هدف نتنياهو هو "التفاوض على النار"، وذلك بتصعيد القتال ضد حزب الله، حتى يجبره على خفض سقف مطالبه إلى الحدّ الأدنى.
على غرار محاولات وقف إطلاق النار الفاشلة في غزة، أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية نداءً مشتركًا مع فرنسا وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية لإرساء هدنة وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وتعمل الخطة الأمريكية-الفرنسية على وقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا في لبنان، لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة، كما تُجرى مفاوضات متزامنة على مستوى لبنان وغزة لإنهاء التوتر المتصاعد في المنطقة.
ترحيب لبناني
حسب تقرير صحيفة “اللواء” اللبنانية، اليوم السبت 28 سبتمبر، رحب رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، بالنداء المشترك للهدنة، وقال: “تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل تنفيذ القرارات الدولية”.
وقد أكد ميقاتي التزام الحكومة اللبنانية بالقرار الأممي 1701 الصادر عام 2006، وقال رئيس الحكومة المؤقتة: “نطالب بالعمل الجاد والفوري لضمان انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الانتهاكات التي تتكرر يوميًا، كما نؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، لأن تداعيات ما يجري هناك تنعكس بشكل مباشر على الوضع في لبنان والمنطقة”.
ويمثل التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 وتفعيله بعودة القوات الدولية للعمل على الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، السبيل لإنهاء التصعيد بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، حيث سيتم إبعاد قوات الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، بما يضمن تحقيق منطقة معزولة لإسرائيل.
مسؤولية الدولة اللبنانية
حسب اللواء اللبنانية، نفى المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي، ما تم تداوله عن أن “رئيس الحكومة وقّع مقترح اتفاق وقف إطلاق النار بعد لقائه وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن والوسيط الأمريكي أموس هوكشتاين”، وفي حالة صحة هذه الأنباء، فإن الهدف هو وضع مسؤولية الهدنة في جنوب لبنان على عاتق الدولة اللبنانية، على غرار مطالب تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية الهدنة في غزة.
ويشير الكاتب السياسي اللبناني، أنطوان الأسمر، في صحيفة “اللواء”، أن المستشار الرئاسي الأمريكي، آموس هوكستين، قد أدى دورًا متقدّما في سبيل ترسية هدنة مرحلية تعلّق الحرب بين تل أبيب وحزب الله.
وأوضح أن الهدنة تنطوي على وقف لتبادل النار، بالتزامن مع بدء مفاوضات نواتها تنفيذ القرار 1701 على الجانبين اللبناني والإسرائيلي تقود إلى انتشار الجيش اللبناني عند الحدود بقوة مؤثرة تستلم الأمن في منطقة انتشارها.
كما تتضمّن أسابيع الهدنة بدء مفاوضات لبنانية- إسرائيلية غير مباشرة بقيادة أمريكية ترمي إلى رسم صورة الحل المستدام للحدود البرية، على أن يكون الهدف النهائي التوصل إلى اتفاق لوقف النار على غرار تجارب سابقة (١٩٩٦ و٢٠٠٦)، ولا مانع عندها من تمديد الهدنة ما لزم من وقت للتوصل إلى هذا الاتفاق.
تشكك أمريكي
صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، أمس الجمعة 27 سبتمبر، نشرت أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أخبر مقربيه أنه لا يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد وقف العمليات ضد حزب الله، معربًا عن إحباطه المتزايد مع انهيار خطة وقف إطلاق النار المقترحة.
وحسب تقرير الصحيفة، أبلغ بنيامين نتنياهو المسؤولين الأمريكيين في البداية أنه يؤيد وقف القتال مع الجماعة المسلحة التي تتخذ من لبنان مقرًا لها، ثم رفض اقتراح وقف إطلاق النار بشكل قاطع بمجرد إعلانه.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن الموقف الإسرائيلي، يأتي وسط تكثيف الهجمات الإسرائيلية على حزب الله، والتي بلغت ذروتها أمس الجمعة بضربة على مقر الجماعة المسلحة في بيروت. وأيضًا إلى أن سلوك نتنياهو يعطل ما عملت عليه الإدارة الأمريكية طوال عام من أجل منه وقوع حرب إقليمية شاملة.
تصعيد المطالب
كلما شعر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بالتقدم العسكري على الأرض، كلما صعّب من شروط الهدنة على غرار ما يفعل في غزة، ولذلك ليس من المتوقع التوصل لهدنة سهلة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، إلا إذا شعرت تل أبيب بضغط أمريكي ودولي حقيقي.
فإن نتنياهو أمام الضربات النوعية التي يوجهها لحزب الله اللبناني، والتي وصلت إلى تصفية قادته، سيطالب بانسحاب الحزب بالرجوع إلى ما وراء نهر الليطاني، وإخلاء المنطقة العازلة من الصواريخ الباليستية والدقيقة، وإلا سيستمر في الحرب.
السلوك الإسرائيلي في المفاوضات، يعتمد على مبدأ “تصعيد المطالب”، خاصة أن حاملات الطائرات الأمريكية تسانده عن قرب، فإذا أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي موافقته على مقترح هدنة، يتراجع عن موافقته مرة أخرى، لكنه يجعل ما تم تقديمه أساسًا للحصول على المزيد من النقاط في المفاوضات والخطط المقبلة.
دعم ترامب
كما أن نتنياهو يستفيد من سياسة المماطلة هذه، في عدم منح الديمقراطيين أية فرصة لدعمهم في الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل، إذ يرحب بعودة المرشح الجمهوري، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بدلًا من فوز المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس.
ولذلك، لا يريد التوصل لأية تهدئة في المنطقة بما يمنح الديمقراطيين النقاط في المنافسة أمام الجمهوريين، خاصة أن حروب اشتعلت في العالم، مثل أوكرانيا وغزة ولبنان، في ظل وجود إدارة أمريكية ديمقراطية.
تفاوض “على النار”
يقول الخبير السياسي في صحيفة “الجمهورية” اللبنانية، طوني عيسى، إن هدف نتنياهو هو “التفاوض على النار”، وذلك بتصعيد القتال ضد جبهة حزب الله، “هو يريد أن تتكفل الغارات بخلق أمر واقع على الأرض يجبر الحزب على خفض سقف مطالبه إلى الحدّ الأدنى”.
وهو ما يفسر لماذا لا يوافق حزب الله على إيقاف جبهة الإسناد عن غزة، ويصر على عدم إيقافها، وذلك هدفه أن الشروع في أية مفاوضات للحل السلمي، لا يجب أن تتم ولإسرائيل اليد العليا.
بل إن الحزب لا يريد أية مفاوضات مباشرة أو معلنة معه، على غرار ما فعله خلال حرب 2006، بأن ترك مهمة التفاوض المعلن لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يمثل الوجه السياسي للفصيل الشيعي في لبنان.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1994931