دائمًا ما يشير المراقبون في إيران إلى رمزية “الحمار والفيل” في سباق الانتخابات الأمريكية، فالحمار يرمز الى الحزب الديمقراطى، والفيل يرمز الى الحزب الجمهورى، أي البيت الأبيض في انتظار حمار «هاريس» أم فيل «ترامب»؟
ويبدو أن هذه الرمزية ليست مجرد شعارات حزبية، بل خصائص الرمز تعبر عن طبيعة قيم وسياسات كل حزب عن الآخر وتأثيرها في الحياة الأمريكية والسياسة الداخلية والخارجية. فإن الحمار يرمز إلى الثبات والإصرار على السياسة الإصلاحية وهو نهج الديموقراطيين، بينما الفيل يرمز إلى السلطة والقوة، أي السياسة والاقتصاد في علاقة تبادلية، وهو نهج الجمهوريين.
نتيجة مفاجئة
الخبير السياسي، أبو الفضل فاتح، كتب في صحيفة اعتماد اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر، لا استغراب في نتيجة الانتخابات إذ ما قدم الحمار أو الفيل إلى البيت الأبيض، لأننا مازلنا أمام واحدة من أكثر الانتخابات غموضًا في التاريخ الأمريكي من حيث التنبؤ بالنتيجة، ولم تساعدنا استطلاعات الرأي على الوصول لنتيجة حتمية، فإن كلا المرشحين لديهما فرصة قريبة للفوز.
وأوضح الخبير الإيراني، أنه لا يجب الاستهانة بأصوات دونالد ترامب، وقد أثبت ذلك في أخر دورتين انتخابيتين أمريكيتين، سواء في عام 2016 عندما فاز أو في عام 2020 عندما خسر أمام الديموقراطي جو بايدن بفارق مليمتر واحد من الأصوات في كل ولاية. وهو ما يتكرر الآن أمام المرشحة الديموقراطية، كامالا هاريس.
ناخبون أغرب!
أكثر غرابة من ترامب ناخبوه، يقول أبو الفضل فاتح: “لا يعتبر ترامب شخصية شرعية في نظر الطبقة المثقفة، وكثير من أصواته تأتي من البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية، وإذا أراد الناس التصويت له من المتعلمين أو الملونين، فإنهم يخفون صوتهم أو لا يعبروا عنه أمام صناديق الاقتراع!
مشيرًا إلى أن هناك بلطجة من جانب ناخبيه، فإن ترامب لديه جماهير متعصبة غاضبة من خسارته. بالإضافة إلى وجود رغبة في العقل الأمريكي للانتقام من الديموقراطيين الذين تقاعسوا نحو قضايا مثل ما يحدث في الشرق الأوسط أو أوكرانيا.
وكل ذلك يمنح ترامب نسبة المليمتر أمام منافسته هاريس التي تراهن على أصوات النساء وعلى آرائها الليبرالية حول المساواة ولون البشرة. وهو ما يجعلنا أمام انتخابات أمريكية غير محسومة في التصويت الابتدائي أو استطلاعات الرأي، أو حتى على مستوى صناع القرار، وكأن أمريكا قد سئمت من الحمار والفيل!
تعقيد المعادلة الأمنية
في حوار مع صحيفة اعتماد الإيرانية، قال نادر انتصار، الأستاذ بجامعة جنوب ألاباما الأمريكية، حول تأثير نتيجة الانتخابات الأمريكية على أمن الشرق الأوسط: “لا تأثير كبير على التطورات في المنطقة إذا فازت هاريس، لكن فوز ترامب سيجعل التنبؤ بالتطورات المستقبلية أكثر صعوبة”.
مضيفًا: “دونالد ترامب شخصية لا يمكن التنبؤ بها وهو مزيج من الدجل وتعظيم الذات وكراهية النساء والعنصرية. بمعنى آخر، نحن أمام شخصية لم نشهدها على مستوى الرئاسة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، لذا من الصعب التنبؤ بمدى قدرة انتخابات الولايات المتحدة 2024 على التأثير على تطورات الوضع في العالم”.
مؤكدًا: “لكن فوزه بلا شك سيعقد المعادلة الأمنية في الشرق الأوسط، فإن المعادلة لا تزال إيران أم إسرائيل. وإن دعم إسرائيل يتعلق بالمصلحة الأمريكية، كما أن يتحدث عن السلام، لا عن الدولة الفلسطينية، ولذلك هو دعم الاتفاق الإبراهيمي، لأن هدفه وما زال هو جعل القضية الفلسطينية تختفي بوصفها قضية مركزية في الشرق الأوسط”.
مشروع 2025 خطر قادم
أضاف الأكاديمي الإيراني: “ينبغي القول إننا في عام 2024 لن نرى ترامب مختلفًا عما كان عليه في عام 2016. فقد أصبح ترامب شخصية لا يمكن التنبؤ بها، ليس فحسب من حيث سياسته الخارجية، ولكن أيضا من الناحية النفسية، فهو يتحدث دائمًا عن قتل معارضيه، باسم “العدو الداخلي”!
“إذا أردنا أن نعرف ماذا سيحدث إذا فاز ترامب، فإن أهم وثيقة يجب قراءتها هي مشروع 2025. ومن المهم أن نذكر هذه النقطة التي بدأ الديمقراطيون يتحدثون عنها مؤخرًا حول مخاطر مشروع 2025 هذا.
مشروع 2025، عبارة عن مجموعة من مقترحات الانتقال السياسي لعام 2025 في حالة فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية. وقد تمت كتابته في معهد هدسون، أحد مراكز الأبحاث في نيويورك، الذي تم تأسيسه من قبل المحافظين الجدد الأمريكيين بهدف تحقيق برامج مختلفة لتغيير السياسة الخارجية وكذلك السياسة الداخلية لأمريكا، ويهدف إلى تركيز جميع السلطات في أيدي البيت الأبيض.
إما الحرب أو السلام
أشار نادر انتصار، إلى أنه لا توجد علاقات رسمية بين إيران وأمريكا، لكن نوعية صراعاتهما تشبه نهج “لا حرب ولا سلام”، وهذا مستمر منذ سنوات. لكن نهج ترامب إذا ما وصل إلى البيت الأبيض، قد يزيد من حدة التوتر بهدف تغيير هذا النهج إلى “إما الحرب أو السلام“!
موضحًا، أن دونالد ترامب قد صمم قائمة من 12 بندًا بشأن الإجراءات التي يجب على إيران اتخاذها، وإذا قبلت هذه القائمة، فستبدأ المشاورات. وكانت هذه القضية مرتبطة بالوقت الذي كان فيه مايك بومبيو وزيرًا لخارجية الولايات المتحدة. ولا يزال لدى ترامب تلك القائمة وهي ضمن مشروع 2025.
وحول الدور الأوروبي في التوازن، قال الخبير الإيراني: أوروبا تلتزم بالسياسة الأمريكية رغم مخاوفها من وصول ترامب وتأثير ذلك على السياسة المتبعة في أوكرانيا تجاه روسيا، فإن التشاور مع الدول الأوروبية لن يكون مثمرًا، لأن الفاعل الرئيسي هو واشنطن.
إمكانية الحوار
يبدو السؤال منطقيًا، لماذا تصر إيران على استمرارية العداء مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ من وجهة نظر المحللين الاقتصاديين، فإن حل مشكلة العقوبات وتحسين المؤشرات الاقتصادية يعتمد على إجراء مفاوضات مباشرة مع أمريكا. لكن من وجهة نظر الاستراتيجيين والعسكريين، فإنهم يعتبرون العلاقة مع أمريكا مضرة بمصالح إيران، وذلك بالنظر إلى تاريخ أمريكا الذي يعمل على توظيف إيران في خدمة مصالحها.
لكن الخبير الإيراني، مازیار بالائي، قال في حوار مع صحيفة اعتماد: “هناك احتمال ممكن للحوار بين واشنطن وطهران، بشرط أن تتمكن أمريكا من السيطرة على إسرائيل وإدارتها”.
وأضاف عضو حزب الاعتدال الإيراني: “يبدو أن البلدين توصلا إلى استنتاج مفاده أنه يتعين عليهما خفض مستوى التوتر والتحرك نحو علاقات أكثر إيجابية، فإن النبضات التي أرسلتها طهران وردود الفعل التي أرسلتها واشنطن تعطي موضوعية لهذا التحليل”.
ثنائية قطبية زائفة
وتابع: “في الأساس، لا يوجد فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يتعلق بالمواجهة مع إيران، لكن هذا النهج خلق ثنائية قطبية زائفة في إيران، بين مؤيدي العلاقة أو التفاوض مع أمريكا ومعارضي ذلك. كما أن معارضي الحوار حولوا قضية العداء لأمريكا إلى قضية هوية وأيديولوجية واستبعدوا إمكانية أي نوع من المرونة في مجال السياسة الخارجية للبلاد”.
مشيرًا إلى أن فن أي دولة في مجال العلاقات الدولية هو المرونة في المواقف الضرورية، وأن “المواقف الأخيرة التي اتخذها السيد علي ولايتي وكمال خرازي وعباس عراقجي والرئيس مسعود بزشكيان نفسه تهدف إلى إنهاء هذا الخلاف”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2036131