تشهد المناطق الجنوبية من سوريا، وتحديدًا في محافظتي القنيطرة ودرعا، تحركات عسكرية إسرائيلية متزايدة أثارت قلق السكان المحليين والمراقبين الدوليين.
وشملت هذه التحركات عمليات خطف لرعاة الأغنام، وإقامة حواجز عسكرية، وعروضًا لتقديم مساعدات رفضها السكان المحليون، إضافة إلى تعزيزات عسكرية وتحركات أثارت المخاوف من تصعيد أكبر.
التوغل الإسرائيلي في سوريا
تحركات تثير القلق
حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت 15 فبراير 2025، فإن هذه التطورات تمثل امتدادًا لنهج إسرائيلي مستمر منذ مطلع العام الجاري في المنطقة، ما يثير تساؤلات بشأن الدوافع والأهداف وراء هذه التحركات.
وأفاد المرصد بأن القوات الإسرائيلية أقدمت على خطف رعاة أغنام في منطقة تقع غربي “رسم الزعرورة”، القريبة من شريط فض الاشتباك في ريف القنيطرة الجنوبي، وسط حالة من الترقب والتوتر بين الأهالي، ولم يقتصر الأمر على عمليات الخطف، بل توغلت القوات الإسرائيلية في 15 فبراير في قرية “رويحينة” بريف القنيطرة الجنوبي، مستخدمة دبابتين وآلية مدرعة، وسط حالة استنفار بين الجنود المنتشرين هناك.
توسع العمليات إلى درعا
في الوقت ذاته، أنشأت قوة إسرائيلية أخرى حاجزًا عسكريًا في قرية “الرفيد”، حيث وصلت القوات الإسرائيلية إلى القرية وعقدت اجتماعًا مع وجهاء المنطقة، عرضت خلاله تقديم مساعدات إنسانية، إلا أن الوجهاء رفضوا العرض بشكل قاطع، مؤكدين رفضهم لأي تواصل مع الجانب الإسرائيلي، وفقًا لما نقله المرصد السوري.
ولم تقتصر التحركات الإسرائيلية على القنيطرة فقط، بل شهدت محافظة درعا، وخاصة منطقة حوض اليرموك، تحركات عسكرية إسرائيلية لافتة، وفي 4 فبراير، قامت القوات الإسرائيلية بالتوغل في بلدة “المعلقة” بريف القنيطرة الجنوبي، حيث نفذت عمليات تفتيش موسعة لمنازل المدنيين، ما أثار حالة من الذعر بين السكان.
وبعد انسحابها لساعات، عادت القوات الإسرائيلية بآليات عسكرية إضافية لتعزيز وجودها في المنطقة، ما زاد من مخاوف السكان المحليين من تصعيد عسكري جديد، ولم تتوقف التحركات الإسرائيلية عند هذا الحد، فقد رُصد قيام القوات الإسرائيلية بفتح طريق جديد يربط بين الجولان المحتل وثكنة عسكرية بالقرب من قرية “معرية”، وهي نقطة تمركز قديمة للجيش الإسرائيلي، حيث بدأت إسرائيل بتحصين الموقع العسكري واستقدام آليات حفر لإنشاء متاريس دفاعية.
الدوافع الإسرائيلية والتداعيات المحتملة
يأتي هذا التصعيد العسكري في أعقاب عمليات إسرائيلية متكررة استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية منذ بداية العام الجاري، وقد تكون التحركات الإسرائيلية جزءً من استراتيجية أوسع لضمان نفوذها العسكري في المنطقة، لا سيما بعد تصاعد نفوذ الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في جنوب سوريا.
ويُضاف إلى ذلك أن إسرائيل تسعى إلى تأمين مناطق حدودية حساسة، من خلال إقامة حواجز عسكرية وتنفيذ عمليات تفتيش، في خطوة يراها البعض ضمن محاولاتها لتشكيل واقع أمني جديد في المنطقة الحدودية مع الجولان المحتل.
الموقف السوري والدور التركي
في سياق رد الفعل السوري الرسمي، صرّح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بأن إسرائيل تزعزع استقرار المنطقة وعليها الالتزام باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، مشددًا على أن الجولان أرض سورية ولا يحق لأحد منحها لإسرائيل.
وجاءت هذه التصريحات خلال جلسة بمؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، حيث أعرب الشيباني عن تطلع سوريا إلى إقامة علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو تصريح يعكس رغبة دمشق في إعادة الانخراط سياسيًا مع الغرب وسط التطورات العسكرية المتسارعة.
واقع جديد على الأرض
في تطور آخر، كشف وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال نفس الجلسة عن بدء بلاده في التحدث مع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، بشأن سوريا، بهدف رفع العقوبات عنها، وذلك وفقًا لوكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.
وتمثل التحركات الإسرائيلية في جنوب سوريا تصعيدًا عسكريًا خطيرًا يهدد بخلق واقع جديد على الأرض، في ظل التوترات المتزايدة بين دمشق وتل أبيب. وبينما تستمر إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري عبر عمليات التوغل وإقامة الحواجز، تبرز المخاوف من إمكانية تصاعد المواجهة إلى صراع أكبر في المنطقة، خاصة مع رفض السكان المحليين لأي تعاون مع إسرائيل، ومع استمرار التحركات الدبلوماسية الإقليمية لإيجاد حلول سياسية للأزمة السورية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2137349