"امتلاك السلاح النووي لا يلغي العداء بين الدول، ولكن يساعدها على التحكم في مستوى التوترات بألا تذهب إلى حرب واسعة"
وسط التصعيد العسكري المتبادل بين إيران وإسرائيل، سادت مخاوف من أن تغيّر طهران عقيدتها النووية التي لطالما أكدت سلميتها، ما قد يشيع سباق تسلح نووي في المنطقة.
التراجع عن العقيدة النووية أمر غير مستبعد بالنسبة لإيران، التي كثيرًا ما لوحت بإمكانية التفكير في امتلاك السلاح النووي، خاصة مع امتلاكها قدرات مرتفعة لتخصيب اليورانيوم، ما يؤهلها للوصول إلى العتبة النووية الحرجة.
فقدان محور المقاومة
تشير تقارير غربية إلى الانتكاسات التي تعرض لها المحور الإيراني في الأيام الأخيرة، بعد اغتيال رئيس مكتب حماس السابق، إسماعيل هنية، وبعده أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ومعه نائب قائد فيلق القدس، عباس نيلفروشان، قد تندفع إيران إلى امتلاك السلاح النووي، خاصة أن محور المقاومة يمثل لها قنبلتها الذرية البديلة.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست”، أمس السبت 5 أكتوبر، رأي ديفيد أولبرايت، خبير الأسلحة النووية ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي، الذي قال: “إذا لم يكن محور المقاومة يعمل، فقد يكون الرادع الوحيد هو السلاح النووي”.
ويوضح سينا آزودي، الخبير في شؤون إيران: “عندما تفكر في رقعة الشطرنج، فإن حزب الله أنجح قوة ميليشيا أنشأتها طهران، وإن تدهور هذه القوة يجعل إيران أكثر عرضة للخطر، لأنه يمنح إسرائيل المزيد من حرية العمل في المنطقة”.
وفي مجلة “فورين بوليسي”، الأربعاء 2 أكتوبر، يقول ستيفن والت، المفكر الأمريكي الشهير: “لسوء الحظ، فإن هذه الأحداث تزيد من احتمالية أن تقرر طهران بناء ترسانة نووية، خاصة أن أفعال إسرائيل تمنحهم حافزًا أكبر للمطالبة بالردع النهائي”، موضحًا أن سلوك إسرائيل تجاه إيران، يبدو قصير النظر للغاية، أشبه بجورج بوش الابن في نهاية العملية العسكرية الأمريكية في العراق، الذي ظن أنها انتهت بمجرد إعلانه ذلك.
أمر مقبول
قالت صحيفة “روزكار” الإيرانية، اليوم الأحد 6 أكتوبر، إن إيران يمكن أن تعيد النظر في عقيدتها النووية، وأن المرشد الأعلى، علي خامنئي، قد يلغي فتوى تحريم السلاح النووي، خاصة بعد أن تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء، فإن الوحشية التي مارستها في غزة لبنان، بدون أية قيود أخلاقية، ومع إعلانها أن عدوها هو إيران، فإن ذلك بلا شك سيدفع طهران لامتلاك سلاح ردع.
ويقول فؤاد ايزدي، الخبير في القضايا الدولية، أن الوقت مناسب لأن تغير إيران عقيدتها النووية، لأن الجميع يتفهم الأمر، في ظل الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل والحاجة للتوازن.
وكانت طهران بالفعل، قد ألمحت، في مايو الماضي، على لسان مستشار المرشد الأعلى، كمال خرازي، أن بلاده قد تغير عقيدتها النووية إذا شعرت بالخطر، خاصة إذا تعرضت منشآت إيران النووية للقصف، فإن إيران ستعيد بناءها لأهداف عسكرية.
عامل استقرار
في حوار مع وكالة “إيرنا” الإيرانية، أمس السبت، أشار الخبير في الشؤون الأمنية، أبو الفضل بازركان، إلى أن امتلاك السلاح النووي في الشرق الأوسط ليس مدعاة للخوف، بل دافعًا للاستقرار والأمن، مشيرًا إلى أن تجربة الهند وباكستان، وكذلك الصين والهند تؤكد ذلك.
وفي رأي مخالف للرأي العام، أوضح الخبير الإيراني، أن امتلاك السلاح النووي لا يلغي العداء بين الدول، ولكن يساعدها على التحكم في مستوى التوترات بألا تذهب إلى حرب واسعة.
مضيفًا: “نمط التنافس على الأسلحة النووية وضرورته بالنسبة لإيران بدأ منذ 30 عامًا، لأننا لسنا حكومة عادية ولدينا تحديات وتهديدات خاصة في المنطقة، وبمجرد أن أصبحت جارتنا باكستان دولة نووية، غذت الحاجة إلى أن نصبح دولة نووية أخرى، لأنه وفقًا لمنطق ميزان القوى، عندما يكتسب جارك الكثير من القوة، فإنه يعتبر دون وعي تهديدًا لك، حتى إذا كان صديقك، وقد رأينا ذلك جيدًا في التوتر الذي كان بيننا وبين باكستان العام الماضي”.
وأشار بازركان نحو منطقة الخليج، قائلًا: “إذا نظرنا لوجود السفن النووية الأمريكية في الخليج وقواعدها حول إيران، التي هددتنا مرارًا وتكراراً بالأسلحة النووية، فإننا نشعر بالحاجة للتحول إلى السلاح النووي بشكل أكبر”.
ميزة مطلقة
أوضح الخبير الأمني الإيراني، أن التحالف بين روسيا والصين لم يكن كافيًا لتحقيق الأمن لروسيا أمام أوروبا، وإنما امتلاك ميزة مطلقة وهي السلاح النووي الذي لطالما لوّحت به موسكو في وجه الأوروبيين.
وعلى مستوى العلاقات السياسية، بيّن بزركان، أن امتلاك ميزة مطلقة يجعل إيران تجيد التعامل مع روسيا التي ترفض تسليمها طائرات سوخوي المتطورة وتستغلها في سوريا، كذلك سيجعل الصين لا تستغل يد إيران القصيرة في تحقيق مكاسب أكبر مع منطقة الخليج.
مضيفًا: “إننا متورطون وسط عاصفة بالمنطقة، وإسرائيل تهاجمنا، بل وحلفائنا أيضًا بشكل مستمر، المشكلة مع إسرائيل وأمريكا لا يمكن حلها بالاتفاق، ولكن بامتلاك الردع”.
من الأمن إلى القوة
في إشارة إلى تغيير موازين القوة والتنافس في المنطقة، إذا امتلكت إيران السلاح النووي، أوضح الخبير في القضايا الدولية: “عندما تصبح دولة ما نووية فإن التوترات لا تختفي، بل يتغيّر مستواها، أي أن التوترات تنتقل من الأمن إلى القوة، أي تنتقل التهديدات من الحرب المشتركة إلى التنافس”.
موضحًا: “الآن تتنافس أمريكا وروسيا في أوكرانيا، وتتنافس أمريكا والصين في تايوان، وقد جلبت الهند وباكستان منافستهما إلى أذربيجان، وهذا يعني أن طبيعة المنافسة تدخل في لعبة القوة. ومن الممكن إذا أصبحنا دولة نووية، فإن منافستنا مع إسرائيل في سوريا والعراق والخليج ستزداد، لكننا لم نعد قلقين من أنها ستهاجمنا أو تغتال قادتنا”.
مضيفًا: “حصول إيران على القنبلة الذرية يمنح إيران قدرة فعلية قوية جدًا لدعم فلسطين ومحور المقاومة، وهذا يؤثر ويملأ أيدينا ضد عدو مثل إسرائيل، الذي لا يلتزم بأي خط أحمر”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2003806