إخراج إيران من سوريا.. مقترن بالتسويات وروسيا اللاعب الأكبر

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

إبعاد إيران عن الملف السوري، لطالما كان المطلب الأكثر إلحاحًا من الجانب الإسرائيلي والدول الغربية، مساعي تدركها طهران جيدًا وتقوم بعرقلتها أمام النظام الذي يسعى للعودة للمنظومة الدولية، وتواجهها إسرائيل بحرب خفية عبر قصف مواقع تابعة للميلشيات الإيرانية في سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة.. فهل تنجح إدارة بايدن في حل المأزق السوري؟ أم سيكون هناك تسويات تقضي بتدويل الأزمة لصالح موازين القوى التي تتلاعب بمقدرات سوريا؟

اجتماع في حميميم ودمشق تنفي

زعمت تقارير إعلامية بأن قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية ، استضافت الشهر الماضي، اجتماعاً بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين برعاية روسية، تضمن بحث عدد من النقاط بينها مطالبة تل أبيب بإخراج إيران وميلشياتها من سوريا.

وبحسب تقرير نشر لـ”مركز جسور للدراسات” السوري، اليوم الإثنين، فإن الاجتماع ضم مسؤولين من الجانبين الإسرائيلي والسوري، حيث طالب الأخير تسهيل العودة إلى الجامعة العربية، والحصول على مساعدات مالية لسداد الديون الإيرانية، ووقف العقوبات الغربية لفتح المجال أمام دمشق لإخراج إيران، مشيراً إلى أن المطالب الإسرائيلية شملت “إخراج إيران وحزب الله وميلشيات طهران بشكل كامل وتشكيل حكومة تضم المعارضة وإعادة هيكلة الأمن والمؤسسة العسكرية وإعادة الضباط المنشقين بضمانات”.

وبحسب التقرير لم ينته الاجتماع لاتفاقات محددة ولكنه يشكل بداية مسار تدفع روسيا باتجاهه ويتوقع أن يشهد توسعاً كبيراً في عام 2021، حيث ترى موسكو أن بناء علاقة مباشرة بين النظام وإسرائيل يمكن أن يشكل طوق النجاة للنظام والحصول على دعم دولي لمشروعها السياسي في سوريا.

من جانبها، نفت الخارجية السورية “بشكل قاطع” صحة معلومات تداولتها وسائل إعلام حول حصول لقاءات سورية إسرائيلية، بحسب بيان نقلته وكالة “سانا”.

وقال مصدر رسمي بوزارة الخارجية إن سوريا “كانت ولا تزال واضحة في سياستها وتتخذ قراراتها بما يخدم المصلحة الوطنية والقضايا العادلة للأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتحرير كامل الجولان العربي السوري المحتل والأراضي العربية المحتلة وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة”.

إيران تتوغل

من جهتها، تدرك إيران أن النظام السوري يبحث عن مخرج يعيده إلى المنظومة الدولية وتساعده في التخلص من القيود الإيرانية والروسية أو إحداها،  لذلك فإن طهران تسعى إلى عرقلة جهود النظام، وسبق أن عرقلت الجهود الروسية التي تنسق هذه التوجهات.

ولذلك سعت إيران لتثبيت وجودها السياسي والعسكري في شرق الفرات بسوريا على الرغم من الضغوط المتصاعدة من جانب القوى الإقليمية والدولية لتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، إذ تركز طهران على استمالة العشائر العربية، والتشكيك في الدعم الأمريكي للأكراد، بالتوازي مع تقاسم الأدوار مع تركيا.

ولا شك أن عدم استقرار الدول يصب في المصالح الإيرانية، حيث تخدم سوريا استراتيجية إيران في المنطقة، اقتصاديًا تمثل سوريا المخرج من أزمات تصدير النفط وتشكل الحقول النفطية مصدر هام وحيوي، ومن ناحية سياسية فهي تمثل الرابط الحيوي ما بين طهران وحزب الله، كما تؤمن لطهران الدفاع عن ممرات عبور السلاح للحزب في لبنان. ومن ناحية أيديولوجية تقع سوريا في عمق الهلال الشيعي المذهبي الذي يمتد من العراق مروراً بسوريا وصولاً إلى لبنان وتمتد للمنطقة.

ومن أجل هذا تدعم طهران النظام السوري بالأموال والأسلحة والميلشيات الموالية لها لفرض سيطرة النظام على المناطق الخاصة للمعارضة، الأمر الذي قد يعرقل أي محاولات لإخراج إيران في ظل عدم حصول النظام السوري على ضمانات تعيده للمنظومة الدولية ورفع العقوبات عنه، لذا تلجأ إيران من وقت لأخر لعمل تسويات مع اللاعبين الإقليميين تركيا وروسيا للحفاظ على نفوذها وتوغلها داخل سوريا، وهو الأمر دفع إسرائيل لمواجهته بطرق أخرى.

حرب خفية لإسرائيل

مساعي وتوغل طهران واجهتها  إسرائيل عبر تكثيف غاراتها على مواقع إيرانية في سوريا بدعم أمريكي، وهو ما أعلن عنه الجيش الإسرائيلي في تقريره السنوي لعام 2020، بتنفيذه 50 غارة جوية على أهداف سوريا وإطلاقه 500 قذيفة وصاروخ خلال العام الماضي بهدف «منع تموضع إيران في سوريا».

وفي ذات السياق، أعلن التلفزيون الرسمي السوري إن إسرائيل قصفت أهدافًا، في جنوب سوريا استهدفت قواعد للحرس الثوري الإيراني، وأسفرت عن مقتل ثلاثة عناصر من القوات الموالية لإيران، وإصابة 11 آخرين بعضهم في حالة خطيرة.

وقال اثنان من المنشقين العسكريين: إن الضربات أصابت منطقة “الكسوة” في الضواحي الجنوبية للعاصمة دمشق، وقواعد عسكرية تستخدمها جماعة حزب الله اللبنانية الموالية لإيران.

ولم يصدر تعليق فوري من المتحدث العسكري الإسرائيلي، لكن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قال الشهر الماضي إن الضربات الصاروخية “أبطأت ترسخ إيران في سوريا”.

ويُعتقد أن القواعد في شرق ووسط وجنوب سوريا، التي قصفتها إسرائيل في الأشهر الأخيرة، فيها وجود قوي للميلشيات المدعومة من إيران، وفقا لمصادر استخباراتية ومنشقين عسكريين.

وتقول مصادر استخباراتية غربية: إن تصعيد إسرائيل للضربات على سوريا، في الأشهر القليلة الماضية، جزء من الحرب الخفية التي وافقت عليها الولايات المتحدة، وجزء من السياسة المناهضة لإيران التي قوضت في العامين الماضيين القوة العسكرية الواسعة لطهران، دون إثارة زيادة كبيرة في الأعمال العدائية.

إدارة بايدن ومعضلة سوريا

بحسب تقرير “المونيتور” فإن إدارة ترامب المنتهية ولايتها لم تحقق نجاحات تذكر في الأهداف التي وضعتها، فيما يتعلق بالتواجد الإيراني داخل سوريا خلال الأعوام الأربعة الماضية.

ومع قدوم إدارة بايدن الجديدة، التي أعلنت مرارًا وتكرارًا أن مجابهة النفوذ الإيراني سيكون له أولويه بالنسبة لإدارته، فهناك توقعات بزيادة حجم النفوذ الإيراني في سوريا وذلك بعد أن أعلنت إدارة بايدن سعيها للتفاوض مع طهران والعودة للاتفاق النووي الذي لطالما شكل المعضلة الأساسية في توتر العلاقات مع إدارة ترامب.

 لكن المخاوف الإقليمية والدولية من تمدد إيران قد تدفع إدارة بايدن لإعادة النظر في التواجد الإيراني في سوريا، والذي ربما يخضع لتسويات سياسية بحسب المصالح الإقليمية، وهو الأمر الذي لن يُرضي إسرائيل ولذلك ستسعى لتكثيف ضرباتها لمنع تموضع إيران، إلا إذا توجهت روسيا بالتنسيق مع إدارة بايدن للاتفاق على إخراج إيران، وهو أمر مقترن بضمانات يسعى إليها النظام السوري قبل تخليه عن الداعم والحليف الاستراتيجي إيران.

ربما يعجبك أيضا