التضخم الأمريكي وعنق الزجاجة.. الشبح الأكبر يهدد أكبر اقتصادات العالم

فاروق محمد

بالتزامن مع بوادر تراجع التضخم، رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، يوم الأربعاء 14 ديسمبر، سعر الفائدة بواقع 0.5% ليتراوح بين 4.25% و4.5%.‏


تشير بداية تراجع التضخم الأمريكي إلى انخفاض متوقع لوتيرة التشديد النقدي، التي تتبعها البنوك المركزية، بهدف كبح جماح شبح الركود.

ويأخذ هذا الشبح الأكبر في الصعود، ويهدد أكبر اقتصادات العالم بالدخول في موجات ركود لم تشهدها منذ عقود، نتيجة استمرار ارتفاع مؤشر مديري المشتريات، ونقص السلع بسبب أزمات سلاسل الإمداد والتوريد.

ارتفاع التكاليف والانكماش

مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، رفع أمس الأول الأربعاء 14 ديسمبر 2022، أسعار الفائدة بواقع 0.5% لتتراوح الآن بين 4.25% و4.5% بالتزامن مع بوادر تراجع التضخم.‏ ونظرًا إلى تأثير ارتفاع التكاليف في القوة الشرائية للأسر، وتراجع الإنفاق، حذر مسؤولون من تعرض النمو في عدة دول لانكماش حاد.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قال رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، في وقت سابق إن “الحرب في أوكرانيا، وتدابير الإغلاق بسبب كورونا في الصين، واضطرابات سلاسل التوريد، وخطر التضخم المصحوب بركود اقتصادي يضر بالنمو. وسيكون من الصعب على دول عدة تفادي خطر الركود”.

الوضع الحالي

حسب “بلومبرج”، أظهرت استطلاعات رأي أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن التضخم هو أكبر مشكلة تواجه البلاد. ويوم الخميس 10 نوفمبر، كشفت قناة “سي إن بي سي عربية” عن تراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 7.1% خلال نوفمبر الماضي، مقابل 7.7% بنهاية أكتوبر الماضي، و 8.2% خلال شهر سبتمبر.

وتوقع محللون في استطلاع أجرته بوابة DailyFX أن المعدل السنوي سيتباطأ إلى 8%، وأن الأسعار سترتفع 0.6% في أكتوبر 2022، أي إن التضخم في أكتوبر الماضي سجل قراءة أقل من توقعات الخبراء والمحللين.

الخروج من الأزمة

قال مدير شركة “تشارلو شواب” في المملكة المتحدة، ريتشارد فلين، إنه “حتى لو بلغ التضخم ذروته قريبًا، فمن غير المرجح أن يتباطأ بسرعة، لأن ارتفاع الأسعار قد يضغط على الإنفاق الاستهلاكي على المدى المتوسط، بجانب مشكلات سلاسل التوريد المستمرة والتأثر الاقتصادي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتأثير ذلك في التضخم”.

وتواصل سوق العمل الأمريكية، في الوقت الراهن، إضافة وظائف، في إشارة إلى استمرار النمو، لكن ما زالت الأجور لا تواكب ارتفاع الأسعار، ويؤثر ارتفاع تكلفة المعيشة بنحو خاص في الأسر منخفضة الدخل، التي يشكل الغذاء والطاقة جزءًا كبيرًا من ميزانية إنفاقها.

كيف ينتهي الأمر؟

من المتوقع أن يسعى العاملون بأجر لحماية أنفسهم، وهو ما يعيد إلى الأذهان “مقاومة الأجور الحقيقية” التي كانت سائدة قبل بضعة عقود، مع ارتفاع التكاليف وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية واستحالتها في بعض الأوقات.

في غضون ذلك، يبقى سؤال: هل يواصل مجلس الاحتياط الفيدرالي مسار التشديد النقدي؟ فهذا قد يعني قوة أكبر للدولار، في حين أن البنوك المركزية الأخرى لم تتمكن من الاسترخاء بعد.

وقال أحدد محللي إدارة الأصول في “جولدمان ساكس”، إن القوة الإضافية للدولار ومعدلات الفائدة الأمريكية المرتفعة “أمر يجب أن نتوقعه تمامًا، ونتائج ذلك حقًّا عميقة جدًّا”.

ربما يعجبك أيضا