إسرائيل تنقل القتال تحت الأرض لشبكة أنفاق غزة التابعة لحماس.. هل تنجح في تدميرها؟

سر فشل إسرائيل في تدمير شبكة أنفاق حماس؟

شروق صبري
انفاق حماس

أمضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عقودًا من الزمن في توسيع وتحصين متاهة تحت الأرض (أنفاق) لمهاجمة الاحتلال.. فهل ستنجح إسرائيل في اكتشافها وتدميرها؟


تدخل الحرب في غزة مرحلة جديدة، حيث ينقل الجيش الإسرائيلي معركته تحت الأرض إلى شبكة الأنفاق الأسطورية تحت الأرض في القطاع.

وسيطرت القوات الإسرائيلية على جزء كبير من شمال غزة، على الأقل الأجزاء الواقعة فوق الأرض، وتحت المشهد الحضري المدمر في القطاع، لا تزال حماس هي المهيمنة. ويبدو أنها بداية معركة استمرت عقدين من الزمن. وأمضى مقاتلو حماس سنوات في توسيع الأنفاق وتحصينها وتحويلها إلى متاهة واسعة، بينما كانت إسرائيل تتدرب على تدميرها.

أنفاق حماس

قال ضابط عسكري إسرائيلي يدير معركة الأنفاق في شمال غزة، إنه من أجل تحقيق النصر، يقوم الجيش الإسرائيلي بجمع معلومات استخباراتية جديدة على الشبكة كل يوم، ويكتشف أنفاقًا جديدة وتقوم باستجواب المسلحين بينما تقوم بتجميع الأجزاء التي تعطي جيشها صورة أفضل للمدينة الواقعة تحت الأرض. وقالت إسرائيل إن قواتها قد اكتشفت بالفعل ما لا يقل عن 500 عمود.

وقالت إسرائيل، يوم الثلاثاء 14 نوفمبر، إن الجنود عثروا على عدة أنفاق أحدهما في مسجد والآخر خارج المستشفى الرئيسي في شمال غزة، حيث استخدموا روبوتًا للعثور على باب مقاوم للانفجار أسفل عمود يبلغ طوله 20 مترًا. ونشرت إسرائيل، الخميس 16 نوفمبر، لقطات مصورة لفتح نفق من داخل مجمع مستشفى الشفاء في غزة، في ظل تعرضها لضغوط دولية لتبرير قرارها بحصاره.

 جنود إسرائيل 1

شبكة حماس تحت الأرض

قالت وول ستريت جورنال يوم الجمعة 17 نوفمبر، إن قوات المتمردين، من الفيتكونغ في فيتنام إلى طالبان في أفغانستان، استخدمت منذ فترة طويلة شبكات الأنفاق لمحاربة الخصوم المجهزين تجهيزا جيدا، ولكن متاهة الأنفاق التي بنتها حماس لا مثيل لها. ووفقًا لمسؤولي الأمن الإسرائيليين، وتصريحات حماس، وسكان غزة والإسرائيليين الذين كانوا بالداخل، استخدمت حماس الأنفاق لتهريب الإمدادات وشن هجمات عبر الحدود داخل إسرائيل.

ويعتقد أن النظام بأكمله يمتد لمئات الأميال تحت غزة. وتشتمل الشبكة على أنفاق ضيقة بما يكفي لشخص واحد فقط، وأقسام أكبر، وغرف ومكاتب ومرافق طبية مصممة للاحتماء تحت الحصار. ويتم تهوية بعض الأنفاق وتعزيزها بجدران خرسانية، وتعمل بالطاقة الشمسية والوقود، وتشمل اتصالات بدائية. واتهمت إسرائيل حماس باستخدام إمدادات الوقود المحدودة في غزة لتشغيل نظام التهوية في الأنفاق.

جنود إسرائيل يبحثون عن أنفاق حماس

جنود إسرائيل يبحثون عن أنفاق حماس

نظام العمل في الأنفاق

قالت الأستاذة في جامعة رايخمان الإسرائيلية ومؤلفة كتاب عن القتال تحت الأرض، دافني ريتشموند باراك: “إنها شبكة الأنفاق الأكثر تطوراً على الإطلاق في الحرب”. وقال الضابط العسكري الإسرائيلي الذي يدير معركة الأنفاق إن الروبوتات الإسرائيلية التي تحمل الكاميرات تساعد في إعطاء إسرائيل نظرة جزئية على الأقل على من هم في الأنفاق وأين يتواجدون. وأضاف “هذا يعطينا بالفعل صورة جيدة دون إصابة جنودنا ودون الدخول إلى الأنفاق”.

وتابع أن إحدى الطرق الرئيسة التي تستخدمها القوات الإسرائيلية لتفجير الأنفاق هي ملئها بسائل متفجر يشبه الهلام. ويتم ضخ السائل إلى الأنفاق عبر خراطيم متصلة بشاحنات الحاويات. وأضاف أن المشكلة تكمن في أن الأمر يتطلب أطنانًا من السائل لتدمير عدة مئات من الأمتار من الأنفاق، مضيفًا أن الجيش يطور طرقًا أخرى لتدميرها.

شبكة الأنفاق

وألمح وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف جالانت، إلى أن الجيش لديه تقنيات جديدة لتدمير شبكة الأنفاق. مضيفًا أن إسرائيل تسعى لاكتشاف وتدمير وتطويق ما يكفي من الأنفاق حتى تضطر حماس إلى الاستسلام أو الخروج.

لتدمير شبكة الأنفاق بأكملها، يقول المحللون العسكريون إن إسرائيل ستحتاج على الأرجح إلى استخدام إما ذخائر خارقة للتحصينات أو أسلحة حرارية، تحتوي على خليط يتطاير ويشتعل، مما يؤدي إلى انفجار الحواجز والتدفق داخل الهياكل. وقد حذرت المجموعات الإنسانية من خطورة استخدام الأسلحة الحرارية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل غزة.

احتجاز الرهائن

يُعتقد أن حماس تستخدم الأنفاق لاحتجاز أكثر من 200 رهينة احتجزتهم في 7 أكتوبر. إذ قالت شارون ليفشيتز وهي ابنة احدى الرهائن، التى أطلق سراحها الشهر الماضي في صفقة توسطت فيها مصر وقطر، إن والدتها وصفت كيف تم نقلها إلى الانفاق بعد اختطافها من الكيبوتس الخاص بها.

وقالت يوتشيفيد ليفشيتز، 85 عاماً، إنها ومجموعة من الرهائن الآخرين ساروا بضعة أميال في أنفاق بعرض عربة يدوية قبل أن يصلوا لغرفة كبيرة مغطاة بالبلاط. وعندما وصلوا قال أحد المسلحين: “مرحبا بكم في غزة تحت الأرض”. ونُقلت ليفشيتز وعدد قليل من الرهائن لغرفة أصغر تضم حمامًا ودشًا ومراتب. وكان بإمكانهم سماع دوي الانفجارات فوق الأرض عند خروجهم من الأنفاق قبل إطلاق سراحهم في أكتوبر. وقد ساروا لفترة طويلة قبل أن يخرجوا عبر سلسلة من السلالم.

رهائن لدى حماس

رهائن لدى حماس

حياة الرهائن

تستخدم حماس الأنفاق لنصب كمائن ضد القوات الإسرائيلية في غزة، حيث تطلق بنادق هجومية وقنابل يدوية وصواريخ مضادة للدبابات، قبل أن تعود إلى مكان آمن تحت الأرض. ولقي أربعة جنود حتفهم الأسبوع الماضي في انفجار نفق مفخخ.

وسعت إسرائيل إلى تدمير الأنفاق خلال حملتها الجوية الأولية، لكن الجيش الإسرائيلي يقول إن قواته على الأرض في غزة كشفت عن مئات الأنفاق الأخرى. ومع كل اكتشاف، يجب عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون تدميره أم لا. يمكن أن يؤدي تدمير الأعمدة إلى منع الكمائن، لكن مثل هذه العمليات تخاطر أيضًا بتعريض حياة الرهائن للخطر.

اندلاع الأعمال العدائية

وفقًا للمحلل العسكري الإسرائيلي أمير أفيفي، تعتبر الأنفاق مشكلة عسكرية مركزية لدرجة أن إسرائيل لديها وحدة عسكرية خاصة تسمى “دايموند”، لديها أسلحة ومتفجرات مصممة للأنفاق. والوحدة الآن مدمجة مع قوات المشاة والمدرعات في غزة ولديها وحدة قتالية خاصة بها مدربة على القتال تحت الأرض بمراكز تدريب وهمية في إسرائيل.

وساعد خنق شبكة التهريب التابعة لحماس في اندلاع الأعمال العدائية عام 2014، عندما اكتشف الجيش الإسرائيلي عشرات الممرات العابرة للحدود من غزة. لقد فاجأ تطورها الإسرائيليين، فأحد الأنفاق يحتوي على مدخل بعمق 165 قدمًا ويمتد حوالي ميلين تحت الأرض قبل أن يظهر فوق الأرض بالقرب من أحد الكيبوتسات بإسرائيل. وكان سقفه الخرساني المقوس يبلغ ارتفاعه حوالي 5 أقدام. وكانت أسلاك الهاتف والكهرباء، إلى جانب القضبان لنقل البضائع، تمتد على طولها.

شهداء فلسطين

شهداء فلسطين

نظام العقبة

كان اكتشاف شبكة الأنفاق ذا أهمية كبيرة لدرجة أن أهداف الحرب المعلنة لإسرائيل تحولت من وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية إلى سد وتدمير الممرات تحت الأرض. وقال أفيفي: “عندما أنهينا العملية في عام 2014، كان هناك فهم واضح بأننا بحاجة إلى أخذ هذا التهديد على محمل الجد”.

بدأ الجيش الإسرائيلي في الاستثمار في التدريب على القتال في الأنفاق، وتكنولوجيا اكتشافها ورسم خرائط لها، وطرق تدميرها كما بنت تل أبيب حاجز تحت الأرض حول غزة واستثمر ت في نظام للكشف عن حفر الأنفاق يسمى “العقبة”، وفي الوقت نفسه، جعلت حماس التحصين داخل غزة أولوياتها، ووظفت  الآلاف من سكان غزة والموظفين في جناحها العسكري لبناء الأنفاق، و ومات بعضهم في الممرات المنهارة.

ربما يعجبك أيضا