الأحزاب الشعبوية.. لماذا تعيش ألمانيا حالة من الفوضى؟

كيف تدعم عودة ترامب إلى البيت الأبيض الأحزاب الشعبوية في ألمانيا؟

بسام عباس

حققت الأحزاب الشعبوية في ألمانيا نجاحاً انتخابياً بفضل سياستها الخارجية “المناهضة للمؤسسة”، ويتعين على الائتلاف الحاكم الوسطي أن يتحرك بسرعة لمعالجة موقفها الخطير المناهض للغرب قبل أن يتحول إلى تيار رئيسي، خاصة في ظل ضعف حكومة الائتلاف الحاكم بقيادة أولاف شولتز.

ويتخوف المجتمع الألماني من الانتخابات الفيدرالية الألمانية المقرر أن تعقد في بدايات العام المقبل 2025، خاصة بعد نجاح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في حصد الأصوات التي أهلته ليكون رقمًا مهمًا في المعادلة السياسية لألمانيا.

إعادة تموضع ألمانيا

أوضح موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في تقرير نشره 25 نوفمبر 2024، أن التحدي الذي يواجه مؤسسة السياسة الخارجية الألمانية أعمق من نجاح الأحزاب الشعبوبة، فحزب البديل من أجل ألمانيا وحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي لا يدعوان فقط إلى تغيير جذري في الاتجاه الجديد الذي اتخذته برلين. بل إنهما يريدان إعادة تموضع ألمانيا في أوروبا والعالم.

المانيا والانتخابات.jpg

وانتقد حزب البديل من أجل ألمانيا باستمرار التوجه الغربي لألمانيا، وبدلاً من ذلك، وضع الحزب نفسه كمدافع عن السيادة الوطنية، ففي ورقة الاستراتيجية لعام 2021 “الواقعية السياسية في المصلحة الألمانية”، دعا الحزب إلى أن تتولى ألمانيا “دورًا خاصًا للجسر والوساطة في المنطقة الروسية الآسيوية”، وهو الموقف الذي ظل دون تغيير منذ غزو روسيا لأوكرانيا.

عدم رضا

قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” البريطانية، إن النزعة الشعبوية المناهضة للمؤسسات تتزايد في أوروبا، ولا تغذيها الهجرة والمخاوف الاقتصادية والأمنية فحسب، بل وأيضاً اتجاه أعمق نحو تآكل الثقة في قدرة الحكومات الأوروبية على التغلب على هذه التحديات.

وأشارت الصحيفة إلى أن صعود الأحزاب الشعبوية والناشئة هو قمة جبل جليدي من عدم الرضا، والجزء المغمور هو الامتناع عن التصويت، حيث إن فقدان الناخبين الثقة بالحكومات يجعلهم يتجهون إلى الشعبويين ومعاقبة أحزاب المؤسسة، ما يؤدي إلى برلمانات منقسمة وتحالفات غير قابلة للإدارة، وغير حاسمة، وتكافح من أجل البقاء في الحكم.

صعود الشعبوية

قالت صحيفة التليجراف البريطانية، 27 نوفمبر 2024، أن حزب تحالف ساهرا فاجينكنيخت (BSW) اليساري دعا إلى إنهاء العقوبات المفروضة على روسيا، والتوقف عن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، ورغم أن حزب البديل من أجل ألمانيا وتحالف سارة فاجينكنيخت لا يشغلان حتى الآن مناصب مهمة في الحكومة، فإن نجاحهما الانتخابي يؤثر بشكل واضح على سياسة الهجرة التي ينتهجها شولتس.

وأضافت الصحيفة أن تنامي الخطابات الشعبوية تزيد الضغوط على الائتلاف الحاكم لإجباره على التكيف أو المخاطرة بخسارة دعم غالبية السكان، لافتة إلى وجود تأثيرات قوية داخلية وخارجية على شولتس تعمل على الإخلال بتوازن الوضع الراهن في أروقة السلطة الألمانية.

أوروبا بين ترامب والشعبوية

أشارت شبكة CNN، في تقرير نشرته الأحد 1 ديسمبر 2024، إلى زيادة مخاوف الحكومات الأوروبية من سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الداعمة للأحزاب الشعبوية في أوروبا، وأنها تخشى هذا الدعم وتهييج التيارات الشعبوية الأوروبية، والخطابات الشعبوية التي يؤثر بها ترامب على هذه الأحزاب.

وأضافت أن العديد من الأحزاب الشعبوية في أوروبا تأمل في أن تساعد عودة ترامب، حليفها عبر الأطلنطي الذي يروج لنفس القيم المسيحية المحافظة ويشارك نفس الازدراء للسياسات التقدمية، في خدمة مصالحهم في وطنهم وتطبيع خطابهم المناهض للهجرة والوطن أولًا.

ووفقًا لتحليل مركز الإصلاح الأوروبي، في لندن، فإن ترامب سيعزز اليمين المتطرف والشعبويين في أوروبا من خلال “تطبيع وتضخيم” أفكارهم، وقد استخدم ترامب نفسه خطابًا مثيرًا للجدل أثناء التعبير عن آرائه المتشددة بشأن الهجرة، واصفًا الولايات المتحدة بأنها “سلة قمامة للعالم”.

الشعبوية والحرب في أوكرانيا

مع وجود ترامب في البيت الأبيض، قد يشعر الزعماء الشعبويين الأوروبيين الذين يتبنون نهجًا أكثر ليونة تجاه روسيا بالجرأة في دعواتهم لإنهاء الحرب في أوكرانيا.  ففي ألمانيا انتقدت ساهرا فاجنكنيخت الحكومة الألمانية لقطع إمدادات الغاز الروسي الرخيص بعد غزو أوكرانيا، واصفةً هذه الخطوة بأنها منافقة بسبب علاقات ألمانيا مع دول الشرق الأوسط في مجال الطاقة.

ووفقًا لصحيفة التليجراف البريطانية، في 27 نوفمبر 2024، تعارض ساهرا فاجينكنيخت، زعيمة تحالف (BSW)، وهي من أنصار اليسار الألماني، تسليح أوكرانيا، وتنظر إلى البلاد على أنها مجرد بيدق في حرب بالوكالة مستمرة بين واشنطن وموسكو،

وأضافت الصحيفة أن اعتقاد فاجنكنيخت بأن الدعم الألماني لأوكرانيا لم يحقق سوى القليل باستثناء شل اقتصادها، لاقى صدى لدى الناخبين في الشرق الشيوعي السابق، كما كان موقفها الشعبوي بشأن الهجرة، ووصفت العقوبات المفروضة على روسيا بأنها سيئة للاقتصاد الألماني، داعية إلى “تطبيع” العلاقات التجارية مع موسكو.

ربما يعجبك أيضا