الصين وروسيا.. تناغم كبير وسط عالم مليء بالتوتر

عمر رأفت
العلاقات بين الصين وروسيا.. شراكة مبنية على التوافق الاستراتيجي وليست المنفعة المتبادلة

أثارت الزيارة الرسمية الأخيرة التي أجراها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إلى الصين، على رأس وفد رفيع المستوى، تعليقات مختلفة في جميع أنحاء العالم.

وسلطت مجلة مودرن بوليسي الضوء على تلك الزيارة، في تحليل لها، اليوم الأربعاء 29 مايو 2024، أنه منذ أن بدأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل عدة سنوات، لم يشن الحلفاء والشركاء بقيادة الولايات المتحدة هجومًا حادًا ضد روسيا فحسب، بل اتهموا أيضًا حلفائها وشركائها بالاشتراك في تلك العملية مثل الصين.

الأمن غير القابل للتجزئة

أضافت مودرن بوليسي، أنه مما لا شك فيه أن عدداً لا بأس به من دول الاتحاد الأوروبي تتصرف بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤيد مبادئ سيادة كل دولة، ولكنها تفتقر بالقدر نفسه إلى معرفة جيدة بما يسمى ” الأمن غير القابل للتجزئة ” في الشؤون الخارجية حيث تتفاعل الدول مع بعضها البعض في عالم يتسم بالفوضى.

ومن الواضح أن الدول الركائز في حلف شمال الأطلسي تحفزها العناصر الجيوسياسية لإنهاء فكرة وجود روسيا كقوة عظمى وأن تحل محلها الصين لتكون هي القوة العظمى الثانية في العالم.

وعلى مدى الأعوام الماضية، لجأت الصين إلى مبدأ “الأمن غير القابل للتجزئة” باعتباره مبدأ مطبقاً على المجتمع الدولي، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو أنه بما أن الدول ذات السيادة تتصرف من منطلق “السياسة الواقعية” أكثر من القانون والأعراف، فمن الضروري إعادة تشكيل بنية أمنية متوازنة وفعالة ومستدامة لغرض دعم المخاوف الأمنية المشروعة والمعقولة لجميع دول العالم.

روسيا والصين

روسيا والصين

منطق الأمن الجيوسياسي

من الناحية النظرية، يمكن إرجاع فكرة “الأمن غير القابل للتجزئة” إلى نظام الدولة الأوروبية الحديثة، ومع ذلك، وبما أن الولايات المتحدة مهووسة بالنظام العالمي الأحادي القائم على أولويتها، فقد قللت من أهمية مبدأ “الأمن غير القابل للتجزئة” في العلاقات الدولية.

ومنذ بداية العملية الروسية في أوكرانيا، أكدت الصين منطق الأمن الجيوسياسي الذي يتلخص في أن الصين وروسيا لن تفشلا أبداً في الدفاع عن النظام العالمي المتعدد الأطراف في حين تعملان على تعزيز الروابط الاستراتيجية الهائلة بين البلدين.

روسيا والصين

روسيا والصين

تقدير روسيا للصين

أشارت المجلة إلى أنه من منطلق هذا، أعربت روسيا عن تقديرها للصين لدعمها المستمر لبعضها البعض من حيث الدبلوماسية والاقتصاد، وأكدت الصين من جديد على المسار الجذري للأزمة في أوكرانيا، والذي نتج عن التوسع لحلف شمال الأطلسي في أعقاب نهاية الاتحاد السوفييتي السابق.

وقال الرئيس بوتين إنه وشي على اتصال دائم للتشاور بخصوص جميع القضايا الملحة على الأجندة الروسية الصينية والدولية. وفي 16 مايو، وقع الجانبان على بيان مشترك قوي، وكان مشابهًا من حيث اللهجة والمبدأ للبيان الاستثنائي الذي صدر في أوائل عام 2022 في بكين حيث وصف التآزر الاستراتيجي بينهما بأنه “متفوق على التحالفات السياسية والعسكرية في الحرب الباردة”.

روسيا والصين

روسيا والصين

تناغم كبير

وأظهر البلدان تناغمًا كبيرًا في ظل عالم متوتر بعض الشئ، وعملا على دعم بعضهما البعض، مثلما حدث مع رئاسة روسيا لمجموعة البريكس، وتولي الصين رئاسة منظمة شانغهاي للتعاون خلال نفس العام، حيث استهدفا تعزيز شراكة تتسم بالقوة، مع بذل كل الجهود لتعزيز وحدة وقوة الجنوب العالمي، حيث أن تعزيز التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية لا يخدم المصالح الأساسية للصين وروسيا فحسب، بل يؤدي أيضا إلى السلام والاستقرار والرخاء في العالم بأسره، على حد قول المجلة في تحليلها.

ورغم التناغم بين الصين وروسيا، فإن الولايات المتحدة ترى أن الطريق طويل أمام القوى الأوراسية لصياغة اتفاق دفاع مشترك، ومع ذلك، فإن القوتين ملتزمتان بالدعم المتبادل لتحقيق المصالح الأساسية لكل منهما.

على سبيل المثال، تعهد الجانبان، بتعزيز التعاون في المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة، ومواصلة استكشاف نقاط جديدة للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي العالي، وغيرها من المجالات، بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الصين وروسيا تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين لتشجيع التفاعلات الأوثق بين مختلف القطاعات.

 

ربما يعجبك أيضا