الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

فاطمة ماجد
الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

يجمع المؤرخون على أن الصين أول من عرفت الشاي منذ آلاف السنين مع بعض الإشارات المبكرة إلى شرب الشاي مذكورة في السجلات التي يرجع تاريخها إلى عهد أسرة شانج (1500 قبل الميلاد – 1046 قبل الميلاد).

وتم استهلاكه في مقاطعة يونان بشكل أساسي كمشروب طبي، كما كان للأمر طابعًا دينيًا ظنًا أنه مشروب يداوي المرضى.

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

الشاي في اليابان

في اليابان، ارتبط المشروب بدلالات وثيقة مع الطقوس الدينية والاجتماعية بسبب كون الكهنة البوذيين يستهلكونه بشكل كبير.

وفي القرن السادس الميلادي، جرى إرسال مبعوثين من اليابان إلى الصين للتعرف على الشاي والثقافة المرتبطة به وتم استيراد البذور من أجل زراعة النبات في اليابان.

كانت التبادلات النشطة والطقوس الاجتماعية المرتبطة بالشاي، ولا تزال، أجزاء مهمة من الحياة اليومية في المجتمع.

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

كيف انتقل من الشرق إلى الغرب؟

تعود قصة الشاي في أوروبا إلى القرن السابع عشر عندما أحضر الهولنديون الشاي الأخضر، لأول مرة إلى هذه القارة، وكان الشاي يعتبر في ذاك الوقت من المواد الغذائية الباهظة، فكان دواءً مهمًا يقتصر بيعه على الأماكن المخصصة لبيع العقاقير ومع الوقت توسع نطاق استخدامه.

ومع مرور الوقت، بدأت مقاهي الشاي في الظهور بجميع أنحاء المدن الكبرى، ما جعل الشاي أكثر سهولة للاستهلاك خارج مجتمع النخبة، وكان يشرب يوميًا بالإضافة إلى تقديمه للضيوف للترحيب بهم.

لم ينتقل فن صنع الشاي وشربه عبر الأجيال فحسب، بل انتشر أيضًا في المناطق الغربية وعبر مختلف القارات حول العالم.

في نهاية المطاف، انتشرت تجارة الشاي من الصين ومنغوليا إلى شبه القارة الهندية ومنطقة الأناضول والهضبة الإيرانية وما بعدها لتصل في النهاية إلى مناطق أوروبا وشمال إفريقيا.

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

اليوم العالمي للشاي

يحتفل العالم في 21 مايو باليوم العالمي للشاي، ذلك المشروب الساخن، الملهم للكثيرين، والمستمد من نبات كاميليا سينيسيس، وهو أكثر المشروبات استهلاكًا في العالم بعد الماء.

وبعيدًا عن الجانب الديني الذي انطبع به مشروع الشاي في الشرق، فقد لعب ذلك المشروب أدوارًا سياسية غيرت مجرى التاريخ في الغرب، وتحديدًا عام 1773، إذ أقدمت بريطانيا على خطوة جريئة بفرض الضرائب على مستعمرات أمريكا الشمالية، سمي حينها قانون الشاي.

وبموجب القانون، تم فرض ضريبة على الشاي عند نقطة الدخول في الموانئ، وأنشئ مكتب جمارك للأمر، في خطوة أرادت بريطانيا من ورائها مشاركة المستعمرات الواقعة تحت سيطرتها في تحمل نفقات جيوشها.

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

الشاي.. مشروب الكهنة بالشرق وصانع استقلال أمريكا بالغرب‎

غير أن الخطوة لم تكن سهلة التنفيذ، حيث اندلعت احتجاجات عارمة في المستعمرات انتهت بإلغاء الضرائب الجديدة، باستثناء تلك المتعلقة بالشاي.

لم تهدأ الاحتجاجات حيث تصدى الجنود البريطانيون للمتظاهرين، الأمر الذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وتمسكت بريطانيا بفرض ضريبة الشاي لتدفع الثمن غاليًا.

جاء وقت السداد بعد مرور 3 سنوات فقط، فبينما كانت 3 سفن تابعة لشركة الهند الشرقية ترسو في ولاية بوسطن، قام نحو 50 ناشطًا وصعدوا على متنها وأفرغوا حمولتها من الشاي في مياه المرفأ لتنطلق الشرارة الأولى لمعركة استقلال أمريكا عن التاج البريطاني.

وخرج سكان أغلب الولايات في احتجاجات انتهت العام 1776، باستقلال الولايات المتحدة في الرابع من يوليو من العام ذاته.

ربما يعجبك أيضا