اتفاقية دفاعية جديدة بين بولندا وكوريا الجنوبية.. ما علاقتها بأوكرانيا؟

أحمد ليثي

تعمل كوريا وبولندا على عقود الإنتاج الأولية لاتفاقية إطار الاستحواذ الدفاعي، إلا أن مبعث القلق الوحيد لسول هو ما إذا كانت وارسو قادرة على تحمل ذلك ضمن ملف الإنفاق الحالي.


وقعت كوريا الجنوبية اتفاقية إطار الاستحواذ الدفاعي مع بولندا قد تكون الأكثر ربحًا للصناعات الدفاعية الكورية حتى الآن، بحسب محللة أبحاث الدفاع والتحليل العسكري، هايينا جو.

وأعلنت وزارة الدفاع البولندية، أواخر يوليو الماضي، أنها ستشتري ما يقرب من 1000 دبابة وأكثر من 600 قطعة مدفعية وعشرات من الطائرات المقاتلة من كوريا الجنوبية، في صفقة تبلغ قيمتها المحتملة 15 مليار دولار أمريكي.

اتفاقية دفاعية بين بولندا وكوريا الجنوبية

في ورقة بحثية للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، نُشرت يوم الأربعاء 17 أغسطس، قالت هايينا جو، إن الاتفاقية، التي وُقعت في 22 يوليو، تشمل ما يصل إلى 1000 دبابة قتال رئيسة من طراز كيه 2 بلاك بانثر، و672 مدفعية كيه-9 ثاندر ذاتية الدفع عيار 155 ملم، و48 مقاتلة خفيفة من طراز إف إيه 50، على أن تكون توريدات المعدات على مراحل تشمل نقل التكنولوجيا والإنتاج المحلي.

وبحسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية، في تقريرها المنشور يوم 28 يوليو 2022، فإن بولندا أقدمت على شراء معدات وأسلحة من كوريا الجنوبية لاستبدال المعدات التي تبرعت بها لأوكرانيا، لمساعدتها في الحرب الروسية الأوكرانية.

موعد التسليم

بحسب الورقة، من المتوقع تسليم الدُفعات الأولية من الدبابات كيه تو إس 180، وكيه 9 إس 48، والمقاتلات إف إيه 50 هذا العام، على أن تتعاون البلدان على تطوير المعدات البولندية من طراز كيه 2 بي إل، و كيه 9 بي إل، وإف إيه 50، بدءًا من 2026 و2024 و 2025 على الترتيب، وتصنيع جميع طائرات إف أيه 50 في كوريا الجنوبية.

وتأتي الحزمة البولندية بعد أشهر فقط من التوقيع في يناير من هذا العام على أكبر صفقة تصدير دفاعية، عندما باعت كوريا الجنوبية نظام الدفاع الجوي كيه إم- سام إلى الإمارات بقيمة 3.57 مليار دولار أمريكي، وعقدًا بقيمة 1.66 مليار دولار أمريكي مع مصر لشراء دبابات كيه-9 ثاندر.

لماذا كوريا الجنوبية؟

أشار وزير الدفاع البولندي، ماريوس باشاكزاك، إلى أن كوريا الجنوبية تتميز بالجودة وسرعة التسليم ونقل التكنولوجيا، إضافة إلى أن الأنظمة الكورية الجنوبية تتزايد في قدرتها التنافسية، والدليل على ذلك أن دبابات كيه-9 ثاندر، وطائرات تي-50 فازت في مسابقات الشراء الأخيرة ضد المنصات الأوروبية والروسية.

وتضمنت العديد من الصادرات الكورية الجنوبية ترتيبات إنتاج الترخيص ونقل التكنولوجيا، وبناء سفن وغواصات برمائية، وهذا ليس المشروع الأول لكوريا الجنوبية في السوق البولندية، فمنذ عام 2014 اُعتمدت  دبابات كيه-9 ثاندر في بولندا، وحصلت على عقد إنتاج بقيمة 319 مليون دولار لإنتاج 120 هيكلًا للدبابة.

حاجة ماسة

خلال زيارته إلى سول في مايو الماضي، قال وزير الدفاع البولندي إن الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت حاجة بولندا الملحة للأسلحة الكورية الجنوبية، وأشار إلى أن كوريا وافقت على تسريع تسليم الأسلحة للجيش البولندي بسبب الحرب على الحدود الشرقية، ولذلك من المهم أن تكون القوات المسلحة البولندية مسلحة بمعدات حديثة.

وأوضح أن كوريا الجنوبية وبولندا تواجهان مواقف أمنية مماثلة، وبالتالي تحتاجان إلى أسلحة مماثلة، فكوريا الجنوبية تواجه تحديًّا متمثلًا في جارتها الشرقية كوريا الشمالية التي تنتهج أيضًا سياسة عدوانية، لذا، فإن بيع الأسلحة الكورية الجنوبية إلى بولندا يمكن أن يحسن سمعتها، وفقًا لتقرير “سي إن إن”.

كوريا الجنوبية تتطلع إلى المزيد

بحسب هايينا جو، في ورقتها البحثية، على الرغم من التقدم الذي أحرزته صناعة الدفاع في كوريا الجنوبية، فإنها لا تزال تواجه تحديات، خصوصًا أن سول لا تزال تستورد العديد من الأنظمة الفرعية الرئيسة من الخارج، منها أنظمة الدفع في كيه-9 ثاندر، واحتوائها على تصميمات ألمانية.

ومن المحتمل أن تكون كوريا الجنوبية في حاجة إلى تطوير عملية أكثر قوة للتحكم في الأسلحة، يمكن أن تشمل عمليات تفتيش المستخدم النهائي، وسمحت العقود السابقة لبعض العملاء بتسويق التصميمات الكورية الجنوبية في أماكن أخرى، وباعت إندونيسيا 4 سفن برمائية إلى الفلبين، بعد أن حصلت عليها للمرة الأولى من كوريا الجنوبية.

مبعث قلق كوري

بحسب ورقة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، يعمل كلا الجانبين على عقود الإنتاج الأولية، إلا أن مبعث القلق الوحيد لكوريا هو ما إذا كانت بولندا ستكون قادرة على تحمل ذلك ضمن ملف الإنفاق الحالي، مع الأخذ في الاعتبار حجم وسرعة الطموحات المتفق عليها والتزامات المشتريات الأخرى لبولندا.

وفي هذا السياق، وصلت ميزانية الدفاع البولندية إلى 13.93 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ما يمثل 1.99% من الناتج المحلي الإجمالي باستخدام بيانات الاقتصاد الكلي من صندوق النقد الدولي، ومع ذلك، فإن إجمالي الإنفاق يقترب رسميًا من 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مع إضافة موارد من صناديق خاصة.

بولندا تزيد إنفاقها الدفاعي

أعلنت بولندا، في مارس 2022، أنها ستزيد إنفاقها الدفاعي إلى 3% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي اعتبارًا من عام 2023 فصاعدًا، فيما تشير البيانات العامة الصادرة عن زعيم حزب العدالة والقانون الحاكم، ياروسلاف كازينسكي، في يوليو 2022، إلى أنه قد يرتفع إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في وقت ما في المستقبل.

ولا تزال تساؤلات بشأن الطموحات الواسعة في هذه الاتفاقية الجديدة، وقلق بشأن تسليم المعدات في الأوقات المحددة، ومن ناحية أخرى، قد تعني أوجه التشابه بين الأوضاع الأمنية في البلدين، والمتطلبات البولندية الأخرى، أن هذه الاتفاقية يمكن أن تكون بداية علاقة أوثق كثيرًا.

ربما يعجبك أيضا