بات الملياردير إيلون ماسك، إلى صدارة المشهد، وهذه المرة ليس عبر “إكس” أو مشاريعه في الفضاء، بل من خلال محاولته الحثيثة للاستحواذ على شركة “أوبن إيه آي”، صاحبة نموذج الذكاء الاصطناعي الثوري “تشات جي بي تي”.
المعركة بين ماسك وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي“، لا تقتصر على صفقة استحواذ تقليدية، بل تكشف صراعًا أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، واتجاهاته، ومن سيكون صاحب النفوذ الأكبر في تشكيل هذا المستقبل.
عرض ماسك.. ورفض ألتمان بسخرية
في خطوة مفاجئة، قاد ماسك مجموعة مستثمرين لتقديم عرض بقيمة 97.4 مليار دولار لشراء “أوبن إيه آي”، مستهدفًا المؤسسة غير الربحية التي تحتفظ بسلطة إشرافية على الشركة. لكن رد ألتمان كان قاطعًا وساخرًا، حيث كتب على منصة “إكس”: “لا، شكرًا. لكن يمكننا شراء تويتر مقابل 9.74 مليارات دولار إذا أردتم!”.
تصريح ألتمان لم يكن مجرد رد ساخر، بل يعكس رفضًا قاطعًا لصفقة يرى أنها محاولة من ماسك “لإبطاء تقدم أوبن إيه آي”، وفق ما أبلغ به موظفيه، بحسب إذاعة “مونت كارلو” الأربعاء 12 فبراير 2025.
لماذا يريد ماسك “أوبن إيه آي”؟
لا يأتي اهتمام ماسك بالشركة من فراغ، فبينما يسعى ألتمان إلى تحويل “أوبن إيه آي” إلى كيان ربحي وجمع 500 مليار دولار لتمويل بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي عبر مشروع “ستارغيت”، يرى ماسك أن الشركة انحرفت عن أهدافها الأصلية كمنصة مفتوحة المصدر تركز على السلامة والمسؤولية.
محامي ماسك، مارك توبروف، صرح بأن عرض الاستحواذ يهدف إلى “إعادة أوبن إيه آي إلى مسارها الصحيح”، حيث يؤمن ماسك بأن الشركة أصبحت مهووسة بجني الأرباح بدلًا من التركيز على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
لكن بعيدًا عن هذه التصريحات، هناك بعد آخر للقصة: المنافسة التجارية، ماسك نفسه دخل سباق الذكاء الاصطناعي عبر شركته “إكس إيه آي”، ومن مصلحته إضعاف “أوبن إيه آي” أو فرض نفوذه عليها.
خلاف قديم.. وتحول إلى حرب مفتوحة
المواجهة الحالية ليست جديدة تمامًا، بل تمتد جذورها إلى عام 2015، عندما كان ماسك أحد مؤسسي “أوبن إيه آي”، لكنه غادرها لاحقًا في 2019 بسبب خلافات حول التمويل والرؤية المستقبلية للشركة.
وفي يونيو 2024، بدأ ماسك معركته القانونية ضد “أوبن إيه آي”، متهمًا إياها بالتخلي عن طابعها غير الربحي لصالح “تعظيم الأرباح”، لكن الشركة ردت بنشر رسائل بريد إلكتروني قديمة تكشف أن ماسك نفسه كان يضغط منذ البداية على ضرورة تحقيق أرباح ضخمة لتمويل تطوير الذكاء الاصطناعي.
وبعد خسارته القضية، عاد ماسك في أغسطس 2024 بدعوى جديدة، زاعمًا أن “أوبن إيه آي” تسعى إلى تطوير ذكاء اصطناعي عام يمكن أن يغير توازن القوى في المجال، واتهمها بالابتزاز.
ألتمان يهاجم ماسك
بعيدًا عن ساحات المحاكم، لا يخفي ألتمان نظرته إلى ماسك، إذ قال في مقابلة مع “بلومبيرغ” خلال قمة باريس للذكاء الاصطناعي: “يحاول ماسك هذه الأمور منذ فترة طويلة. هذا العرض الأخير هو مجرد حلقة أخرى من محاولاته لإبطائنا”.
وأضاف بتلميحات شخصية واضحة: “ربما حياته كلها تدور حول شعوره بعدم الأمان. أشعر بالأسف تجاهه. لا أعتقد أنه شخص سعيد”.
المعركة بين ماسك و”أوبن إيه آي” لا تتعلق فقط بشركة أو نموذج ذكاء اصطناعي، بل بمستقبل التكنولوجيا الأكثر تأثيرًا في العصر الحديث، وبين رؤية ماسك التي تركز على مخاطر الذكاء الاصطناعي وضرورة ضبطه، وطموح ألتمان لتحويل “أوبن إيه آي” إلى قوة اقتصادية عملاقة، تقف الأسواق التكنولوجية والمجتمع العلمي في حالة ترقب.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2134434