يتراجع تدفق الأسلحة إلى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويقل دور الموردين القدامى مثل روسيا والصين مع دخول جهات فاعلة أخرى إلى المنافسة.
ونشر المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية مؤخرًا سلسلة من التقارير عن هذا الاتجاه المعقد، مستندًا إلى بيانات نشرها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
أسباب التراجع
أرجعت مجلة منتدى الدفاع الإفريقي، في تقرير نشرته الخميس 24 أكتوبر 2024، أسباب تراجع تدفق الأسلحة إلى القيود الاقتصادية، وتغير العلاقات بين دول جنوب الصحراء الكبرى ودول أخرى، ومشكلات سلاسل التوريد الناجمة عن حرب روسيا مع أوكرانيا.
ووفقًا لتقرير المعهد الإيطالي، كانت روسيا والصين، بين عامي 2014 و2018، أكبر مصدري الأسلحة إلى منطقة جنوب الصحراء الكبرى، ولكن نسبة صادرات الأسلحة الروسية إلى المنطقة تراجعت بنحو 44% بين عامي 2019 و2023، بينما انخفضت نسبة صادرات الصين إليها بنحو 23% في الفترة نفسها، ومع ذلك تظل الدولتين أكبر مصدري الأسلحة إليها.
ولفت التقرير إلى أن الصين تجاوزت روسيا وأصبحت المورد الأول في الفترة بين 2019 و2023، لافتًا إلى أن الأسلحة الخفيفة والعربات المدرعة من الأسلحة التي تصدرها الصين إلى المنطقة ومع ذلك أوضح المحاضر المنتسب في معهد لاو تشاينا في كينجز كوليدج لندن، أليساندرو أردوينو، أن الأسلحة الأكثر تقدمًا، كالطائرات المسيَّرة والسفن الحربية، من أبرز أدوات الدبلوماسية العسكرية لبكين.
الابتعاد عن روسيا
يعزي الباحث في معهد الخدمات الملكية المتحدة بالمملكة المتحدة، صمويل رماني، تراجع صادرات روسيا إلى غزوها لأوكرانيا، لافتًا إلى أن أنجولا كانت أكبر دولة في إفريقيا تستورد الأسلحة الروسية، ووافق الرئيس “جواو لورينسو” في 2019 على إنشاء مصانع لإنتاج الأسلحة الروسية، ولكنها بحلول 2022 سعت سعيًّا دؤوبًا للتخلص من الاعتماد على الأسلحة الروسية مستعيضةً بعلاقاتها مع الولايات المتحدة.
وأفادت المجلة أن الكرملين يواصل بيع الأسلحة إلى مناطق الصراع، رغم ابتعاد بعض الدول عن استيراد الأسلحة الروسية، فعلى سبيل المثال، أرسلت مجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية، عقب اندلاع الحرب الأهلية في السودان، الصواريخ إلى قوات الدعم السريع التابعة للجنرال محمد حمدان “حميدتي” دقلو.
خطوة استراتيجية
بينما تتراجع الصادرات الصينية والروسية، أبرمت دول أخرى، كإيطاليا والولايات المتحدة، صفقات أسلحة كبيرة، وخاصة مع نيجيريا، التي تعد أكبر مستورد للأسلحة في المنطقة، وقد تؤدي هذه الصفقات إلى تغيّر ديناميكيات تدفق الأسلحة في المنطقة.
وأوضحت المجلة أن إيطاليا حازت 4.9% من صادرات الأسلحة إلى المنطقة بين عامي 2019 و2023، ومع ذلك أشار الباحث الأول في معهد ستوكهولم، بيتر ويزرمان، إلى أن طلب نيجيريا شراء 24 طائرة مقاتلة خفيفة، إلى جانب صفقات أصغر من دول أخرى، يمكن أن يجعل إيطاليا أكبر مورد للأسلحة إليها، ويعزز ترتيبها بين موردي الأسلحة إلى المنطقة.
وأضافت أن من المقرر أيضًا أن ترتفع واردات نيجيريا من الأسلحة من الولايات المتحدة بتسلمها 12 مروحية قتالية متقدمة على مدى السنوات القادمة، وأُبرمت هذه الصفقة بعد أن خففت الولايات المتحدة القيود المفروضة على توريد الأسلحة إليها.
من جانبها، قالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية في بيان لها: “من المتوقع أن يتردد صدى هذه الخطوة الاستراتيجية في مختلف أنحاء غرب إفريقيا، ما يمهد الطريق لفصل جديد من ديناميكيات التعاون الدفاعي والأمن الإقليمي”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2023229