تشترك الهند وإفريقيا في روابط تاريخية عميقة الجذور، تشكلت من خلال نضالاتهما ضد الاستعمار ورؤية مشتركة للاستقلال، وقد أرست هذه الرابطة الأساس للشراكة الطويلة الأمد بين الهند وإفريقيا، والتي امتدت إلى أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية.
تطورت العلاقة بين الهند وإفريقيا إلى علاقة تطلعات مشتركة لنظام عالمي متعدد الأقطاب، ويجسد هذا الالتزام الدعوة المستمرة من جانب الهند لتمثيل إفريقيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودفعها الناجح لإدراج الاتحاد الإفريقي في مجموعة الـ20 خلال رئاستها في عام 2023.
البحرية الهندية في إفريقيا
أوضحت مجلة “أوراسيا ريفيو”، في تقرير نشرته 8 يناير 2025، أن للبحرية الهندية دور محوري في مشاركة الهند مع إفريقيا، فهي تعمل كأداة أساسية لمبادرة الأمن والنمو للجميع في المنطقة (SAGAR)، التي تؤكد على التزام الهند بضمان الأمن البحري، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء منطقة المحيط الهندي.
وفي عام 2024، وسعت البحرية الهندية من وجودها في إفريقيا، فأجرت عمليات نشر واسعة النطاق، وعرضت القدرات البحرية الهندية وعززت الشراكات مع الدول الإفريقية، وشملت هذه المشاركات تبادلات مهنية مع القوات البحرية الإفريقية، وتدريبات مشتركة لتحسين التشغيل البيني، ونقل التكنولوجيا البحرية، مثل سفن الاعتراض السريع إلى موزمبيق، لتعزيز الأمن الإقليمي.
البحرية الهندية تحتجز مجموعة من القراصنة الصوماليين
البحرية الهندية والأمن البحري
قالت المجلة إن الأمن البحري يشكل حجر الزاوية في استراتيجية الهند نحو إفريقيا، حيث تواجه البحرية الهندية التحديات الرئيسية مثل القرصنة والسطو المسلح في البحر، وكان خليج غينيا، البؤرة الساخنة سيئة السمعة للجرائم البحرية، نقطة محورية لهذه الجهود، حيث وفرت الدوريات البحرية الهندية الأمن الحاسم لممرات الشحن الدولية وضمنت سلامة طرق التجارة الحيوية.
وأضافت أن البحرية الهندية أجرت مهام مراقبة مشتركة مع بحريات الدول الإفريقية، وقدمت الخبرة في إدارة المناطق البحرية الكبيرة، كما عززت برامج التدريب للضباط البحريين الأفارقة القدرة الإقليمية، مع التركيز على مجالات مثل مكافحة القرصنة وعمليات البحث والإنقاذ وإنفاذ القانون البحري، ما يكشف أن الهند شريك مفضل للدول الإفريقية في حماية مصالحها البحرية.
المساعدات الإنسانية
ذكرت المجلة في تقريرها أن قدرة البحرية الهندية على تقديم المساعدات الإنسانية السريعة والفعالة عززت سمعة الهند كشريك موثوق به بين دول إفريقيا، وسارعت بالاستجابة لإعصار هيدايا في كينيا في 2024، حيث خلفت الفيضانات المدمرة التي تسبب فيها الإعصار الآلاف من النازحين والمحتاجين بشكل عاجل إلى المساعدة.
وأضافت أن السفينة الحربية الهندية سوميدا، التي تم نشرها في البداية لعمليات مكافحة القرصنة قبالة الصومال، أعيد توجيهها لتسليم الغذاء والإمدادات الطبية ومواد الإغاثة الأخرى إلى المناطق المتضررة، ما يسلط الضوء على تنوع البحرية الهندية واستجابتها، ووضع الهند كشريك إنساني للدول الإفريقية يمكن الاعتماد عليه في أوقات الأزمات.
تعزيز العلاقات
أوضح تقرير المجلة أن العديد من التحديات تعوق تحقيق الإمكانات الكاملة للعلاقات الهندية الإفريقية، ومن أهم التحديَّات تأخير استضافة قمة منتدى الهند وإفريقيا، التي عقدت آخر مرة في عام 2015، مشيرة إلى أن غياب هذا الحدث الرائد يخلق تصورًا بأن إفريقيا ليست أولوية بالنسبة لنيودلهي.
ولفت إلى أن وزارة الشؤون الخارجية الهندية تواجه صعوبات في تخصيص الموارد الكافية لإفريقيا، وذلك بسبب تركيزها المنقسم بين جنوب آسيا، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والشراكات مع القوى الغربية، وتحد هذه الصعوبات من قدرة الهند على إطلاق مبادرات جديدة، والوفاء بالالتزامات القائمة، والحفاظ على المشاركة السياسية رفيعة المستوى مع الدول الإفريقية.
الاستفادة من الدبلوماسية البحرية
أوضح تقرير المجلة أن الدبلوماسية البحرية الهندية تقدم فرصة فريدة لمعالجة هذه التحديات وتعميق مشاركتها مع إفريقيا، ومن خلال البناء على نجاحات مبادرة SAGAR، يمكن للهند أن تسعى إلى اتباع العديد من الاستراتيجيات الرئيسية، والتي تشمل توسيع التعاون البحري، وتوفير التدريب المتقدم، ونقل التكنولوجيا للقوات البحرية الإفريقية.
ولفت إلى ضرورة تنشيط المشاركة السياسية، حيث تشير استضافة قمة منتدى الهند وإفريقيا الرابعة، إلى التزام متجدد بالشراكة، مشيرًا إلى أن الزيارات رفيعة المستوى التي يجريها القادة الهنود إلى الدول الإفريقية من شأنها أن تعزز هذه الرسالة.
وأضاف أن الهند تستطيع الاستفادة من قطاعها الخاص لاستكمال المبادرات التي تقودها الحكومة، موضحًا أن الشركات الهندية، العاملة في مجال التكنولوجيا والرعاية الصحية والطاقة المتجددة، أبدت اهتمامًا كبيرًا بإفريقيا، ما يوفر مسارًا للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2099436