أثار مشروع إصلاح مدونة الأسرة المغربية، الذي بدأ العمل عليه عام 2023، اهتمامًا واسعًا في المغرب، حيث تعد خطوة هامة نحو تحديث التشريعات الأسرية بما يتماشى مع حقوق الإنسان والتزامات المملكة الدولية.
وتعود بداية الإصلاحات القانونية في هذا المجال إلى عام 2004، عندما تم إصدار المدونة لأول مرة بعد مشاورات واسعة النطاق، وأدى ذلك إلى تحولات جذرية في علاقات الأسرة، وخاصة حقوق المرأة، وفق وسائل إعلام مغربية.
سياق الإصلاح والمراحل التمهيدية
بدأت فكرة الإصلاح في إطار خطاب العرش لعام 2022، عندما دعا الملك محمد السادس إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة من خلال اعتماد منهجية تشاورية تأخذ في الاعتبار التوازن بين مبادئ الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان.
وبحلول يناير 2023، جرى تكليف وزارة العدل مع الهيئات المعنية مثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بتقديم مقترحات لتعديل المدونة، وشهدت هذه الورشة التشاورية نقاشات حادة بين تيار محافظ يتمسك بالمرجعية الدينية وآخر حداثي يطالب بتعزيز حقوق الأفراد بما يتماشى مع القوانين الدولية.
ونقلت صحيفة “هسبريس” المغربية الإلكترونية، عن قيادات في حزب التجمع الوطني للأحرار، الدعوة لدورة عادية لمجلسه الوطني بالرباط، حيث تم التركيز بشكل خاص على ورش إصلاح مدونة الأسرة، وناقش أعضاء الحزب أهمية هذا الإصلاح كأحد المشاريع الكبرى التي أعلنها الملك محمد السادس، وأكدوا ضرورة المساهمة الفعالة من الحزب في هذا الورش.
خطوة هامة
أشاد القياديون في الحزب بتقدم الحكومة في تعزيز الحقوق الاجتماعية، مؤكدين أن إصلاح مدونة الأسرة خطوة هامة في مسار بناء دولة اجتماعية تراعي حقوق الأفراد.
أكد الحزب ضرورة دعم الإصلاح بما يتماشى مع تطلعات المواطنين، مشيرين إلى أهمية الانخراط في الحوار العمومي بطريقة موضوعية بعيدة عن الشعبوية.
المحاور الرئيسية للإصلاحات المقترحة
تمحورت التعديلات المقترحة حول عدة نقاط رئيسية، أبرزها الحضانة، والطلاق، والزواج المبكر، وتعدد الزوجات، وتقاسم الثروة بين الزوجين، إضافة إلى قضايا أخرى ذات صلة بحقوق المرأة والأسرة بشكل عام.
إحدى النقاط الأكثر إثارة للاهتمام، كانت الحضانة، حيث اقترحت التعديلات احتفاظ تحتفظ الأم بحضانة أطفالها بعد الطلاق حتى في حال زواجها مجدداً، ويضمن القانون الجديد استمرارية نفقة الأب على الأطفال حتى بعد طلاقه، في حين يمكنه طلب إسقاط الحضانة إذا ثبت أن مصلحة الطفل لن تتحقق مع الأم.
أما عن الزواج، فقد تم تحديد سن الزواج القانوني عند 18 عاماً مع استثناء في حالات خاصة يسمح بالزواج للقاصرات في سن 17 شريطة استيفاء شروط صارمة تضمن احترام حقوق الفتاة وحمايتها، وفيما يتعلق بـ تعدد الزوجات، جرى إدخال تعديل ينص على ضرورة موافقة الزوجة الأولى في حال رغب الزوج في الزواج من امرأة أخرى، مع اعتبار هذا الشرط إلزامياً إذا تم إدراجه في عقد الزواج.
تفاصيل إضافية
أما عن تقاسم الثروة، تمثل المراجعة الجديدة خطوة هامة في مجال تقاسم الممتلكات الزوجية، إذ يعتبر العمل المنزلي للمرأة مساهمة فعلية في تكوين الثروة، ويحق لها مطالبة بحصة من الممتلكات المكتسبة خلال فترة الزواج، ولكن هذا الحق يخضع لعدة عوامل مثل مدة الزواج وظروف الطرفين.
وبالنسبة إلى السكن بعد وفاة الزوج، تضمن التعديلات للأرملة والأبناء الاستمرار في العيش في بيت الزوجية لفترة معينة بعد وفاة الزوج، مما يوفر حماية للأسرة من التشرد دون أن يشمل هذا التعديل تمليك البيت للزوجة بشكل دائم.
وفيما يتعلق بـ شهادة الزواج في الخارج، جرى إدخال تعديل يسمح للمغاربة المقيمين بالخارج بالزواج دون الحاجة إلى حضور شاهدين مسلمين في حال تعذر ذلك، في خطوة تستجيب لمتطلبات الحياة في الخارج.
الإجراءات القانونية القادمة
حالياً، تواصل الحكومة المغربية العمل على صياغة النصوص القانونية المفصلة للتعديلات، والتي سيتم عرضها على غرفتي البرلمان للمناقشة والموافقة عليها.
ومن المتوقع أن يتم هذا في مدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وهي الفترة التي ستشهد مزيداً من النقاشات العامة والشعبية حول تفاصيل القانون.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2107999