تكافح الصين شبح الانكماش الذي يقترب منها، وسط تراجع التجارة والاستثمار الأجنبي، ما يقلق المستثمرين حيال ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

وتأثرت الأسواق العالمية بالاقتصاد الصيني، اليوم الثلاثاء 15 أغسطس 2023، خاصة بعد الخطوة المفاجأة من بنك الشعب الصيني (المركزي) بخفض أسعار الفائدة الرئيسة مخالفًا جميع التوقعات.

الصين تخفض معدلات الفائدة

على نحو غير متوقع خفضت الصين معدلات الفائدة الرئيسة للمرة الثانية في 3 أشهر، وسط نمو الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في يوليو 2023. وهبطت أسواق الذهب خلال التعاملات المبكرة اليوم، وانخفض أيضًا سعر خام الحديد بنحو 100 دولار للطن، وعمّق اليوان الصيني خسائره لتصل إلى 5% منذ بداية العام.

اقرأ أيضًا| الأسهم الصينية تواصل التراجع بضغط من العقارات والبيانات المحبطة

وقال المركزي الصيني إنه خفض سعر الفائدة على قروض قيمتها 401 مليار يوان، (ما يعادل 55.25 مليار دولار)، ضمن تسهيل إقراض متوسط الأجل مدته عام واحد لبعض المؤسسات المالية 15 نقطة أساس إلى 2.50% من 2.65% سابقًا.

البنك المركزي الصيني

الذهب يتراجع والدولار يرتفع

هبطت أسعار الذهب العالمية، خلال التعاملات المبكرة اليوم الثلاثاء، مدفوعة بمخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني، وبحلول الساعة 06:18 بتوقيت جرينتش انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 1904.50 دولار للأوقية (الأونصة) ليجري تداوله قرب أدنى مستوى في شهر ونصف الشهر.

وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.4% إلى 1937 دولارا للأوقية، وحوم الدولار الأمريكي قرب أعلى مستوياته في أكثر من شهر، الأمر الذي يجعل الذهب أعلى ثمنًا للمشترين في الخارج.

أسعار الذهب والدولار

هبوط أسعار الحديد

تراجعت أسعار خام الحديد، صباح اليوم الثلاثاء، لفترة وجيزة، إلى ما دون 100 دولار للطن، مقتربة من أدنى مستوياتها منذ يونيو الماضي.

وتأثر المستثمرون بخفض الصين المفاجئ لسعر الفائدة، ومجموعة أخرى من البيانات، التي عكست تعثر تعافي أكبر اقتصاد مستهلك للمعادن بأنحاء العالم، وفق ما نقلته وكالة بلومبرج.

وتراجعت أسعار المادة الخام الأساسية لصناعة الصلب 13%، مقارنة بمستوى الذروة الذي حققته في يوليو الماضي، واتجهت المعادن الصناعية الرئيسة، بما في ذلك النحاس والألمنيوم، إلى الانخفاض أيضًا.

خام الحديد

اليوان الصيني يفقد 5% من قيمته

أدى تحرك سعر الفائدة الصينية، اليوم الثلاثاء، إلى توسيع فجوة العائد مع الاقتصادات الرئيسة الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة، ما زاد من الضغط على اليوان والمخاطرة المتعلقة بالتدفقات الخارجية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وفقد اليوان الصيني حوالي 5% من قيمته مقابل الدولار هذا العام حتى الآن، ليصبح من أسوأ العملات الآسيوية أداءً، وجرى تداول اليوان بسعر 7.2842 للدولار اعتبارًا من 01:45 بتوقيت جرينتش اليوم، مقارنة بالإغلاق السابق عند 7.2580 دولار.

مخاوف من انكماش الاقتصاد الصيني

يرى خبراء في مركز الصين بمعهد بروكينجز، أن بنك الشعب الصيني يواجه الآن تداعيات تبنيه لاتجاه معاكس لمجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، الذي شدد سياسته النقدية لمدة 18 شهرًا، في محاولة لترويض الأسعار المرتفعة.

اقرأ أيضًا| نمو متواضع لأرباح «القطرية الألمانية للمستلزمات الطبية» خلال النصف الأول

وأوضح الخبراء أن الانكماش (اتجاه هبوط الأسعار في جميع أنحاء الاقتصاد) يعد مسارًا خطيرًا للصين التي تحمل قدرًا هائلًا من الديون، مرشح للزيادة حال وقوع خطر الركود.

مخاوف من انكماش الاقتصاد الصيني

بيانات مخيبة للآمال

ترتفع مؤشرات التباطؤ الاقتصادي في الصين، فوفق أحدث البيانات تراجعت الصادرات منذ بداية العام وحتى الآن، بمقدار 5% مقارنة بالعام الماضي، وانخفضت الواردات 7.6%، وتراجعت صادرات شهر يوليو بأعلى معدل في 3 سنوات بمقدار 14.5% على أساس سنوي، وتقلص نشاط التصنيع في يوليو لرابع شهر على التوالي.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني انسحاب بعض شركاء الصين التجاريين، بقيادة الولايات المتحدة، ما أثر في تراجع صادرات الصين. وتباطأ الطلب العالمي على السلع الصينية، حتى مع تكثيف روسيا للتجارة مع آسيا وسط حربها في أوكرانيا.

وفي يوليو الماضي، نما الناتج الصناعي 3.7% على أساس سنوي، وهو أقل من توقعات بنمو بنفس نسبة يونيو عند 4.4%، وتباطأت مبيعات التجزئة بنمو 2.5% فقط، انخفاضًا من 3.1% في يونيو، وزادت البطالة بالمناطق الحضرية 5.3% للحاجة إلى تعزيز التعافي الاقتصادي من الوضع السياسي والاقتصادي الدولي، وفق الحكومة.

تراجع الاستثمار

أفاد المكتب الوطني للإحصاء الصيني، هذا الشهر، بأن الاستثمار العقاري في الصين انخفض 8.5% على أساس سنوي في الأشهر الـ7 الأولى من العام الحالي، وتراجعت مبيعات العقارات 6.5% في الفترة من يناير إلى يوليو مقارنة بالعام السابق، وسط طلب لا يزال ضعيفًا وأزمة ديون متفاقمة تضرب بشركات القطاع.

وأيضًا تراجعت عمليات البناء الجديدة 24.5% حتى يوليو على أساس سنوي. وتفاقمت أزمة ديون العقارات في الصين وسط غياب الدعم السياسي القوي، ما زاد من مشكلات التعافي الاقتصادي المتعثر.

تسييس الاقتصاد الصيني؟

يرى مؤلف كتاب “أسطورة الرأسمالية الصينية” وعضو المجلس الأطلسي، ديكستر روبرتس، خلال تصريحلات صحفية، أن الكثير من مشكلات بكين تنبع من تسييس اقتصادها.

وقال روبرتس إن دمج أعضاء الحزب الشيوعي في الشركات وإعطاء الأولوية للشركات التي تديرها الدولة، قد أثر في الإنتاجية المحلية، وأثار مخاوف القطاع الخاص، وجعل البلاد أقل جاذبية للاستثمار الأجنبي.