«إقالة رئيس الشاباك».. كيف يهدد نتنياهو مؤسسات الدولة؟

شروق صبري

تشهد إسرائيل تطورات سياسية وأمنية غير مسبوقة، مع تصاعد الجدل حول قرارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تستهدف شخصيات بارزة في المنظومة الأمنية والقضائية.

في ظل حكومة يُنظر إليها على نطاق واسع بأنها ضعيفة أمام نفوذه، يسعى نتنياهو إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني وفقًا لرؤيته، مما يثير مخاوف من تهديد استقلالية مؤسسات الدولة.

أزمة سياسية وأمنية

وفق ما نشرت معاريف الإسرائيلية تشير مصادر مقربة من المشهد السياسي إلى أن نتنياهو بات أكثر اندفاعًا في قراراته الأخيرة، خصوصًا بعد فتح تحقيقات ضد مقربين منه تتعلق بعلاقات مشبوهة مع دولة عربية.

وقد دفعته هذه الضغوط إلى محاولة إقالة شخصيات رئيسية مثل رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) روني بار، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لحماية مصالحه الشخصية أكثر من كونها تصحيحًا لأخطاء مؤسساتية.

نتنياهو ينضم لقائمة.png

التداعيات السياسية والأمنية

تعد إقالة رئيس الشاباك خطوة غير مألوفة في إسرائيل، حيث يتمتع هذا المنصب بحصانة نسبية نظرًا لأهميته في الحفاظ على الأمن القومي. لكن التحليلات تشير إلى أن نتنياهو لا يهدف إلى تصحيح إخفاقات أمنية تتعلق بأحداث 7 أكتوبر، بل يسعى للتخلص من الأصوات التي تعارض نهجه.

في حال نجح نتنياهو في استبدال رئيس الشاباك بشخصية موالية له، قد يشكل ذلك سابقة خطيرة يمكن أن تحول الجهاز الأمني إلى أداة سياسية بدلاً من مؤسسة وطنية مستقلة. هذا السيناريو يثير القلق حول إمكانية تحول الشاباك إلى ما يشبه “الشرطة السرية” التي تعمل وفقاً لأجندة الحكومة، بدلاً من حماية الديمقراطية والمصلحة العامة.

استقلالية القضاء

إلى جانب استهداف الشاباك، يركز نتنياهو جهوده على إضعاف النظام القضائي الإسرائيلي، من خلال محاولاته المستمرة لإقالة المستشارة القانونية غالي بهراف ميارا. يأتي هذا في إطار معركة أوسع يخوضها ضد المؤسسات القضائية، والتي يرى فيها عقبة أمام تنفيذ سياساته دون قيود قانونية.

يعتمد نتنياهو في حملته على نموذج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي خاض معارك قانونية ضد “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة.

ومن الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى إلى تقليد هذه الاستراتيجية، لكنه يتجاهل الفارق الكبير بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تملك الأخيرة دستوراً يحمي توازن القوى بين السلطات.

موقف نتنياهو السياسي

في السنوات الماضية، كان نتنياهو أكثر حذراً في اتخاذ قراراته، لكنه الآن يبدو أكثر استعداداً لاتخاذ خطوات جذرية، مدفوعاً بتأثير عائلته والمقربين منه. تشير التقارير إلى أن مساعديه أقنعوه بأن بإمكانه اتخاذ إجراءات صارمة دون إثارة ردود فعل قوية، مستشهدين بإقالة وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، التي مرت دون عواقب كبيرة.

هذه النزعة نحو القرارات الأحادية الجانب تعكس تغيراً جوهرياً في أسلوب نتنياهو، الذي كان في السابق أكثر توازناً في تعامله مع المعارضة والانتقادات الداخلية. ومع ذلك، فإن محاولاته لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقضائية قد تؤدي إلى ردود فعل قوية داخل المجتمع الإسرائيلي، مما يفتح الباب أمام احتجاجات واسعة قد تؤثر على مستقبله السياسي.

تهديد مؤسسات الدولة

مع تصاعد هذه التطورات، يتزايد القلق بشأن مستقبل إسرائيل، حيث يرى معارضو نتنياهو أن قراراته تمثل تهديداً لمؤسسات الدولة. في المقابل، يرى أنصاره أن هذه الإجراءات ضرورية لضمان استقرار الحكومة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

ومع اقتراب الانتخابات، تصبح هذه القضايا محوراً رئيسياً في الجدل السياسي الإسرائيلي. يرى الكثيرون أن المعركة القادمة ليست فقط حول من سيتولى السلطة، بل حول مستقبل إسرائيل كنظام يحترم استقلالية المؤسسات، أم كنظام يتحول تدريجياً إلى حكم أكثر سلطوية.

ربما يعجبك أيضا