حصاد 2023| أبرز محطات العلاقات الصينية الأمريكية خلال العام

محمد النحاس
مرصد مراكز الأبحاث| «ناتو الشرق الأوسط».. وقمة بايدن وشي.. ومأزق أوكرانيا

على مدار السنوات الماضية، شهدت العلاقات الصينية الأمريكية محطات محمومة تخللها حرب تجارية وقيود على منتجات تقنية، ورسائل ردع متبادلة.

بدت بداية العام 2023، ليست بالإيجابية في العلاقات الأمريكية الصينية، وفي حين كانت العلاقات ما زالت تعاني من تبعات زيارة، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي آنذاك لتايوان ( أغسطس 2022)، وما تلاها من توترات، وقعت حادثة ما عرف أمريكيًّا بـ “منطاد التجسس الصيني” لتزيد من تعقيد الموقف.

حادثة المنطاد

قبل حادثة المنطاد، صوّت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة، في يناير على تشكيل لجنة لمراقبة المنافسة الاستراتيجية مع الصين، بالعودة لـ “المنطاد” الذي ظل يحلق في سماء الولايات المتحدة لعدة أيام، قالت الصين إنه منطاد تجاري ضل طريقه.

في حين كانت النبرة السائدة في الولايات المتحدة أن غرضه التجسس، وأدت الحادثة لإرجاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن للصين، والتي كانت مقررة 5 و6 فبراير من العام 2023، ومنتصف فبراير أضافت الصين شركات الدفاع الأمريكية إلى قائمة الكيانات غير الموثوقة.

وعلى هامش مؤتمر ميونيخ الأمني المنعقد في فبراير، عقد كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانج يي (وزير الخارجي الحالي) اجتماعا غير رسميًّا مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لمناقشة مجموعة متنوعة من القضايا الأمنية، بما في ذلك ما يسمى بـ “حادثة البالون” و الحرب الروسية الأوكرانية.

لهجة تصالحية رغم استمرار القيود

في مطلع مارس، أضافت وزارة التجارة الأمريكية 28 شركة صينية إلى قائمة الكيانات التي تخضع للعقوبات في خطوة شجبتها بكين بطبيعة الحال، وفي إبريل فرضت وزارة التجارة الأمريكية ضوابط تصدير على 12 شركة صينية أخرى، في ظل مخاوف من انخراط شركات صينية في إمداد روسيا بمعدات تستخدمها في الصناعات العسكرية وسط الحرب في أوكرانيا.

في مارس أيضًا، جرى استبدال الكثير من قيادات الحكومة في الصين بأشخاص معرفون بالولاء الكبير للرئيس الصيني شي جين بينغ، ومن بينهم رئيس الجهاز الاقتصادي الجديد للبلاد، هي ليفنج.

وفي خطاب ألقته وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز 20 إبريل استخدمت لهجة تصالحية عند حديثها عن العلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن، مشيرةً إلى الولايات المتحدة تسعى إلى إقامة “علاقة اقتصادية بنّاءة وعادلة مع الصين”.

لقاءات متعددة

في مايو، التقى وزير الخارجية الصيني (آنذاك) تشين جانج، الذي أقيل لاحقًا، سفير الولايات المتحدة لدى الصين نيكولاس بيرنز في بكين، في اجتماع هو الأول للوزير الصيني السابق مع مسؤول أمريكي منذ تولي منصبه.

وفي ذات الشهر عقد وانج يي و مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان اجتماعات على مدار يومين في فيينا كجزء من “الجهود المستمرة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة وإدارة المنافسة بمسؤولية”. وفي يونيو التقى وزير الخارجية الأمريكى أنتوني بلينكن، الرئيس الصيني شي جين بينج، وكانت المحادثات بحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، “صريحة، وموضوعية وبنّاءة”.

وخلال اللقاء، شدد بلينكن على ضرورة “الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة حول مجموعة كاملة من القضايا للحد من مخاطر سوء الفهم وسوء التقدير”، فيما أكد شي “ضرورة تقدير المصالح المشتركة للبلدين على اعتبار أن نجاح كل منهما يمثل فرصة وليس تهديدا لبعضهما البعض”. واتفقت الولايات المتحدة والصين  آنذاك على زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين.

قيود صينية

لكن بعد ذلك، وتحديدًا في يوليو، فرضت الصين قيودًا على تصدير الغاليوم والجرمانيوم إلى الولايات المتحدة التي قالت إنهما مهمان “لإنتاج أشباه المواصلات، والاتصالات، وصناعات السيارات الكهربائية، وأنظمة الصواريخ”.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن المعدنين، وأكثر من 36 من المعادن ذات الصلة ومواد أخرى “ستخضع جميعها لضوابط تصدير غير محددة” بدءاً من أول أغسطس بهدف “حماية الأمن القومي”.

محادثات مثمرة

وفي يوليو أيضًا، صرحت جانيت يلين بعد زيارة للصين استمرت 4 أيام بأن محادثاتها مع الكثير من المسؤولين البارزين ” ساهمت في الدفع بالعلاقات بين الصين والولايات المتحدة من خلال وضعها على أسس أكثر صلابة”.

وفي معرض حديثها عن اجتماعاتها مع المسؤولين الصينيين، والتي وصفتها بأنها “مباشرة وموضوعية ومثمرة”، واتفق الجانبان على الحفاظ على الاتصالات رفيعة المستوى بشأن القضايا المهمة “على جميع المستويات في المجال الاقتصادي”، والتي كانت نتيجة رئيسية للاجتماع بين الرئيس بايدن والرئيس شي في بالي في نوفمبر 2022.

وفي 20 يوليو، التقى الرئيس شي جين بينج بوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر في بكين، وجاء الاجتماع بعد يومين من لقاء كيسنجر مع وزير الدفاع الصيني لي شانج فو.

تقييد استثمار الشركات الأمريكية في قطاعات حساسة في الصين

في شهر أغسطس، وقع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمرا تنفيذيًا يقيد الاستثمار الأمريكي في صناعات التكنولوجيا فائقة الحساسية في الصين مثل أشباه الموصلات وبعض قطاعات الذكاء الاصطناعي، في حين انتقدت الصين الخطوة، وهددت باتخاذ إجراءات للرد، وشددت على “أن القرار الأمريكي يعطل بشدة سلاسل التصنيع والإمداد العالمية”.

وفي 10 سبتمبر، التقى الرئيس الأمريكي رئيس مجلس الدولة لي تشيانج في قمة مجموعة العشرين في الهند، دون مخرجات هامة تذكر، وفي منتصف الشهر التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بوزير الخارجية الصيني وانغ يي في مالطا، وأجريا “مناقشات صريحة والموضوعية وبناء”، وكان آخر لقاء بينهما لقاء فيينا في مايو، وبعد يوم واحد من لقاء سوليفان ووانج يي، وعلى هامش قمة الأمم المتحدة في نيويورك التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنائب الرئيس الصيني هان تشنج.

تكامل الاقتصاديين

في 22 سبتمبر أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة المالية الصينية عن إنشاء مجموعة عمل اقتصادية مشتركة ومجموعة عمل مالية، تنفيذاً لما تقرر خلال وزيرة الخزانة الأميركية إلى بكين في يوليو، في 6 أكتوبر أضافت وزارة التجارة الأمريكية تضيف 42 كيانًا صينيًا إلى قائمة مراقبة الصادرات بسبب الدعم المزعوم للجيش الروسي.

وفي  9 أكتوبر التقى الرئيس الصيني شي جين بينج، وفدا من الكونجرس الأمريكي من الحزبين بقيادة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر. وخلال اللقاء دعا الرئيس شي إلى زيادة التعاون بين الصين والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن “اقتصادي الصين والولايات المتحدة متكاملان بعمق، ويمكن أن يستفيد كل منهما من تقدم الآخر”.

قيود جديدة

في الـ 19 من أكتوبر، شددت الولايات المتحدة من الإجراءات العقابية لتقييد مبيعات تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية إلى الصين، وتمنع القواعد الجديدة، الشركات الأمريكية من بيع رقائق معينة تستخدم في تطوير الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي للشركات الصينية، في ظل مخاوف من استخدام هذه التنقيات في تطوير الجيش الصيني.

واستهدفت القيود  الأمريكية أيضًا-وفقًا لما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي- حظر المبيعات من الشركات الأجنبية التي تستخدم معدات وتكنولوجيا أمريكية، وقبل قمة رئاسية بين بايدن وشي، أجرت الولايات المتحدة والصين في نوفمبر “محادثات نادرة” بشأن الحد من الأسلحة النووية، وفي 14 نوفمبر  اتفقت واشنطن وبكين على تعزيز التعاون في مجال العمل المناخي، بعد اجتماعات الأسبوع الماضي بين مبعوثي المناخ شيه تشن هوا وجون كيري في كاليفورنيا.

لقاء بايدن وشي

في الـ 15 من نوفمبر عقد الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الأمريكي جو بايدن أول اجتماع مباشر لهما منذ عام في سان فرانسيسكو على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وهي المرة الـ 2 التي يلتقي فيها الزعيمان خلال ولاية بايدن.

ووفقا لبايدن، كان الاجتماع “من بين أكثر الاجتماعات المثمرة التي عقدناها”، وأسفر عن الاتفاق على التعاون على العديد من الأصعدة. وبهدف بناء الثقة، اتفق الرئيسان على إنشاء عدة قنوات لتعزيز التعاون العسكري، والتعاون لمكافحة المخدرات، وتوسيع الرحلات الجوية المباشرة في الاتجاهين.

وختامًا يمكن القوّل إن العلاقات الصينية الأمريكية رغم أنها شهدت محاولات جادة من أجل إعادة بناء الثقة وتحسينها إلا أنه لا يمكن القول أننا وصلنا بعد لهذه المرحلة، الرأي السالف يدعمه تصريحات السفير الأمريكي، لدى الصين نيكولاس بيرنز حيث بنبرة ليست بالمتفائلة قال في 15 ديسبمر أي بعد شهر واحد من لقاء بايدن وشي، إنه من غير المتوقع تحسن علاقة واشنطن مع بكين في “وقت قريب”.

ربما يعجبك أيضا