في زمن التكنولوجيا المتقدمة والهواتف الذكية، قد يبدو غريبًا الحديث عن جهاز الـ “Pager” أو ما يعرف بـ “البيجر”، تلك التقنية التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي واشتهرت في الثمانينيات والتسعينيات.
ورغم أن هذا الجهاز قد تم تجاوزه تقنيًا، إلا أنه لا يزال يستخدم من قبل بعض الجهات، بما في ذلك حزب الله اللبناني، إذ يبدو أن هناك أسبابًا استراتيجية وأمنية تجعل الحزب يتمسك باستخدام هذا الجهاز رغم كل التطورات التكنولوجية الحديثة، فما هو البيجر؟ ولماذا يفضله الحزب في بعض الحالات على الهواتف المحمولة ووسائل الاتصال الأخرى؟
ما هو جهاز الـ Pager؟
الـ Pager هو جهاز صغير يستخدم لتلقي الرسائل النصية القصيرة والإشارات الصوتية عبر شبكة لاسلكية، يتميز الجهاز ببساطته وعدم تعقيده مقارنة بالهواتف المحمولة الحديثة، حيث لا يمكنه إرسال رسائل أو إجراء مكالمات، ولكنه يتيح للمستخدمين تلقي إشعارات معينة، مثل الرسائل النصية القصيرة أو أرقام الاتصال للرد عليها لاحقًا من خلال هاتف ثابت أو محمول.
في بداية استخدامه، كان الـ Pager أداة رئيسية في التواصل السريع، خاصة للعاملين في القطاعات الطبية ورجال الأعمال، حيث كانت الرسائل المرسلة تصل على الفور، ومع مرور الوقت وتطور التكنولوجيا، حلت الهواتف المحمولة الذكية مكانه إلى حد كبير، ولكن الـ Pager بقي في الخدمة في بعض الأوساط لعدة أسباب أمنية وتقنية.
انفجار نتيجة الاختراق
رغم الميزات الأمنية التي توفرها أجهزة الـ Pager، إلا أنها ليست محصنة بالكامل من الاختراقات، في حادثة مثيرة، ذكرت تقارير إعلامية أن مجموعة من أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله انفجرت في وقت واحد نتيجة عملية اختراق إلكترونية.
يعتقد أن هذه العملية تمت بواسطة إسرائيل، مما أثار شكوكًا حول قدرة هذه الأجهزة على الصمود أمام التقنيات الحديثة للاختراق.
تفيد هذه الحادثة بأن الاختراق ربما استهدف إشارات الاتصال التي تتلقاها أجهزة الـ Pager، ما تسبب في تعطيلها أو تفجيرها في توقيت متزامن، هذا النوع من الهجمات يبرز أن حتى التقنيات القديمة التي تعتمد على البساطة قد لا تكون محمية تمامًا من التدخلات الخارجية، خصوصًا إذا تم تطوير أساليب متقدمة لاختراق أنظمة الاتصال القديمة.
لماذا يستخدم حزب الله الـ Pager؟
رغم أن معظم الجهات والشركات حول العالم تخلت عن استخدام البيجر لصالح التكنولوجيا الأحدث، فإن حزب الله يحتفظ باستخدامه، وهو أمر يثير تساؤلات حول الدوافع وراء هذا الاختيار، هناك عدة أسباب قد تفسر هذا التوجه، تتعلق بالأمن والسرية.
الهواتف المحمولة الذكية تعتبر هدفًا رئيسيًا لعمليات التجسس والمراقبة الإلكترونية، بإمكان أجهزة الاستخبارات المتطورة مراقبة المكالمات والرسائل وحتى تحديد مواقع المستخدمين بسهولة عبر هذه الهواتف.
في المقابل، يعتمد الـ Pager على شبكة مختلفة وبسيطة نسبيًا تجعل من الصعب على الجهات الخارجية اختراقها أو اعتراض الاتصالات عبرها. نظرًا لأن البيجر لا يبث إشارات تتعلق بالموقع الجغرافي ولا يُستخدم لإجراء مكالمات مباشرة، فإن تتبع المستخدم يصبح أكثر تعقيدًا.
التكنولوجيا القديمة وغير المراقبة
إحدى أبرز مميزات الـ Pager هي أنه جهاز تقني قديم للغاية وغير منتشر. هذا يجعله خارج نطاق العديد من تقنيات المراقبة الحديثة.
فبينما تطورت أدوات وأجهزة مراقبة الهواتف المحمولة، ظلت تقنيات الـ Pager قليلة الانتشار، وبالتالي قليلة الاستهداف من قبل وكالات الاستخبارات العالمية.
كما أن بعض الحكومات لا تستثمر في تطوير وسائل لمراقبة أجهزة البيجر نظرًا لقلة استخدامه، مما يجعل هذا الجهاز خارج رادارات المراقبة التقليدية.
القدرة على التواصل في مناطق ذات تغطية ضعيفة
تعمل أجهزة الـ Pager على ترددات مختلفة عن تلك المستخدمة في شبكات الهواتف المحمولة، مما يسمح لها بالعمل في مناطق ذات تغطية ضعيفة أو معدومة لشبكات الهواتف.
يعتقد أن حزب الله يستفيد من هذه الميزة في المناطق الريفية أو المناطق التي يتعذر فيها الوصول إلى شبكات الاتصالات الحديثة.
التوازن بين التكنولوجيا الحديثة والقديمة
رغم أن حزب الله يستخدم تقنيات اتصالات حديثة، بما في ذلك الهواتف المشفرة والإنترنت، إلا أن استخدامه للـ Pager يمثل جزءًا من استراتيجيته لتحقيق التوازن بين الابتكار والحفاظ على سرية الاتصالات.
الجمع بين التقنيات القديمة والحديثة يعطي للحزب مرونة في اختيار الوسيلة المناسبة للتواصل بناءً على طبيعة المهمة والمخاطر الأمنية المرتبطة بها.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1982921