمس المقبلة.

غير أن الفقراء سيتحملون العبء الأكبر من هذه الأزمة، حيث سيضطرون إلى إنفاق الجزء الأكبر من دخولهم المحدودة على الغذاء والطاقة والإيجارات، التي ارتفعت أسعارها بشكل حاد في الفترة الأخيرة.

الفجوة تتسع بين الأغنياء والفقراء

تُظهر البيانات أن العائلات ذات الدخل المنخفض تواجه بالفعل ضغوطًا هائلة مع ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز بنسبة تجاوزت 25% خلال العامين الماضيين.

كما شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية زيادات متتالية، ما أدى إلى تصاعد معدلات الفقر الغذائي في البلاد، حيث يعتمد الملايين الآن على بنوك الطعام لتلبية احتياجاتهم اليومية.

“الأمر لم يعد يتعلق بالكماليات، بل بالحاجات الأساسية”، تقول سارة جونز، وهي أم لطفلين تعمل في وظيفة جزئية شمال لندن، وتضيف: “فواتير الطاقة وحدها تستهلك نصف راتبي، ومع ارتفاع أسعار الإيجار والمواد الغذائية، بالكاد يمكنني تغطية باقي النفقات”.

تراجع الطبقة المتوسطة

رغم أن الفقراء هم الأكثر تضررًا، إلا أن التقرير يحذر من أن الأسر المتوسطة الدخل ليست بمنأى عن الأزمة، ومع بقاء الأجور راكدة مقارنة بمعدلات التضخم، بدأت العديد من العائلات التي كانت تصنف ضمن الطبقة المتوسطة تشعر بأنها تنزلق تدريجيًا نحو صعوبات مالية غير مسبوقة.

يقول المحلل الاقتصادي جيمس وودز: “الطبقة المتوسطة البريطانية لم تعد تتمتع بهوامش الأمان السابقة، في ظل التضخم الحالي، تآكلت قدرتهم الشرائية، وأصبح الادخار أو الاستثمار رفاهية بعيدة المنال”.

الحكومة تحت الضغط

تواجه الحكومة البريطانية انتقادات متزايدة بسبب بطء استجابتها لتفاقم الأزمة، فقد اكتفت حتى الآن بإجراءات متفرقة مثل تقديم منح دعم طارئة للأسر الفقيرة، إلا أن هذه المساعدات اعتبرت محدودة الأثر ولا ترقى إلى مستوى الأزمة.

في المقابل، تطالب المعارضة والنقابات العمالية بإطلاق خطة شاملة تتضمن زيادات حقيقية في الأجور، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي، وتعزيز الاستثمار في الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم.

وتعليقًا على الأزمة، صرح متحدث باسم الحكومة قائلًا: “نحن ندرك تمامًا صعوبة الوضع الحالي ونعمل على مراجعة سياساتنا لدعم الأسر الأكثر تضررًا، وسنعلن عن خطوات جديدة قريبًا”.

مخاوف من تداعيات خطيرة

يحذر خبراء الاجتماع من أن استمرار الأزمة دون حلول جذرية قد يؤدي إلى تصاعد معدلات البطالة، وزيادة حالات التشرد، وارتفاع مستويات الجريمة في بعض المناطق الأكثر فقرًا.

تقول الباحثة الاجتماعية إميلي كلارك: “هناك علاقة وثيقة بين الضغوط الاقتصادية وتدهور الوضع الاجتماعي، إذا استمرت الظروف على هذا النحو، فقد نشهد خلال السنوات المقبلة أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والحكومة، وربما احتجاجات شعبية واسعة النطاق”.

مستقبل غامض

حتى الآن، تبدو الصورة قاتمة بالنسبة لكثير من العائلات البريطانية، خاصة مع عدم وجود مؤشرات واضحة على تراجع التضخم أو تحسن ملموس في مستويات المعيشة.

وبينما يترقب الجميع خطوات الحكومة المقبلة، تتزايد المخاوف من أن الوقت قد لا يكون في صالح الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع البريطاني.

ربما يعجبك أيضا