ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 4 مارس 2025، أول خطاب له أمام الكونجرس في مستهل ولايته الثانية، في فرصة لاستعراض التغييرات الجذرية التي أحدثها منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 6 أسابيع، والرد على الانتقادات الواسعة التي تطاله.
هيمنت على الأيام التي سبقت الخطاب قضيتان رئيسيتان: أوكرانيا والاقتصاد. فقد جاءت كلمة ترامب وسط توترات ناجمة عن اجتماعه المضطرب الأسبوع الماضي مع نائبه جيه دي فانس والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، فيما شهدت الأسواق المالية اضطرابات حادة، الثلاثاء، بسبب فرض رسوم جمركية جديدة استهدفت المكسيك وكندا والصين، وفقًا لصحيفة ذا هيل، الأربعاء 5 مارس 2025.
تغييرات كبرى
منذ اللحظات الأولى للخطاب الذي استمر ساعة و40 دقيقة ليصبح بذلك أطول خطاب على الإطلاق يلقيه رئيس أمريكي أمام الكونجرس، رسم ترامب صورة لرئاسته الثانية على أنها حقبة من “الإجراءات السريعة والحاسمة”. وخلال 100 دقيقة تقريبًا، استعرض إنجازاته التي شملت فرض قيود مشددة على الهجرة غير الشرعية، وإصدار أوامر تنفيذية ضد “اليقظة الثقافية”، إضافة إلى شراكته مع الملياردير إيلون ماسك، الذي حضر الخطاب مرتديًا بدلة رسمية على غير عادته، بينما رفع بعض الديمقراطيين لافتات كتب عليها “ماسك يسرق”.
وأكد ترامب أن “الشعب الأمريكي منحنا تفويضًا لإحداث تغيير جريء وعميق”، رغم أن فوزه على نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس بفارق 1.5 نقطة مئوية فقط، والانقسام الحاد في استطلاعات الرأي حول أدائه حتى الآن.
كما تبنى ترامب لهجة تحدٍّ تجاه الديمقراطيين، واصفًا الرئيس السابق جو بايدن بأنه “أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة”، وسخر من التهم الجنائية التي واجهها قائلًا: “كيف انتهى ذلك؟”، وأعاد استخدام لقب ساخر للسيناتور إليزابيث وارين أثناء دعمها لمواصلة المساعدات لأوكرانيا.
حرب أوكرانيا
اتخذ ترامب لهجة أكثر اعتدالًا تجاه الرئيس الأوكراني مقارنة بتصريحاته في الأيام السابقة، لكنه لم يوضح رؤيته الكاملة لمستقبل العلاقة بين البلدين. وأشار إلى تلقيه رسالة من زيلينسكي، الثلاثاء، رغم أن الأخير نشرها بالفعل على وسائل التواصل الاجتماعي.
قال ترامب إن الرسالة تعكس “رغبة أوكرانيا في السلام” واستعدادها للموافقة على اتفاق المعادن الذي تسعى إليه واشنطن. لكنه لم يقدم أي التزامات بشأن الضمانات الأمنية التي تعتبرها كييف ضرورية.
وأضاف أن إدارته أجرت “محادثات جادة مع روسيا” وتلقت “إشارات قوية على استعدادها للسلام”، لكنه لم يوضح طبيعة هذه الإشارات أو التنازلات التي قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعدًا لتقديمها لإنهاء الحرب التي بدأها في فبراير 2022. وفي الوقت نفسه، لا تزال المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا معلقة.
التركيز على الهجرة
كان ملف الهجرة أحد أقوى محاور حملة ترامب الانتخابية الأخيرة، لذا لم يكن مفاجئًا أن يخصص له جزءًا كبيرًا من خطابه. وأثارت تصريحاته في هذا الشأن واحدة من أكبر جولات التصفيق عندما قال إن تخفيض أعداد المهاجرين غير الشرعيين لم يتطلب تشريعات كبرى، بل “كل ما كنا بحاجة إليه هو رئيس جديد”.
كما استغل ترامب المنصة للإشارة إلى حوادث مأساوية تتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين، مثل مقتل الطالبة لاكين رايلي (22 عامًا) في جورجيا، والطفلة جوسلين نونجاراي (12 عامًا) في تكساس، حيث تم توجيه الاتهام لمهاجرين غير شرعيين في القضيتين. وكانت عائلات الضحايا حاضرة في القاعة، ووجه ترامب لهم تحية مباشرة.
الرسوم الجمركية
حاول ترامب الدفاع عن سياسته التجارية الجديدة التي فرضت تعريفات جمركية على دول مثل الصين وكندا والمكسيك، زاعمًا أنها ستعزز الاقتصاد الأمريكي وتحمي المزارعين، لكنها جاءت في وقت شهد فيه سوق الأسهم تراجعًا حادًا، ما أضعف من تأثير حججه.
وقال ترامب: “التعريفات تدور حول جعل أمريكا غنية وعظيمة مرة أخرى، وهذا ما يحدث بالفعل وسيحدث بسرعة”، مضيفًا: “قد يكون هناك بعض الاضطراب البسيط، لكن لا بأس بذلك”. ورغم تصفيق الجمهوريين، لم يكن الحماس لهذا الجزء من خطابه بنفس القوة التي لقيها حديثه عن الهجرة أو القضايا الثقافية.
احتجاج نائب ديمقراطي
تعرض خطاب ترامب لمقاطعة من النائب الديمقراطي آل جرين (من تكساس)، الذي قاطع الرئيس أثناء حديثه عن تفويضه الشعبي، قائلًا إن ترامب “ليس لديه تفويض لخفض ميزانية ميديكيد”.
وبعد تحذير من رئيس مجلس النواب مايك جونسون بشأن “انتهاك قواعد السلوك”، استمر جرين في احتجاجه، ما دفع الأمن لإخراجه من القاعة. وأوضح لاحقًا للصحفيين أن احتجاجه كان الطريقة الأكثر فعالية “لإيصال رسالة إلى شخص يستخدم قلة الاحترام ضد احترامنا”، مضيفًا أنه مستعد لتحمل أي عقوبة قد تفرض عليه بسبب اعتراضه.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2154191