أعرب حفيد المهندس إيفل مصصم البرج الفرنسي الشهير، ورئيس جمعية أحفاده، أوليفييه بيرثيلو إيفل، عن معارضته الشديدة لقرار هيدالجو، مُعتبرًا أن الحلقات "تكسر تصميم النصب التذكاري تمامًا" وأنها "لا تحترم عمل أسلافهم".
برج إيفل، الذي يمثل رمزًا فرنسيًا شهيرًا ومحبوبًا عالميًا، أصبح محورًا لصراع سياسي في العاصمة الفرنسية باريس، قبيل الانتخابات البلدية المقررة في عام 2026.
ويتعلق النزاع بالشعار الأولمبي المكون من خمس حلقات، والذي تم تثبيته على البرج بمناسبة استضافة باريس للألعاب الأولمبية 2024.
التوترات السياسية
حسب مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، عبرت عمدة باريس، آن هيدالجو، عن رغبتها في الحفاظ على الحلقات الأولمبية على برج إيفل حتى بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، معتبرةً أن ذلك سيسهم في استمرار “الروح الاحتفالية” للألعاب. ومع ذلك، فإن منافستها المحتملة على منصب العمدة، رشيدة داتي، ترى أن هذا التوجه يُعتبر محاولة من هيدالجو لاستخدام المعلم الشهير كوسيلة للترويج لنفسها في الانتخابات القادمة.
ومن جانب آخر، أعرب حفيد المهندس إيفل مصصم البرج الفرنسي الشهير، ورئيس جمعية أحفاده، أوليفييه بيرثيلو إيفل، عن معارضته الشديدة لقرار هيدالجو، مُعتبرًا أن الحلقات “تكسر تصميم النصب التذكاري تمامًا” وأنها “لا تحترم عمل أسلافهم”. قائلًا إن تزيين برج إيفل لم يكن غير مسبوق، حيث استخدم في السابق لنقل رسائل سياسية أو لأغراض تجارية، لكن هذه التركيبات كانت دائمًا مؤقتة.
أحفاد إيفل
ينضوي عدد من ورثة جوستاف إيفل تحت جمعية تحمل اسم الجدّ الأكبر الذي كان صناعيًا ومهندسًا أشرف على تشييد البرج بمناسبة المعرض الكوني الذي أُقيم في باريس عام 1889، ورغم اختلاف الآراء والأذواق، آنذاك، حول الصرح المعدني الحداثي، البالغ ارتفاعه 330 مترًا، فإنه بقي في مكانه على ضفة نهر السين وسط العاصمة، ولم يجرِ تفكيكه. ومع الزمن، صار أشهر مَعْلم سياحي يقصده 7 ملايين زائر في السنة، ثلاثة أرباعهم من الأجانب.
وبهذا، فإن الأحفاد يعدّونه رمزًا قوميًا لا يجوز العبث به وتغيير مظهره بشكل دائم، وجرت العادة في السنوات الأخيرة على أن يحمل البرج رموزاً تدعم قضايا إنسانية وسياسية معيّنة، لكنها بقيت مؤقتة تُزال بعد انقضاء الهدف منها. لذلك أثار قرار العمدة بإبقاء الحلقات الأولمبية جدلاً بين خصومها، وأبرزهم رشيدة داتي وزيرة العدل السابقة ووزيرة الثقافة المستقيلة والعمدة الحالية للدائرة السابعة من العاصمة.
ولكن هيدالغو ردَّت في تصريح لصحيفة “أويست فرانس”، بأنّ القرار يعود لها وإلى المدينة بوصفها رئيسة البلدية المشرفة على إدارة البرج، وأن البرج مملوكًا لباريس، وذكرت أنها حصلت على موافقة اللجنة الأولمبية العالمية، وأثار كلامها غضب رئيس «جمعية أحفاد إيفل» الذي ردَّ بتصريح مضاد أعاد فيه التذكير بأن هيدالجو لا تمتلك الحقوق المعنوية لأعمال مهندس البرج.
انتقادات وصراعات
عضو مجلس مدينة باريس وحليف داتي، ديفيد ألفاند، انتقد هيدالجو بشدة، مُشيرًا إلى أنها “تستغل الألعاب الأولمبية لتحقيق مكاسب سياسية” واصفًا إياها بـ “الانتهازية”، مضيفًا أن برج إيفل “لم يُبْنَ لتعليق أي شيء عليه”.
ويشير تاريخ برج إيفل يشير إلى أنه لم يكن دائمًا محبوبًا، فقد واجه البرج، الذي صممه المهندس جوستاف إيفل لمعرض العالم عام 1889، معارضة كبيرة من المهندسين المعماريين والسكان في البداية، كما انتقده الروائي غي دو موباسان، واصفًا إياه بـ “الهيكل العملاق غير المتناسق”، حتى في الوقت الحالي قاوم معسكر هيدالجو الانتقادات، التي تُعتبر جزءً من الشكاوى التقليدية للباريسيين المعروفين بكراهيتهم لأي تغيير في العاصمة.
ردود أفعال أخرى
تبنت رشيدة داتي نهجًا دبلوماسيًا في التعامل مع النزاع، مؤكدة عبر منصة “إكس” أن برج إيفل هو “معلم محمي” لا يمكن تعديله إلا بعد تقييم الأثر وفي ظل ظروف معينة، وانتقد رئيس جمعية “المواقع والمعالم الأثرية”، جوليان لاكاز، خطة هيدالجو، مشددًا على أن البرج يجب أن يظل رمزًا لفرنسا وليس وسيلة للترويج الشخصي.
ومهما كان القرار النهائي بشأن الحلقات الأولمبية، فإنه يتعين إزالة التركيبات الفولاذية الحالية التي تزن 30 طنًا، حيث أنها ثقيلة جدًا لتبقى على البرج بشكل دائم، وقالت هيدالغو إن المدينة تخطط لاستبدالها بحلقات أخف وزنًا، في محاولة للتوفيق بين الاحتفالية واستدامة المعلم التاريخي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1973889