السيارات الكهربائية.. هل نحن مستعدون لمستقبل بدون بنزين؟

هل تفوز السيارات الكهربائية في سباق التحول الأخضر؟

أحمد عبد الحفيظ

يشهد سوق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة تطورات وتحديات متشابكة تحول دون تحقيق التحول الكامل نحو مستقبل كهربائي، رغم الجهود المبذولة لتشجيع التبني الجماعي لهذه التقنية.

ورغم استهداف الحكومة البريطانية للوصول إلى 22% من المبيعات الكلية عام 2023، فإن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية لم ترتفع بشكل ملحوظ منذ عام 2022، مما يهدد تحقيق الهدف الطموح بحظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري بحلول 2030.

ارتفاع التكاليف وضعف الحوافز

بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”، اليوم الخميس 23 يناير 2025، فإن التكلفة المرتفعة للسيارات الكهربائية تظل العائق الأكبر أمام العديد من المستهلكين.

وعلى سبيل المثال، يصل سعر سيارة فولكسفاغن ID.3 الكهربائية إلى 30,850 جنيه إسترليني، مقارنةً بسيارة بولو العاملة بالبنزين والتي يبلغ سعرها 20,990 جنيه.

إضافة إلى ذلك، ألغت الحكومة البريطانية الحوافز المالية المخصصة للسيارات الكهربائية عام 2022، كما ستُفرض ضرائب طرق على السيارات الكهربائية بدءًا من أبريل 2025، مما يجعل التكاليف الأولية المرتفعة أكثر عبئًا على المستهلكين.

تحسين البنية التحتية للشحن

رغم زيادة عدد نقاط الشحن العامة بنسبة 37% عام 2024، وارتفاع أجهزة الشحن فائقة السرعة بنسبة 84%، لا تزال البنية التحتية للشحن غير كافية، خاصة في المناطق الريفية.

وبينما يتمتع سكان لندن وجنوب شرق إنجلترا بسهولة الوصول إلى نقاط الشحن، يعاني سكان مناطق أخرى مثل ويلز والوسط من قلة التغطية. ووفقًا لتقرير مكتب التدقيق الوطني، تحتاج المملكة المتحدة إلى ما بين 250,000 إلى 555,000 نقطة شحن عامة بحلول 2030 لتلبية الطلب المتوقع.

العقبات التنظيمية والتخطيطية تعرقل كذلك تطوير البنية التحتية، يُشير مسؤولو الشركات إلى أن نسبة كبيرة من طلبات التخطيط تُرفض أو تستغرق وقتًا طويلًا، بالإضافة إلى تحديات الاتصال بشبكة الكهرباء، مما يزيد التكاليف ويؤخر التوسع.

ومع ذلك، تحاول الحكومة تقديم حلول مثل إنشاء صناديق تمويل للبنية التحتية المحلية، وتشجيع الشراكات بين السلطات المحلية وشركات شحن السيارات لتطوير مواقع متنوعة.

التكنولوجيا والابتكارات الجديدة

تتحسن تقنيات البطاريات بشكل ملحوظ، حيث تضاعف متوسط مدى السيارات الكهربائية 3 مرات في العقد الماضي ليصل إلى 380 كيلومترًا، كما بدأت شركات الطاقة مثل Ovo وOctopus في تقديم خطط شحن ميسرة تعتمد على أوقات ذروة الاستخدام والطاقة الزائدة، مما يتيح للمستخدمين توفير التكاليف أو حتى بيع الكهرباء إلى الشبكة باستخدام تقنية “السيارة إلى الشبكة” (V2G).

من جهة أخرى، تطرح حلول مبتكرة لتجاوز مشكلات الشحن في المنازل، مثل الشحن عبر الكابلات الممتدة تحت الأرصفة أو شحن المصابيح العامة، وهي تقنيات ثبت نجاحها في مدن مثل أوسلو.

التصورات الخاطئة وعقبة الإدراك

رغم التحسينات، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المخاوف المتعلقة بالمدى، ومدة الشحن، وتكاليف البطاريات لا تزال تثني الكثيرين عن التحول إلى السيارات الكهربائية.

وأظهرت دراسة أن أكثر من نصف سائقي السيارات التقليدية أخطأوا في الإجابة عن غالبية الأسئلة المتعلقة بالسيارات الكهربائية، مما يبرز الحاجة إلى حملات توعية لتصحيح التصورات الخاطئة.

التنقل المستدام كبديل للسيارات

بينما تهدف الحكومة البريطانية لتشجيع التحول إلى السيارات الكهربائية، تتزايد الدعوات لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة بشكل عام. تسعى لندن، على سبيل المثال، لرفع نسبة الرحلات المستدامة (المشي، ركوب الدراجات، واستخدام النقل العام) إلى 80% بحلول 2041.

ومع ذلك، تواجه بريطانيا تحديات في توفير بدائل تنقل ميسورة وموثوقة، خاصة في المناطق الريفية حيث النقل العام محدود.

في المقابل، تقدم بعض المدن حلولاً مثل مشاركة السيارات الكهربائية، حيث أظهرت تجارب في أكسفوردشاير أن كل سيارة كهربائية مشتركة قد تقلل من الحاجة إلى 20 سيارة خاصة.

آفاق مستقبلية

من المتوقع أن يغلق الفارق السعري بين السيارات الكهربائية والسيارات التقليدية خلال السنوات القليلة المقبلة مع انخفاض تكلفة البطاريات وزيادة المنافسة.

وتلعب الدول الرائدة مثل النرويج والصين دورًا ملهمًا بفضل الحوافز السخية والسياسات الحكومية الداعمة، ورغم العقبات الحالية، يتفق الخبراء على أن التحول إلى السيارات الكهربائية لا يتعلق فقط بتبديل التكنولوجيا، بل بتغيير أنماط التنقل بالكامل لتحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية. ولكن لضمان نجاح هذا التحول، يجب توفير حلول شاملة تعالج التكاليف، البنية التحتية، والتصورات المجتمعية.

ربما يعجبك أيضا