يعد الاقتصاد غير الرسمي جزءًا لا يتجزأ من المشهد الاقتصادي في معظم دول العالم، لكنه في كثير من الأحيان يبقى بعيدًا عن الأضواء.
ويشمل الاقتصاد غير الرسمي جميع الأنشطة الاقتصادية التي لا تخضع للرقابة الرسمية ولا تُسجَّل في الحسابات الوطنية، ومع ذلك فإنه يمثل مصدر رزق لملايين البشر وركيزة أساسية في اقتصادات العديد من الدول النامية.
تعريف الاقتصاد غير الرسمي
يقول تقرير صادر عن مجلة “الإيكونوميست” في تقرير نشرته الاثنين 17 مارس 2025، فيُقصد بالاقتصاد غير الرسمي جميع الأنشطة التجارية أو الخدمية التي تُمارس خارج نطاق القوانين المنظمة للاقتصاد الرسمي.
يشمل ذلك الأعمال التي لا تُسجَّل لدى الجهات الحكومية المختصة، ولا تُدفع عنها الضرائب، ولا تلتزم بالمعايير القانونية والتنظيمية المعتمدة.
من الأمثلة الشائعة على هذا النوع من الاقتصاد.. الباعة الجائلون، العاملون في الحرف اليدوية، المزارعون الصغار الذين يبيعون منتجاتهم مباشرة دون المرور عبر قنوات رسمية، وسائقو وسائل النقل غير المرخصة.
الفرق بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي
الاقتصاد الرسمي هو ذلك الجزء من النشاط الاقتصادي الذي يخضع للأنظمة والقوانين، وتقوم الدولة بمتابعته وإدراجه ضمن حساباتها، مثل الشركات المرخصة، والمصانع، والمؤسسات التي تُصدر فواتير وتدفع الضرائب.
في المقابل، لا يخضع الاقتصاد غير الرسمي لأي شكل من أشكال الرقابة أو التنظيم، مما يعني أن حجم هذا القطاع غالبًا ما يكون مجهولًا بشكل دقيق، وهو ما يُعرف بـ”الاقتصاد الموازي” أو “اقتصاد الظل”.
أسباب انتشار الاقتصاد غير الرسمي
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ازدهار الاقتصاد غير الرسمي، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، وضعف قدرة الاقتصاد الرسمي على استيعاب جميع الباحثين عن فرص عمل.
كما أن التعقيدات الإدارية وكثرة الإجراءات الحكومية المطلوبة لتسجيل الأنشطة التجارية تدفع البعض إلى ممارسة أعمالهم دون الحصول على التراخيص اللازمة، إضافة إلى ذلك، هناك من يلجأ إلى العمل غير الرسمي لتجنب دفع الضرائب أو الرسوم المرتفعة.
الآثار الإيجابية والسلبية
من ناحية، يساهم الاقتصاد غير الرسمي في توفير فرص عمل للكثيرين ممن يعجزون عن الالتحاق بالوظائف الرسمية، كما يُعد مصدرًا مهمًا للدخل للعديد من الأسر، خاصة في الدول النامية.
كذلك، يساعد هذا النوع من الاقتصاد في تلبية احتياجات المستهلكين عبر تقديم خدمات ومنتجات بأسعار أقل نظرًا لانخفاض التكاليف التشغيلية.
إلا أن هناك آثارًا سلبية لا يمكن تجاهلها. فالاقتصاد غير الرسمي يحرم الدولة من مصادر دخل مهمة تتمثل في الضرائب والرسوم، كما يؤدي إلى تفشي ظواهر مثل ضعف جودة المنتجات، وانعدام معايير السلامة والصحة المهنية، وغياب الحماية القانونية للعاملين في هذا القطاع، حيث لا يحصلون غالبًا على التأمين الصحي أو التقاعد.
تحديات مواجهة الاقتصاد غير الرسمي
تحاول العديد من الحكومات دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، لما لذلك من فوائد تتمثل في زيادة الإيرادات الضريبية وتحسين ظروف العمل.
غير أن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب تبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز للعاملين في الاقتصاد غير الرسمي مثل الإعفاءات الضريبية المؤقتة أو الدعم المالي، فضلاً عن ضرورة رفع مستوى الوعي لدى العاملين حول مزايا الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي.
جزءًا لا يمكن تجاهله
في نهاية المطاف، يبقى الاقتصاد غير الرسمي جزءًا لا يمكن تجاهله من الحياة الاقتصادية، خاصة في المجتمعات النامية والناشئة.
وبينما يحمل هذا القطاع في طياته الكثير من الفرص، إلا أنه يحمل كذلك العديد من التحديات التي تتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل تنظيمه ودمجه ضمن الاقتصاد الرسمي بما يحقق التنمية المستدامة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2166478