إيران وإسرائيل وبينهما لبنان.. كلاهما ماذا يريد؟

لبنان رهينة حرب بين إيران وإسرائيل

يوسف بنده

"نحن مستعدون للتخلي عن جميع أسلحتنا بشرط أن تتخلى إسرائيل أيضًا عن أسلحتها، وأن تأتي منظمة دولية لتوفير الأمن في المنطقة".


يبدو أن لبنان بات رهينة إيرانية، إذ تشن إسرائيل هجمات مكثفة على حزب الله في جنوب لبنان، في إشارة إلى نقل الجبهة من غزة إلى لبنان.

ما وضع إيران في حرج، إذا ما كانت ستلتزم باستراتيجية وحدة الساحات التي أعلنتها منذ عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023. وخاصة أن حزب الله درة تاج فصائل المقاومة الموالية لإيران في المنطقة.

الأزمة في إسرائيل

كانت الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان التي راح ضحيتها الآلاف فرصة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال تواجده في نيويورك، حيث أشار إلى أن الأزمة تكمن في إسرائيل التي لا توقف الحرب في غزة وتستبيح المدنيين.

فقد أكد الرئيس الإصلاحي على سلمية الدور الإيراني، مشيرًا إلى أن إسرائيل تريد جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة باستفزاز إيران إلى الصراع الدائر منذ نحو عام بين إسرائيل وجماعة حزب الله المدعومة من طهران في لبنان، مؤكدًا: “لا نرغب في أن نكون سببًا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط لأن عواقبه ستكون لا رجعة فيها”.

اجتماع الرئيس الإيراني مع مدراء وسائل الإعلام الأمريكية في نيويورك 7

اجتماع الرئيس الإيراني مع مدراء وسائل الإعلام الأمريكية في نيويورك

الحل بالحوار بين إيران والغرب

لا تريد إيران فتح حرب جديدة في المنطقة، لأن ذلك ليس ضمن أولوياتها في الوقت الراهن، فهي لن تدخل حربًا لم تختر توقيتها، وإنما الأولوية الآن للحوار مع الغرب من أجل تخفيف العقوبات الغربية، لملاحقة التحولات الاقتصادية في المنطقة، وليس الانشغال بحرب مع إسرائيل.

وهذه الرؤية أكد عليها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي قال أمس الاثنين 23 سبتمبر، إن “الكيان الاسرائيلي يتصرف بعجز ويسعى الى توسيع نطاق الحرب وجر الدول الأخرى إلى الحرب وزيادة حدة التوتر بما في ذلك أمريكا وإيران، وذلك اعتقادًا أنه بتصرفاته هذه سيخرج من المأزق الذي أوقع نفسه فيه”. مؤكدًا على أن “إيران يقظة لهذا الامر ولن تقع بفخ الكيان الصهيوني”.

هذه الرؤية الجديدة في الخطاب الإيراني، تسعى إلى حشر إسرائيل في الزاوية، بأنها باتت تلعب الآن دور الفتى المشاغب الذي يصنع المشكلات حتى لحلفائه الغربيين. وأن الحظة الراهنة تحتاج للحوار بين إيران والغرب لإعادة التهدئة في المنطقة.

وهو ما أكده الرئيس الإيراني أيضًا خلال اجتماعه مع مدراء وسائل الإعلام الأمريكية، قائلًا: “جوهر رسالتنا.. تعالوا نتعاون لنتجنب الحرب؛ فما يمكن حله بالحوار لا يجب حله بالصواريخ والأسلحة”.

حان الوقت لإنهاء الحرب

كانت تصريحات الرئيس الإيراني خلال لقائه مع الصحفي الأمريكي، فريد زكريا، لصالح شبكة سي إن إن الأمريكية، رسالة من إيران إلى العالم الغربي، بأنه قد حان الوقت للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة حتى تتوقف في الحرب في لبنان.

فقد قال بزشكيان، إن “الخطر قائم من أن تمتد نار الأحداث التي تجري في لبنان إلى المنطقة برمتها”. وهي رسالة تحذير بضرورة أن تتدخل القوى قبل أن تصل المنطقة إلى ما تخشاه القوى الإقليمية والدولية من اتساع دائرة الحرب.

صواريخ فادي 1 و 2

صواريخ فادي 1 و 2

لن نترك حزب الله

أجاب بزشكيان إن كانت إيران تتخلى الآن عن حزب الله أم لا، بينما يتعرض لضربات قاسية من إسرائيل، ولكن كانت إجابته في إطار الحفاظ على الصورة التي تريدها إيران لسياستها في المرحلة المقبلة، وهي أولوية الحوار مع الغرب.

فقد قال بزشكيان: “حزب الله اللبناني لا يستطيع مواجهة إسرائيل منفردًا.. لا يمكن أن يقف وحده أمام دولة تدافع عنها وتدعمها وتغذيها الدول الغربية والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية”.

وأضاف: “حزب الله يواجه دولة مسلحة بشكل جيد جدًا ولديها إمكانية الوصول إلى أنظمة أسلحة تفوق بكثير أي شيء آخر”. ومحذرًا: “لا يجب أن نسمح بأن يصبح لبنان غزة أخرى على أيدي إسرائيل”.

في إشارة إلى تورط القوى الغربية في دعم إسرائيل، وأن الحزب في حاجة للدعم الإيراني، حتى إن كان غير مباشر عن طريق فصائل الإسناد وإستراتيجية وحدة ساحات المقاومة.

وكذلك أيضًا، إشارة إلى أن توقف الحرب في المنطقة لا ينتظر قرار إسرائيل، وإنما قرار الدول الداعمة لأطراف هذه الحرب.

ما يعني ضرورة الحوار بين إيران والقوى الغربية. فإن إيران لن تتخلى عن أكبر قوة وكيلة لها، وإلا فقدت أوراقها للضغط على المنطقة والعالم.

مرصد مراكز الأبحاث

حزب الله في جنوب لبنان

استعادة التوازن

الوصول إلى حرب مفتوحة مع حزب الله، يمكن أن يوسع نطاق هذه الحرب، خاصة إذا تم الاتفاق مع المرجعيات الشيعية على عملية استنفار شيعي، ما يمكن أن يهدد المنطقة على غرار ما حدث أيام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا.

والواضح أن إيران تستغل المخاوف الإقليمية والدولية في إطار استعادة التوازن في المنطقة، فقد قال الرئيس الإيراني، أمس الاثنين: “يطلبون من إيران عدم مساعدة فصائل المقاومة، لكنهم يسلحون إسرائيل التي تهدد الآخرين. يريدون من إيران أن توقف برنامجها الصاروخي، لكن إسرائيل تستطيع أن تمتلك أي سلاح تريده”.

مضيفًا: “نحن مستعدون للتخلي عن جميع أسلحتنا بشرط أن تتخلى إسرائيل أيضًا عن أسلحتها، وأن تأتي منظمة دولية لتوفير الأمن في المنطقة”.

بذلك، تكون رسالة بزشكيان التي تعبر عن رؤية النظام الإيراني، أن لا تهدئة في المنطقة دون استعادة التوازن، وذلك بأن تتراجع إسرائيل عن فرض رؤيتها على المنطقة، بالتركيز على عزل إيران عنها.

نتنياهو وقادة الحرب

ماذا تريد إسرائيل؟

حتى الآن، تشير طبيعة عمليات إسرائيل النوعية ضد حزب الله من استهداف القادة العسكريين ومخازن الأسلحة، أنها لا تريد حربًا مفتوحة، إنما تريد الإمساك بأوراق يمكنها التفاوض عليها. خاصة أن هدفها الأول هو تفكيك إستراتيجية وحدة الساحات، التي تجعل حزب لا يتوقف عن الحرب معها طالما الحرب طائرة في غزة.

من أجل الوصول إلى الهدف الثاني، وهو تنفيذ القرار الأممي 1701 الذي يبعد قوات حزب الله اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني، حتى تضمن تل أبيب تحقيق منطقة عازلة، تسمح لسكان المستوطنات الشمالية بالعودة بعد نزوحهم في المخيمات. وهو إذا ما تم انتصار كبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الذي يسعى لاستعادة شعبيته السياسية.

وما كشفته شبكة سي إن إن اليوم الثلاثاء، 24 سبتمبر، أن تل أبيب أبلغت واشنطن أن الحرب الشاملة ليست الهدف من ضرباتها على لبنان، وأن الهدف هو الحل الدبلوماسي من خلال التصعيد. وكذلك تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن “الجيش يعمل على تغيير ميزان القوى في الشمال من خلال إزالة صواريخ حزب الله”. مؤشر على رغبة إسرائيل الوصول إلى طاولة المفاوضات بأوراق قوية، خاصة إبعاد حزب الله عن إسناد حماس في غزة، من أجل عودة سكان المستوطنات الشمالية إلى بيوتهم.

ربما يعجبك أيضا