إمبريالية القرن الـ19.. خطط ترامب للسيطرة على العالم

بسام عباس
ترامب

بعد أن خاض حملته الانتخابية على أساس سياسة إنهاء الحروب وإحلال السلام ووضع الولايات المتحدة في المقام الأول وفك ارتباط البلاد بالعالم، قرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب هذا الأسبوع إحياء الإمبريالية التي تعود إلى القرن الـ19.

وفي مؤتمر صحفي واحد، أعلن ترامب أنه يفكر في جعل كندا ولاية والاستحواذ على جرينلاند وقناة بنما بالإكراه الاقتصادي، ورفض استبعاد استخدام القوة العسكرية في الحالتين الأخيرتين، فإلى أي طريق سيقود ترامب أمريكا؟

 إمبريالية جديدة

أوضح الكاتب والمعلق الأمريكي فريد زكريا، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية،في 11 يناير 2025، أن حديث ترامب عن كندا “يبدو وكأنه مجرد استفزاز”، في حين أن جرينلاند وقناة بنما تمنحان فوائد استراتيجية ملحوظة.

وأضاف أن الولايات المتحدة كانت مؤثرة للغاية في جميع أنحاء العالم، لأنها كانت قادرة على إقناع الآخرين بأنها تسعى إلى العمل ليس فقط لمصلحتها الذاتية الضيقة ولكن لمصالح أوسع نطاقًا، وأنها تريد السلام والاستقرار والقواعد والمعايير التي تساعد الجميع، لافتًا أن روح “الإمبريالية الجديدة” التي يتبناها ترامب تقوض كل هذا.

يرفضها الحلفاء والخصوم 2.png

وذكر فريد أن ترامب، في المؤتمر الصحفي، اقترح التخلص من “الخط المرسوم بشكل مصطنع” بين كندا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن هذا بالضبط ما قاله الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن الخط الفاصل بين روسيا وأوكرانيا، أو ما قاله الزعيم الصيني، شي جين بينج، عن تايوان. ما يجعل روسيا والصين في مصاف الدول العظمى.

هل الصين السبب؟

قالت مجلة “الإيكونومست”، في تقرير نشرته 9 يناير 2025، إن رسوم عبور قناة بنما منخفضة عادة للولايات المتحدة، وتتمتع البحرية الأمريكية بالفعل بإمكانية وصول رخيصة وتفضيلية، وتساءلت: لماذا يهدد السيد ترامب بالاستيلاء على القناة؟ مشيرةً إلى إمكانية أن يكون الهدف من وراء ذلك له علاقة بالصين.

وتتابع المجلة: “قد تكون الإجابة الأبسط هي أن الرئيس المنتخب يعبر عن رجولة جيوسياسية، كما فعل باقتراحه الاستيلاء على جرينلاند، وقد يرغب أيضًا في الضغط على بنما للحد من النفوذ الصيني فيها، وعلى عكس مزاعم ترامب، لا يقوم الجنود الصينيون بتشغيل القناة، ولكن الدبلوماسيين ورجال الأعمال الصينيين يتمتعون بنفوذ في بنما.

وذكرت أن بنما، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، أنهت علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان وأقامتها مع الحكومة الصينية، ما أدى إلى تسريع الاستثمار الصيني في مشاريع البنية التحتية الكبرى في بنما، وفي عام 2021 جددت بنما لمدة 25 عامًا امتياز ميناء رئيسًا لشركة مقرها هونج كونج.

علاقة ترامب والصين

في عام 2017، تولى ترامب منصبه بعد أن انتقد الصين بشدة خلال حملته الانتخابية، مدعيًا أن ممارسات التجارة غير العادلة وتشريد الوظائف الأمريكية، والتي كانت في نظر ترامب خطأ عقود من سياسات التجارة الحرة التي تنتهجها واشنطن مثل أي شيء آخر.

ولكن ترامب تراجع عن موقفه في نوفمبر من عامه الأول في منصبه، بعد أن وقع على مجموعة من الاتفاقيات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أن يلوم الصين على قدرتها على الاستفادة من دولة أخرى من أجل مواطنيها.

لا داعي للذعر

يسلط العدد الجديد من مجلة “فورين أفيرز”، الضوء على المسار الحالي، حيث يدعو جود بلانشيت وريان هاس، إلى عدم الخوف من الصين، فعلى الرغم من نموها التكنولوجي والعسكري، فإنها تفتقر إلى شبكة التحالف القوية التي تمتلكها واشنطن، كما أنها تعاني من الديون الثقيلة، والنمو الاقتصادي البطيء، وتراجع عدد السكان في سن العمل، وأنه لا داعي للذعر بشأن صعود الصين.

وفي نفس العدد من المجلة الأمريكية، قارن المؤرخ نيل فيرجسون بين ترامب و”رونالد ريجان”، لافتًا إلى أن ترامب يشترك في غرائز ريجان من ناحية العدوان الأولي، ثم المرونة وعقد الصفقات، وقال إن ترامب يهدف إلى المساومة، معتقدًا أن الرئيس المنتخب يمكنه إدارة المفاوضات مع بكين بشكل رائع، وتجنب نقاط الاحتكاك التي قد تؤدي إلى الحرب.

استراتيجيات ترامب مع الصين

في العدد الحالي من مجلة “جلوبال آسيا”، يتفق جون ديلوري مع دوافع ترامب، متوقعًا أن يركز ترامب على التجارة بينما يسعى إلى صفقة دبلوماسية كبرى مع الصين، فيما طرح “وو شينبو”، في مقال كتبه أيضًا في المجلة نفسها، عدة سيناريوهات محتملة.

ومن هذه السيناريوهات أن يتبنى ترامب نهجًا “صارمًا ومدروسًا” تجاه الصين وتظل التوترات “قابلة للإدارة”، أو أن تعمل الإدارة الجديدة على إجهاد العلاقة برمتها و”إشعال حرب اقتصادية كبرى”، أو أن يفشل ترامب في انتزاع التنازلات من بكين، ما يمنح الصقور الإيديولوجيين والجيوسياسيين في إدارته حرية التصرف لفعل ما يحلو لهم.

ربما يعجبك أيضا