تحذيرات من مؤامرة.. ما قصة اتهام تونس بالعنصرية ضد الأفارقة؟

رفضت تونس اتهامها بالعنصرية ضد الأفارقة، بسبب إعلانها حملة ضد الهجرة غير الشرعية، وصفها البعض بأنها مؤامرة على البلاد.

وفنّد المسؤولون في تونس، اليوم الاثنين 6 مارس 2023 الاتهامات التي طالت الرئيس قيس سعيّد بـ”تغذية التحريض ضد المهاجرين الأفارقة” في أحد خطاباته قبل نحو أسبوع، تزامنًا مع إعلان وزارة الداخلية التونسية عن توقيف مخالفين لشروط الإقامة.

اتهامات واهية

أعربت الحكومة التونسية، في بيان عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تعجبها مما وصفته بـ”الحملة المعروفة مصادرها”، رافضة الاتهامات بالعنصرية تجاه الأفارقة المهاجرين، ومشيرة إلى أن تونس من مؤسسي “منظمة الوحدة الإفريقية”، التي تحولت لاحقًا إلى “الاتحاد الإفريقي”.

وشدد البيان على أن “تونس دولة إفريقية بامتياز، وهذا شرف، وجميع الأفارقة إخوة لها”، مشيرًا إلى أن تونس دعت في السنوات الماضية إلى أن تكون “إفريقيا للأفارقة” وحثت على التصدي لجرائم الاتجار بالبشر التي يعاني بسببها الجميع في القارة السمراء إلى الآن.

بين غضب الحكومة التونسية وتنديد قيس سعيّد.. هل تُحاك مؤامرة ضد تونس بشأن أزمة المهاجرين؟

تدابير تونسية جديدة

قالت الحكومة في بيانها إن “تونس لم ولن تقبل أن يكون الأفارقة ضحايا هذه الظاهرة المشينة (الاتجار بالبشر) لا فيها ولا خارجها، وستبقى دولة تعمل على نصرة ضحايا هذه الجرائم”، مشيرة إلى أنها كانت سباقة بإصدار قانون سنة 2018 للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومظاهره.

اقرأ أيضًا : الحرب تقترب.. أذربيجان تسمح لإسرائيل باستهداف إيران عبر مطاراتها

كشفت الحكومة التونسية عن عدد من الإجراءات للتسهيل على الأجانب المقيمين بتونس، ولحماية مختلف الجاليات، شملت تسليم بطاقات إقامة لمدة سنة إلى الطلبة الأفارقة، وتمكينهم من التجديد الدوري لوثائقهم في الأوقات المناسبة.

وتضمنت الإجراءات تمديد وصل الإقامة من 3 إلى 6 أشهر، وتسهيل المغادرة الطوعية لمن يرغب في ذلك، في إطار منظم وبالتنسيق المسبق مع السفارات والبعثات الدبلوماسية للدّول الإفريقية بتونس.

بين غضب الحكومة التونسية وتنديد قيس سعيّد.. هل تُحاك مؤامرة ضد تونس بشأن أزمة المهاجرين؟

محاربة الاتجار بالبشر

شملت إجراءات الحكومة التونسية إعفاء الأفارقة من دفع غرامات التأخير، المستحقة على الوافدين الذين تجاوزوا مدة الإقامة المسموح بها، في إطار العودة الطوعية، بالإضافة إلى تكثيف المساعدات الاجتماعية والصحية والنفسية الضرورية للمهاجرين واللاجئين من الدول الإفريقية، من خلال منظمة الهلال الأحمر التونسي وشركائها.

وتعمل هذه الإجراءات، وفق البيان، على “ردع كل أنواع الاتجار بالبشر، والحدّ من ظاهرة استغلال المهاجرين غير النظاميين، من خلال تكثيف حملات الرقابة، ووضع رقم أخضر على ذمة المقيمين من مختلف الدول الإفريقية، للإبلاغ عن أي تجاوز في حقهم”.

ووجه البيان الشكر إلى الدول الإفريقية، التي قال إنها “عززت إجراءاتها لحماية الجالية التونسية المقيمة بها”.

بين غضب الحكومة التونسية وتنديد قيس سعيّد.. هل تُحاك مؤامرة ضد تونس بشأن أزمة المهاجرين؟

غضب وتنديد من قيس سعيّد

علق الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الأحد، على الاتهامات الموجهة إلى بلاده، وندد بالعنصرية، مشددًا على أن “تونس ستتخد كل الإجراءات القانونية ضد مرتكبي تلك الجريمة”، في إشارة إلى الهجرة غير الشرعية، على اعتبارها نوعًا من الاتجار بالبشر.

وكان سعيّد طلب من قوات الأمن طرد جميع المهاجرين غير الشرعيين، يوم 21 فبراير الماضي، معتبرًا أن “الهجرة (غير الشرعية) مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية في تونس، من خلال زيادة طابعها الإفريقي، والحد من هويتها العربية”.

وأضاف في خطاب متلفز، أن المهاجرين الذين انتهت أو تجاوزت مدة إقامتهم بالبلاد، بإمكانهم المغادرة من دون عقوبة، بعد أن ثبت عجز كثير ممن سعت السلطات لترحيلهم عن دفع غرامات الإقامات المتأخرة.

بين غضب الحكومة التونسية وتنديد قيس سعيّد.. هل تُحاك مؤامرة ضد تونس بشأن أزمة المهاجرين؟

توحيد جهود الدول الإفريقية

قالت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، اليوم الاثنين، إن ملف الهجرة من الملفات الحساسة، التي يجب التعامل معها بتنسيق تام، من أجل “مراعاة كرامة الإنسان ومنع الاتجار به” و”نشر القانون الدولي الإنساني”.

وأضافت بودن خلال لقاء مع نائبة عميدة السفراء الأفارقة سفيرة دولة السنغال بتونس، زاما تولايا با فاي، أن بلادها حريصة على توحيد جهود الدول الإفريقية، لما لها من أهمية في تمكين الشباب والمرأة، وخلق فرص عمل ودفع الاستثمار ومحاربة الفقر، حسب رؤية شاملة في القارة السمراء.

بين غضب الحكومة التونسية وتنديد قيس سعيّد.. هل تُحاك مؤامرة ضد تونس بشأن أزمة المهاجرين؟

مؤامرة كيدية

قال الأكاديمي والمحلل السياسي التونسي فتحي الورفلي، إن التصريحات الأخيرة للرئيس سعيّد أراد البعض استغلالها بطريقة ما لتنفيذ أجندة خاصة، في ظل الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه تونس.

وأضاف الورفلي، في اتصال من فرنسا مع شبكة رؤية الإخبارية، أن إدانة إجراءات الرئيس سعيّد تجاه المهاجرين غير الشرعيين، أو المخالفين لشروط الإقامة، تنبع من اعتباره رئيسًا يجب أن يدافع عن بلاده، موضحًا أن “ترحيل الأفارقة من تونس لم يكن بطريقة مهينة، على عكس ما حدث في غينيا، عندما رحّلت تونسيين من أراضيها بطريقة مهينة”، على حد قوله.

فتحي الورفلي الأكاديمي والمحلل السياسي التونسي

وأشار الأكاديمي التونسي إلى أن “كوت ديفوار صدر منها التصرف ذاته ضد التونسيين، بل وعلقت الكثير من رحلات السفر إلى تونس”، وقال: “توجد مؤامرة كيدية ضد تونس بسبب الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومة السابقة، فتسببت في تحويل البلاد إلى منصة خلفية لاستقبال المهاجرين”، على حد وصفه.