الشرق الأوسط… هل أصبح قاعدة استثمارية كبرى؟

أحمد عبد الحفيظ
أسعار النفط تستقر مع تقييم المتداولين لمخاطر الشرق الأوسط

لطالما كان الشرق الأوسط منطقة محورية في الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية للعالم، ولكن مع التحولات العالمية التي يشهدها الاقتصاد، بدأ يتصدر المشهد كساحة جاذبة للاستثمارات الكبرى.

السؤال الذي يطرح نفسه.. هل أصبح الشرق الأوسط بالفعل قاعدة استثمارية كبرى؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب النظر في عدة عوامل اقتصادية واستراتيجية تميز هذه المنطقة عن غيرها.

ثروات طبيعية وموقع استراتيجي

تقول مجلة “الإيكونوميست” في تقرير، الثلاثاء 18 مارس 2025 إنه منذ عقود، ارتبط الشرق الأوسط بكونه خزّان الطاقة العالمي، لما يمتلكه من احتياطيات نفط وغاز هائلة. تعتبر دول الخليج العربي من بين أكبر منتجي النفط في العالم، مما جذب الشركات العالمية إلى الاستثمار في البنية التحتية للطاقة والتكرير والخدمات اللوجستية المرتبطة بها.

لكن مع توجه العالم نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بدأت دول المنطقة في استكشاف مجالات استثمارية جديدة مثل الطاقة المتجددة.

إلى جانب الموارد الطبيعية، يتمتع الشرق الأوسط بموقع استراتيجي فريد، حيث يقع في قلب الطرق التجارية بين آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، مما يجعله مركزًا مثاليًا للخدمات اللوجستية والنقل البحري والجوي.

تنوع اقتصادي متسارع

في السنوات الأخيرة، اتجهت العديد من دول الشرق الأوسط، خاصة في منطقة الخليج، نحو تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط. على سبيل المثال، أطلقت السعودية “رؤية 2030” التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد إلى نموذج أكثر تنوعًا يعتمد على قطاعات مثل السياحة، والترفيه، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة.

دبي، على سبيل المثال، أصبحت مركزًا ماليًا وتكنولوجيًا عالميًا، يجذب الاستثمارات في قطاعات العقارات، والخدمات المالية، والسياحة، والتجارة الإلكترونية. قطر كذلك ضخت استثمارات ضخمة في البنية التحتية، خاصة استعدادًا لتنظيم كأس العالم 2022، مما عزز من جاذبيتها كوجهة استثمارية.

الاستقرار السياسي والتحديات الأمنية

رغم الفرص الواعدة، لا تزال التحديات الأمنية والسياسية تلقي بظلالها على البيئة الاستثمارية في الشرق الأوسط. النزاعات الإقليمية، وعدم الاستقرار في بعض الدول، تعد من العوامل التي قد تؤثر سلبًا على قرارات المستثمرين العالميين.

ومع ذلك، فإن دول الخليج استطاعت الحفاظ على استقرارها السياسي والاقتصادي، مما جعلها ملاذًا آمنًا لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في ظل تقلبات الأسواق العالمية.

بيئة تشريعية محفزة

عملت العديد من دول الشرق الأوسط على تطوير بيئة تشريعية جاذبة للاستثمارات الأجنبية، عبر قوانين جديدة تعزز من حماية المستثمر، وتسهّل إجراءات تأسيس الشركات، وتوفر حوافز ضريبية تنافسية.

الإمارات، على سبيل المثال، أنشأت مناطق حرة تقدم مزايا كبيرة للمستثمرين مثل الإعفاء الضريبي وحرية تحويل الأرباح.

أيضًا، هناك تركيز متزايد على دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة، لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وهو ما يفتح المجال أمام المستثمرين لاستغلال الفرص في قطاعات المستقبل.

التحول الرقمي والابتكار

التحول الرقمي هو أحد أبرز عناصر جذب الاستثمارات في الشرق الأوسط حاليًا. حيث تعمل الحكومات على تسريع عمليات الرقمنة، وتوسيع شبكات الاتصالات، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية. هذا التحول خلق مناخًا مثاليًا لجذب الاستثمارات في مجالات مثل التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والأمن السيبراني.

ديناميكية المنطقة

إجمالاً، يمكن القول إن الشرق الأوسط بات بالفعل قاعدة استثمارية كبرى في عدة قطاعات، مستفيدًا من موارده الطبيعية، وموقعه الاستراتيجي، وسياساته الاقتصادية الجديدة.

ورغم استمرار التحديات الأمنية في بعض أجزائه، فإن بيئة الأعمال في دول مثل الإمارات والسعودية وقطر والكويت تشهد تطورًا ملحوظًا، يجعلها في صدارة الوجهات الاستثمارية العالمية.

ربما يعجبك أيضا