تواصل المملكة العربية السعودية تأكيد موقفها القوي والثابت تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية في سياساتها الخارجية.
ولطالما شددت الرياض على أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا من خلال حل الدولتين، ورفض أي محاولات لفرض حلول تتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني، وفي هذا الإطار، جاء الموقف السعودي الحازم تجاه التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، التي أثارت جدلًا واسعًا حول تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
الموقف السعودي الحاسم
أعربت السعودية عن رفضها القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مشددةً على أن القضية الفلسطينية تظل في صلب أولوياتها، وأن تحقيق السلام الدائم يتطلب قبول مبدأ التعايش السلمي وفقًا لحل الدولتين، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
وجاء الموقف خلال اجتماع مجلس الوزراء، الذي عُقد برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وشدد مجلس الوزراء السعودي، خلال اجتماعه الثلاثاء، على “الرفض القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة بشأن تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق من أرضه”، مشددًا على أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة محورية في سياسات المملكة.
كما جدد المجلس التأكيد على أن تحقيق السلام لن يكون ممكنًا إلا من خلال حل الدولتين، الذي يضمن للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تصريحات نتنياهو المثيرة للجدل
تأتي التصريحات السعودية ردًا على ما أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، حين قال إن “السعودية لديها مساحات شاسعة، وبإمكانها إقامة دولة فلسطينية عليها”، في إشارة أثارت انتقادات واسعة، باعتبارها محاولة لتجاهل الحقوق الفلسطينية في أرضهم التاريخية.
وكانت المملكة شددت، الأحد 9 فبراير 2025، رفضها القاطع لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرة أنها تهدف إلى التغطية على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل تجاه الفلسطينيين في غزة.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن وزارة الخارجية السعودية بيانًا رسميًا جاء فيه: “تثمن المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، كما تثمن المملكة هذه المواقف التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية”.
وأضاف البيان: “تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي”.
إدانة للجرائم الإسرائيلية
قال البيان إن “هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساسًا؛ فقد دمرت قطاع غزة بالكامل، وقتلت وأصابت ما يزيد على (160) ألف شخص، أكثرهم من الأطفال والنساء، دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية”.
وتابع البيان: “تؤكد المملكة أن الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم”.
موقف المملكة من عملية السلام
أشار البيان إلى أن “أصحاب هذه الأفكار المتطرفة هم الذين منعوا قبول إسرائيل للسلام، من خلال رفض التعايش السلمي، ورفض مبادرات السلام التي تبنتها الدول العربية، وممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني لمدة تزيد على (75) عامًا، غير آبهين بالحق والعدل والقانون والقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، ومن ذلك حق الإنسان في العيش بكرامة على أرضه”.
كما شددت المملكة على أن “حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخًا، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، والسلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين”.
ردود الفعل الدولية
لم تكن السعودية الدولة الوحيدة التي أدانت تصريحات نتنياهو، فقد أعربت العديد من الدول العربية والإسلامية عن رفضها لهذه التصريحات، مؤكدة أنها تتناقض مع الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة، كما دعا المجتمع الدولي إلى وضع حد لهذه السياسات التي تساهم في تأجيج الصراع وتعقيد الوضع في الأراضي الفلسطينية.
وتأتي تصريحات نتنياهو في وقت حرج يشهد تصعيدًا خطيرًا في قطاع غزة، مما يعكس استمرار السياسة الإسرائيلية في التنصل من أي جهود سلمية حقيقية، ومع تصاعد الإدانات العربية والدولية يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة المجتمع الدولي على كبح جماح التطرف الإسرائيلي، وتحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
خطة ترامب
من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب، إن خطة نتنياهو وترامب، لتهجير الفلسطينيين من غزة “بلا جدوى ولا قيمة”، مشيرًا إلى أن صمود الشعب الفلسطيني والدول العربية التي رفضت هذه المخططات بشكل قاطع، سيفشلها كما أفشل مخططات سابقة.
ويضيف الرقب في تصريحات لـ “شبكة رؤية الإخبارية” أن “ترامب سيفشل في خطته الجديدة للتهجير، كما فشل في صفقة القرن سابقًا”، مشددًا على أن تكرار مشهد تهجير الفلسطينيين كما حدث عام 1948 “أمر غير وارد”، لافتًا إلى أن 70% من سكان قطاع غزة ينحدرون من أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية تم تهجيرهم منها عام 1948، ولن يسمحوا بإعادة السيناريو مرة أخرى.
وأشار الرقب إلى أن التصريحات الأمريكية تهدف إلى تجاوز المراحل الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مباشرة إلى المرحلة الثالثة، لافتًا إلى أن فريق ترامب يبرر ذلك بعدم مشاركته في صياغة المراحل السابقة رغم حضور موفده للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خلال الاتفاقات.
ويؤكد رفض السعودية والدول العربية والدول الغربية لخطة التهجير أن القضية الفلسطينية لا تزال محط اهتمام دولي، وأن محاولات تجاوز حقوق الفلسطينيين وفرض حلول قسرية لن تنجح في تحقيق أي استقرار، ويبقى الموقف السعودي والعربي داعمًا لحقوق الشعب الفلسطيني وثابتًا في مواجهة أي مخططات تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي والسياسي في الأراضي المحتلة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2130665