باتت مدينة الإسكندرية من المدن المهددة بالظواهر المناخية الخطيرة.. فما السبب؟
حذرت دراسة حديثة من الانهيارات الأرضية، وحرائق الغابات المدمرة التي ضربت العديد من بلدان العالم خلال الفترة الماضية.
وكشفت الدراسة التي وضعت تحت عنوان “مدن الموانئ في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تخسر المعركة ضد الظواهر المناخية المتطرفة” عن مدى تأثير الظواهر المناخية في العديد من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا.
إشارات تحذيرية
قال عالم المياه في كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، عصام حجي، في الدراسة التي نشرتها كلية الهندسة في لوس أنجلوس، يوم 18 ستمبر، إن المناطق القاحلة ترسل لنا إشارات تحذيرية.
يدرس حجي استجابات الصحاري للتغيرات المناخية، وقد نشر مؤخرًا سلسلة من الأبحاث تتناول التغيرات المثيرة للقلق في مدن الموانئ في شمال إفريقيا والشرق الأوسط قائلًا: “إننا نخسر المعركة ضد الأحداث المناخية المتطرفة”.
اختفاء ثلاث مدن
تسلط الدراسة الجديدة الضوء على التطورات الحاسمة في مدينة الإسكندرية المصرية وفي العاصمة البحرينية المنامة، وفي مدينة طنجة المغربية. وقال حجي إنه على الرغم من أن هذه المناطق تبعد آلاف الأميال عن بعضها البعض، إلا أنها تظهر جميعها نقاط ضعف مناخية مثيرة للقلق بالإضافة إلى انخفاض الوعي العام بهذه التهديدات المتزايدة.
ويحذر حجي من أن المشاكل التي تواجهها المدن الساحلية في المناطق القاحلة تحدث في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعًا، مشيرًا إلى أن هذه الموانئ تصدر موارد الطاقة والسلع الحيوية على مستوى العالم، وهي بوابة لتوفير الغذاء الحيوي. وتدهورها السريع يمكن أن يكون له عواقب إقليمية وعالمية على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
الإسكندرية معرضة للتآكل
شرح حجي والباحثة التي تعمل في أبحاث هومبولت التي استضافتها جامعة TUM لهندسة المناظر الطبيعية، والتي نشأت في الإسكندرية، سارة فؤاد، ورئيس هندسة المناظر الطبيعية والتحول في جامعة TUM، أودو ويلاخر، في ورقة بحثية منشورة في مجلة Cities كيف أن مدينة الإسكندرية، المدينة الشهيرة التابعة لليونسكو، التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة أصبحت من المواقع المعرضة بقدر متزايد للفيضانات الساحلية والتآكل.
وأرجع الباحثون السبب فى تعرض هذه المدن للفيضانات إلى سلسلة من مشاريع التطوير التي جرت خلال العقد الماضي، وأعطت الأولوية لتوسيع الطرق السريعة والمناطق التجارية عن طريق ملء الممرات المائية المهمة التي كانت ضرورية لتنظيم الظروف المناخية المائية المتطرفة.
سوء إدارة الممرات
قالت سارة فؤاد، إن مدينتها كانت قادرة على البقاء على قيد الحياة لآلاف السنين في مقاومة الزلازل وارتفاع مستوى سطح البحر وتسونامي والعواصف، لكن سوء إدارة الممرات المائية في المدينة، وتطوير المناظر الطبيعية الحضرية على مدى السنوات العشر الماضية أعاقها.
وقالت إن المدينة أصبحت واحدة من أكثر الأماكن عرضة على وجه الأرض للفيضانات الساحلية وارتفاع مستوى سطح البحر. وقد استخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية، وسجلات رسم الخرائط، لتقييم الزيادة السريعة في نقاط الضعف المناخية.
ازمة المناخ
الظواهر المناخية المتطرفة
تفسر الدراسة كيف أن ملء الممرات المائية قلل من قدرة المدن الساحلية على التخفيف من الظواهر المناخية المتطرفة. وأوضح الباحثون أن القنوات تقليديًا تعمل على تبريد مناخ المدينة، وأثناء تدفقها إلى البحر، تترسب الرواسب على الساحل ما قد يخلق حصنًا طبيعيًّا ضد التآكل و العواصف.
ودون هذه الممرات المائية القديمة التي ترسب رواسب جديدة على السواحل، فإن سواحل الإسكندرية تستنزف بقدر متزايد هذه الحواجز الطبيعية التي تحول دون ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة العواصف. وتؤدي هذه التطورات في المدن الساحلية مثل الإسكندرية إلى تسريع تدهور السواحل وزيادة المخاطر المرتبطة بالظواهر المناخية المتطرفة.
المخاطر المناخية
يعتقد المؤلف المشارك في الدراسة، أودو فايلاخر، أن ملء الممرات المائية بمدافن النفايات له تأثير آخر بعيد المدى وهو تقليل حساسية الجمهور لقربهم من الساحل ونقاط الضعف المناخية. وأضاف فايلاخر: “عندما تُزيل الممرات المائية، لن يشعر الناس بأنهم متأصلون في مناظرهم الطبيعية بعد الآن، وسيفقدون ارتباطهم الثقافي بكل من نهر النيل والبحر الأبيض المتوسط”.
ووجد الباحثون أن تصور جيل الشباب للمخاطر المناخية قد تغير بسبب التحولات المتعددة في المدينة، وتغيير الواجهة البحرية البحرية وملء الممرات المائية، وأن هذا يعيق الجهود المبذولة للتخفيف من المخاطر الساحلية المتزايدة، وهو ما يفسر الزيادة في الوفيات التي لوحظت في هذه الأحداث على مدار العقد الماضي.
وقال حجي إن تجربة الإسكندرية مع الظواهر المناخية المتطرفة توفر رؤى قيمة للمدن الساحلية في جميع أنحاء العالم، لأن التفاعل المعقد بين التغيرات المناخية والبيئية والتصور العام لها في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية يتطلب نهجًا متكاملًا متعدد الأوجه للتكيف، وهو أمر غير موجود بعد في العديد من الدول النامية.
ازمة المناخ
المنامة في البحرين
تتناول الورقة الثانية، التي شارك في تأليفها حجي، مدينة المنامة الساحلية في البحرين، والتي تقع على بعد 1600 ميل شرق الإسكندرية. وهي من أقدم وأهم الموانئ في الخليج وتشهد هبوطًا واسع النطاق.
وتشير الورقة البحثية، المنشورة في IEEE-STARS، إلى أن هذه الأرض الغارقة مرتبطة بزيادة إنتاج حقول النفط، واستنزاف طبقة المياه الجوفية المحلية، والذوبان تحت السطح للأنهيدريت والحجر الجيري الطباشيري.
طنجة في المغرب
وثقت ورقة بحثية ثالثة، شارك في تأليفها حجي، في مجلة Scientific Reports كيف أن مدينة طنجة الساحلية في المغرب، والتي تعد أحد أكبر موانئ التصدير الإفريقية، على بعد 2800 ميل إلى الغرب من الإسكندرية، تواجه الآن مأزقًا مماثلًا.
وتواجة المدينة زيادة الفيضانات وتآكل التربة، وكما هو الحال في الإسكندرية، يشير المؤلفون إلى أن هذه المخاطر تأتي من الزحف العمراني المتزايد الذي تفاقم بسبب زيادة الظواهر المناخية المتطرفة التي لوحظت خلال العقد الماضي.
اقرأ أيضا: عبدالله بن زايد يبحث في نيويورك العلاقات الثنائية وملف المناخ
اقرأ أيضا: الطموح المناخي.. وفد إماراتي يناقش ملفات حيوية في نيويورك
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1618992