الرقائق الإلكترونية ورسوم ترامب الجمركية.. ضحايا جدد

أحمد عبد الحفيظ
الرقائق الإلكترونية

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على الرقائق الإلكترونية ومكوناتها، صدمة في الأسواق العالمية، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على هذه التكنولوجيا في القطاعات الصناعية والرقمية.

وتأتي الخطوة في إطار سياسة ترامب الاقتصادية التي أعاد تفعيلها مع بداية ولايته الجديدة في 2025، تحت شعار “استعادة الهيمنة الاقتصادية الأمريكية”، لتثير تساؤلات الجميع كيف ستكون المواجهة بين صناعة الرقائق الإلكترونية ورسوم ترامب الجمركية.

الرقائق الإلكترونية ورسوم ترامب الجمركية

بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية في تقرير نشر، الاثنين 14 أبريل 2025، فقد استهدفت الرسوم الجديدة واردات الرقائق الإلكترونية من الصين ودول العالم، وتحديدًا المكونات الأساسية المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات، التي تعد العمود الفقري للتقنيات الحديثة، من الهواتف إلى السيارات والطائرات.

وتقدّر هذه الرسوم الجديدة بنسبة قد تصل إلى 60% على بعض المنتجات، ما يهدد بتفاقم أزمة التوريد العالمية، ويعيد إلى الأذهان ما شهده العالم خلال جائحة كورونا من نقص شديد في الشرائح الإلكترونية.

تصميم الرقائق

لماذا تعد الرقائق الإلكترونية عنصرًا حيويًا في الاقتصاد العالمي؟

الرقائق الإلكترونية، أو أشباه الموصلات، تُستخدم اليوم في كل ما هو “ذكي” في حياتنا من الهواتف المحمولة والحواسيب، إلى السيارات الكهربائية، والأجهزة الطبية، وحتى الأسلحة المتقدمة.

وتعد تايوان، كوريا الجنوبية، والصين من أبرز الدول المُنتجة والمُصنعة للرقائق عالميًا، وهو ما يجعل قرارات ترامب مثيرة للجدل، خاصة وأنها تستهدف مراكز الإنتاج الأساسية.

زيادة الرسوم على هذه المكونات الحيوية من شأنها أن ترفع تكاليف التصنيع ليس فقط في أمريكا، بل في كافة الدول المستوردة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الإلكترونية مثل الهواتف وأجهزة الحاسوب بنسبة تتراوح بين 12% و18%، وفق تقديرات “TrendForce”. كما قد يتأثر قطاع السيارات الذكية والطائرات بدون طيار، الذي يعتمد كليًا على الشرائح المتطورة.

كيف كان رد فعل السوق العالمي؟

جاءت ردود الفعل على قرار ترامب سريعة، ففي الصين، عبّرت وزارة التجارة عن رفضها للقرار، معتبرة إياه “تصعيدًا تجاريًا غير مبرر”، فيما لمّحت إلى إمكانية فرض إجراءات مضادة،  أما في أوروبا، فدعت المفوضية الأوروبية إلى التهدئة والحوار، محذرة من تأثير التصعيد على سلاسل الإمداد العالمية.

في الولايات المتحدة نفسها، أبدت شركات مثل Apple وNvidia قلقها من القرار، مشيرة إلى أن الرسوم قد تؤدي إلى تأخر الإنتاج، وارتفاع الأسعار، وتقلص هامش الأرباح.

وقالت رابطة صناعة أشباه الموصلات الأمريكية (SIA) إن هذه الخطوة “قد تضعف الصناعة الأمريكية أكثر مما تحميها”، بسبب اعتمادها الكبير على المواد المستوردة.

التأثير على السوق العالمي

لم تكن الأسواق العالمية بمنأى عن هذه التطورات. فالدول النامية والمتقدمة على حد سواء تعتمد على استيراد المنتجات الإلكترونية المعتمدة على الرقائق.

ويُتوقع أن تشهد الأسواق حول العالم ارتفاعًا في أسعار الهواتف الذكية، أجهزة الكمبيوتر، والسيارات الكهربائية، بنسبة قد تصل إلى 20% خلال الشهور المقبلة.

كما قد يتأثر النمو في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي، نتيجة ارتفاع التكاليف وتباطؤ عمليات التصنيع. من المتوقع أيضًا أن تُراجع الشركات والمؤسسات خططها التقنية أو تؤجل استثماراتها الجديدة، بانتظار وضوح الرؤية في السوق.

هل التصنيع المحلي هو الحل؟

أمام هذا التهديد، بدأت العديد من الدول في مراجعة استراتيجياتها التصنيعية. ففي الولايات المتحدة، أعلنت شركة Intel عن خطة لبناء مصنع جديد للرقائق بقيمة 20 مليار دولار في أوهايو.

كما أطلق الاتحاد الأوروبي خطة تمويلية بقيمة 43 مليار يورو لتعزيز الإنتاج المحلي للرقائق، في محاولة لتقليل الاعتماد على آسيا.

لكن الخبراء يُجمعون على أن البدائل المحلية تحتاج سنوات طويلة لتؤتي ثمارها، ولا يمكنها سد الفجوة الحالية، خصوصًا في حال تصعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. ومع غياب اتفاقيات تجارية واضحة، سيظل السوق العالمي رهينًا للتقلبات والمضاربات، ما يُعقد المشهد التكنولوجي أكثر.

 فرصة أم أزمة تكنولوجية جديدة؟

بينما يرى الرئيس ترامب أن فرض الرسوم الجمركية على الرقائق الإلكترونية ضرورة قومية لحماية الاقتصاد الأمريكي، يرى محللون أنها قد تشعل أزمة تكنولوجية عالمية، تُعيد خلط أوراق السوق، وتؤثر على أسعار المنتجات في كل بيت حول العالم.

في ظل هذا الواقع، تبدو الرقائق الإلكترونية اليوم أكثر أهمية من النفط، ما يجعل أي تحرك تجاهها محاطًا بالحذر والترقب. والسؤال الآن: هل السوق العالمي مستعد لأزمة رقمية جديدة؟

ربما يعجبك أيضا