أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في مقابلة مع “تلفزيون سوريا”، الاثنين 3 فبراير 2025، أن معركة إسقاط نظام بشار الأسد لم تكن وليدة اللحظة، بل خضعت لتخطيط دقيق استمر لسنوات.
وأوضح أن الثورة السورية لم تكن ضعيفة كما يعتقد البعض، بل امتلكت قوى عسكرية ذات خبرات متراكمة جعلتها تتفوق على النظام في عدة نواحٍ، مشيرًا إلى أن الضباط العسكريين في قوى الثورة خاضوا معارك صقلت مهاراتهم بشكل يفوق قوات النظام بأضعاف، مما أسهم في تحقيق انتصارات استراتيجية.
إشادة دولية بالأداء العسكري للثوار
كشف الرئيس السوري عن لقاء جمعه مع أحد الضباط الغربيين عقب سقوط النظام بأسبوعين، حيث خرج الضابط عن الأعراف الدبلوماسية وأبدى إعجابه الكبير بأداء القوات الثورية خلال المعركة.
وقال الشرع: “أخبرني الضابط أنه تابع المعركة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة، ووجد فيها مدرسة عسكرية متكاملة تستحق أن يكونوا تلاميذ فيها”. ثم قام الضابط بمنحه وساماً تقديراً لأداء قوات الثورة.
وأكد الشرع، أن تأكيده السابق على قوة الثورة لم يكن مجرد رفع للمعنويات، بل استند إلى معطيات دقيقة قارن من خلالها إمكانيات قوى الثورة والنظام، ليجد فارقاً كبيراً لصالح الثورة على جميع المستويات، سواء السياسية، الاقتصادية، العسكرية، الاستخباراتية، وحتى الاجتماعية.
التحضير الميداني وأهمية التوحيد العسكري
أوضح الرئيس السوري، أن القوى العسكرية المنضوية تحت راية الثورة اكتسبت احترافية وخبرات عالية على مدار السنوات الماضية، مشيراً إلى أن هذه القوات تتمتع بعدد كبير من المقاتلين، ما عزز من قوتها ومكانتها العسكرية.
وأضاف أن المعركة الحاسمة جاءت بعد تخطيط استمر لخمس سنوات في إدلب، تضمن توحيد الفصائل واستيعاب القوى المختلفة.
وأشار إلى أن البعض نصحه بعدم الدخول في معركة مباشرة مع النظام لتفادي دمار مشابه لما حدث في غزة، لكنه شدد على أن القرار كان محسوباً بدقة لضمان نجاح العملية.
مستقبل شمال سوريا ومفاوضات مع “قسد”
فيما يتعلق بوحدة البلاد ومستقبل شمال سوريا، أكد الشرع أن جميع الأطراف متفقة على رفض تقسيم سوريا، مشيراً إلى وجود مفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لحل ملف شمال شرق البلاد.
وأوضح أن “قسد” أبدت استعدادها لوضع السلاح تحت سلطة الدولة، لكن لا تزال هناك بعض النقاط العالقة التي تحتاج إلى تفاهمات إضافية.
كما شدد الرئيس السوري على أهمية بناء مؤسسات قائمة على القانون والمواطنة، مع التأكيد على عدم السماح بأي محاصصة طائفية في المناصب، إذ ستكون الكفاءة هي المعيار الأساسي في تعيين المسؤولين.
ضبط الأمن وإصلاح الاقتصاد
أكد الشرع أن سوريا وصلت إلى مرحلة من الاستقرار على مستوى السلم الأهلي، حيث أصبحت الحوادث الفردية في حدها الأدنى، مشيراً إلى أن الأولوية حالياً هي ضبط انتشار السلاح الذي كان في صفوف الثورة، وهو ملف تم التعامل معه بشكل ناجح.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد استعرض الشرع خطة إصلاح تمتد لعشر سنوات تهدف إلى جعل سوريا بيئة استثمارية جاذبة، مع التركيز على عودة النازحين وتعزيز العلاقات الدولية.
كما أوضح أن فريقاً اقتصادياً من أصحاب الخبرات العالية يجري تشكيله لوضع سياسة اقتصادية جديدة للبلاد.
العدالة الانتقالية وإعادة بناء الجيش
فيما يخص العدالة الانتقالية، أكد الشرع أن المرحلة القادمة ستشهد محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، دون المساس بالسلم الأهلي.
وأشار إلى أن كبار ضباط النظام الذين تورطوا في انتهاكات لم يشملهم أي عفو، وأن ملاحقتهم مستمرة وفق القانون.
كما شدد على أهمية تشكيل جيش وطني لحماية البلاد وصون أمنها، موضحاً أنه سيتم الاستعانة بالضباط المنشقين عن نظام الأسد للاستفادة من خبراتهم في إعادة بناء الجيش السوري الجديد.
نظام الحكم والدستور الجديد
أما بشأن النظام السياسي الجديد، فقد أكد الرئيس السوري أن سوريا لن تخضع لحكم فردي، بل ستكون دولة يحكمها القانون، وفق نظام جمهوري يشمل برلماناً وحكومة تنفيذية.
وكشف الشرع عن تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني، تهدف إلى جمع ممثلين عن جميع المحافظات السورية، موضحاً أن البيان الختامي لهذا المؤتمر سيضع الأسس لإعلان دستوري جديد.
وأشار إلى أن الفترة اللازمة للوصول إلى الانتخابات الرئاسية قد تستغرق ما بين أربع إلى خمس سنوات.
بهذا، تضع سوريا قدمها على طريق جديد، عنوانه المصالحة الوطنية، بناء المؤسسات، وإعادة الإعمار، في إطار دولة حديثة تقوم على العدل والقانون.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2125069