إسرائيل تبيع أنظمة دفاعية إلى أوكرانيا.. هل تتورط في حرب مع روسيا؟

حرصت إسرائيل على عدم تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب العام الماضي، قبل أن تغير موقفها.

وأورد موقع آكسيوس الأمريكي، في تقرير أمس الأول الأربعاء 15 مارس 2023، أن إسرائيل قررت دعم أوكرانيا بأنظمة دفاعية، بعدما استخدمت روسيا مسيّرات هجومية إيرانية الصنع، ما دفع كييف للضغط على تل أبيب للحصول على مساعدة عسكرية.

أمريكا لا تريد الحرب مع روسيا في سوريا

كانت إسرائيل تخشى تزويد أوكرانيا بأسلحة حتى لا تثير غضب روسيا، التي قد تمنع تل أبيب من تنفيذ غارات ضد حزب الله اللبناني في سوريا، بالإضافة إلى وجود آلاف اليهود في روسيا.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، لشبكة رؤية الإخبارية، أن سوريا بها قواعد روسية وقواعد أمريكية، وبالتالي يمكن لروسيا أن توجه ضربات إلى إسرائيل من سوريا، وقد تتدخل أمريكا في الصراع”، محذرًا من أن الصراع في سوريا سيكون أقوى من الحرب في أوكرانيا.

وقال الرقب إن الولايات المتحدة ليست على استعداد لإقحام إسرائيل في حرب مع روسيا، مشيرًا إلى أن إسرائيل قررت تسليم أنظمة التشويش لأوكرانيا، رد فعل منها على المصالحة بين السعودية وإيران بوساطة صينية.

تل أبيب تتعاون مع كييف

حسب آكسيوس، قال 3 مسؤولين إسرائيليين وأوكرانيين إن إسرائيل وافقت مؤخرًا على بيع محتمل لأنظمة تشويش مضادة للطائرات دون طيار، يمكن أن تساعد أوكرانيا في مواجهة المسيّرات (الطائرات دون طيار) الإيرانية التي استخدمتها روسيا خلال الحرب.

وهذه هي المرة الأولى منذ حرب الحرب الروسية الأوكرانية، التي توافق فيها إسرائيل على تراخيص تصدير مبيعات أسلحة إلى أوكرانيا.

إقحام إسرائيل في الحرب الأوكرانية

في تعليقه على إقحام إسرائيل نفسها في الحرب الأوكرانية، قال الدكتور أيمن الرقب إن إسرائيل حاولت بطريقة أو بأخرى التدخل في الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح أن إسرائيل تدخلت في الحرب من البداية من خلال تدريب قوات الكوماندوز التي تحمل الجنسية الإسرائيلية، داخل اسرائيل، وإرسالهم للعمل كقوات “مارينز” أو قوات خاصة داخل أوكرانيا.

مزاعم إيرانية وروسية

زعم الموقع الأمريكي أن إيران اعترفت بأنها سلمت بعض المسيّرات إلى روسيا قبل بدء الحرب، لكنها نفت ذلك بعد بدء الحرب. ونفت روسيا استخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع خلال الحرب، رغم الأدلة المتزايدة على أنها استلمت طائرات إيرانية.

وفي هذا الصدد، أشار  الرقب إلى أن العام الماضي شهد حديثًا كثيرًا عن الطائرة المسيرة الإيرانية التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا، حتى رغم أن روسيا ليست بحاجة إلى مثل هذه الطائرات، لأن قدرتها الدفاعية والعسكرية متطورة للغاية ولديها ما يفوق ذلك بكثير.

ما خلف الكواليس

قال مسؤولون إسرائيليون إن الموافقة على تراخيص التصدير من وزير الدفاع يوآف جالانت، ووزير الخارجية إيلي كوهين، جاءت في منتصف فبراير حين كانت إسرائيل تجري مراجعة لتأخذ الأمر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن سياسته تجاه الحرب. وقد اكتملت المراجعة لكن لم تصدر قرارات جديدة.

ووفقًا للموقع الأمريكي، أخطر كوهين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بالموافقة خلال رحلته إلى كييف في 15 فبراير.

لا اتفاق حتى الآن

أعلن مسؤولون إسرائيليون وأوكرانيون الموافقة على التراخيص لشركتي Elbit و Rafael الإسرائيليتين، اللتين تعملان على تطوير أنظمة مضادة للطائرات من دون طيار.

وصرح مسؤول أوكراني إلى آكسيوس بأن وفدًا من وزارة الدفاع الأوكرانية زار إسرائيل مؤخرًا، للحصول على عرض تقديمي عن أنظمة مكافحة الطائرات من دون طيار، لكن دون توقيع أي اتفاق حتى الآن.

ما هي أنظمة التشويش؟

اقترحت إسرائيل أن تشتري أوكرانيا أنظمة الحرب الإلكترونية لتشويش وإسقاط المسيّرات. ويبلغ مدى الأنظمة حوالي 25 ميلً،ا ويمكن وضعها بالقرب من محطات الطاقة أو المواقع المهمة الأخرى لحمايتها من الطائرات المسيّرة.

ونقل آكسيوس عن المسؤولين في كييف أن وزارة الدفاع الأوكرانية مهتمة بالأنظمة، لكنها لا تهتم بها كثيرًا لأنها تمكنت من اعتراض الطائرات المسيّرة بنجاح 90%.

البيزنس الأمني

أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أنه “بجانب العلاقات السياسية في الحروب، يوجد جانب آخر وهو البيزنس الأمني، وقد أصبح نمطًا معتادًا في المجتع الدولي”.

وأضاف الرقب أن “إسرائيل تبيع أسلحلة ومنظومات أمنية في المنطقة بالكامل، وإن وجدت فرصة للبيزنس مع أوكرانيا لن تتراجع، حتى تزيد مبيعاتها من جهة، ويكون لها دور في الحرب من جهة أخرى”.

أنظمة لا تقتل الجنود الروس

قال مسؤول أوكراني لآكسيوس: “ما نحتاج إليه حقًا هو نظام دفاعي ضد الصواريخ الباليستية”. وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن الموافقة على تراخيص التصدير ليست تحولًا في السياسة الإسرائيلية، لأن الأنظمة دفاعية بطبيعتها ولا تستخدم أي نيران حية يمكن أن تقتل الجنود الروس.

وفى هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن تزويد إسرائيل أوكرانيا بأنظمة تشويش مضادة للطائرات، ستؤثر في العلاقات الروسية الإسرائيلية التي كانت متوترة بالفعل خلال فترة حكم رئيس الحكومة نفتالي بينيت.

ولفت إلى أن “رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو، كانت له علاقة مميزة مع موسكو، ولكن مصالح الاحتلال تجعله يتصل مع التحالف والخصوم في نفس الوقت، وهي سمة معتادة، كي لا يخسر الطرفين، ويمكنه توطيد علاقته بأوكرانيا وموسكو دون أن يخسر أيًّا منهما”.

سر موافقة إسرائيل على دعم أوكرانيا

قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن تل أبيب تساعد كييف في المجالات الدفاعية والمدنية، لكن بعد مراجعة كل طلب وفقًا لسياسة التصدير الدفاعي إلى أوكرانيا.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لآكسيوس: “نحن لا نتحدث بالتفصيل عن ذلك لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي والسياسة الخارجية. لكن أحد أسباب موافقة إسرائيل على التراخيص هو معرفة كيفية أداء أنظمة الدفاع ضد الطائرات الإيرانية دون طيار”.

تأثر العلاقات الإسرائيلية الروسية

أوضح الرقب أن “روسيا لديها ورقة للضغط على إسرائيل ولكنها لا تستخدمها حتى الآن، فيمكنها منع طائرات الاحتلال من استخدام الأجواء السورية خلال قصف القواعد الإيرانية في سوريا”.

وأشار الرقب إلى أن “منظومة الدفاع الروسية لم تعمل حتى الآن على صد طائرات إسرائيل، وإن حدث تطور وصل إلى درجة اتخاذ مواقف، فقد تضطر روسيا إلى استخدام قواعدها في سوريا في صد الطائرات الإسرائيلية، وقد تمنع تل أبيب من تنفيذ عمليات متواصلة في سوريا”.

مصلحة واشنطن

أشار الرقب إلى أن الولايات المتحدة لم تتدخل مباشرة إلا في ما يخص الطائرة دون طيار الأمريكية التي أسقطتها روسيا فوق البحر الأسود قبل يومين. واستدرك: “لكن منظومة التشويش التي ستقدمها إسرائيل إلى أوكرانيا، ليست بحاجة إلى موافقة أمريكية”.

واعتبر الرقب أن “من مصلحة واشنطن أن تكون إسرائيل صاحبة نفوذ في المنطقة وأن تثبت وجودها، ولكنها لن تغامر بإقحام تل أبيب في الحرب، ولن تؤيد ضرب الطائرات الإسرائيلية للطائرات الروسية أو حتى مجرد الاشتباك معها”.