العالم تظاهر لوقف إعدامها.. جميلة بوحيرد زهرة النضال الجزائري

الجزائر تحتفل بالذكرى الـ69 لثورة الفاتح من نوفمبر

رؤية
جميلة بوحيرد

لم تكن جميلة بوحيرد خائفة من حكم الإعدام، وواجهت قرار جلاديها بشجاعة وثبات وقالت لهم: "لأنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة".


تحيي الجزائر، اليوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023، الذكرى الـ69 لثورة الفاتح من نوفمبر (اليوم الوطني الجزائري)، واندلاع ثورة التحرير ضد الاحتلال الفرنسي، والتي قدمت للإنسانية أروع الأمثلة في التضحية وأصبحت نموذجًا في الكفاح ضد قوى الاستعمار والطغيان عبر العالم.

توجت هذه التضحيات الجسام مسيرة 132 سنة من المقاومة والكفاح ضد أكبر استعمار استيطاني فرنسي، باسترجاع السيادة الوطنية في 5 يوليو 1962 لتنطلق بعدها مرحلة البناء والتشييد.

المناضلة جميلة بوحيرد

برز اسم جميلة بوحيرد كمناضلة عربية ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر خلال خمسينات القرن العشرين، وتحولت قصتها إلى قضية رأي عام عالمي أبرز وحشية الاستعمار الفرنسي.

شهد حي القصبة في الجزائر ميلاد جميلة بوحيرد عام 1935، وكانت الابنة الوحيدة ضمن 7 ذكور، كانت أحلام الصبية جميلة ناعمة عشقت الرقص الكلاسيكي وأجادت ركوب الخيل، وكانت هوايتها تصميم الأزياء الذي سعت لاحترافه عبر الدراسة بمعهد لتعلم الخياطة والتفصيل.

الجزائر أمنا

Djamila Bouhired 1images 5

بدأ وعي بوحيرد بقضية بلادها يتشكل منذ صباها، فبينما كان التلاميذ يهتفون في طابور الصباح “فرنسا أمنا”، صرخت هي: “الجزائر أمنا”، وحتى مع عقاب مدير المدرسة لها، لم تلن عزيمتها في انتظار اللحظة التي تستطيع فيها خدمة ومساندة بلادها في كفاحها من أجل الاستقلال.

مع اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954، كشفت بوحيرد عن وجهها المناضل، وانضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وبعد ذلك تطوعت ضمن صفوف الفدائيين لزرع القنابل والألغام في طريق المحتل، وأصبحت حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة ياسيف السعدي.

حكم بالإعدام

Elwb4ZRW0AAYHdZ

جميلة مع رفيقاتها من المناضلات

استمرت بطولات جميلة بوحيرد مع المقاومة الجزائرية وذاع صيت بسالتها وشجاعتها، إلى أن أصبحت مطلوبة من الجيش الفرنسي الذي ألقى القبض عليها إثر مطاردة عام 1957، سقطت إثرها مصابة برصاصة في الكتف.

كشر الاستعمار الفرنسي عن وحشيته في تعذيبه الممنهج للشابة الجزائرية الذي تفنن في تعذيبها بالصعق الكهربائي إلى حد غيابها عن الوعي، ورغم ألامها الشديدة لم تعترف بأسماء رفاقها، وتحملت في جلد كل طرق التنكيل بها، وأقيمت لها محاكمة صورية، وصدر حكم الإعدام ضدها وتقرر يوم تنفيذه في 7 مارس 1958.

إحراج فرنسا

9998739703

لم تكن جميلة بوحيرد خائفة من الموت، وواجهت قرار جلاديها بشجاعة وثبات وقالت لهم: “لأنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة”.

أبدى العالم استنكاره لملابسات محاكمة بوحيرد وقرار إعدامها، واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ما أحرج موقف فرنسا التي أجلت حكم الإعدام ضد جميلة، وبعد ذلك تم تخفيفه إلى حكم بالسجن مدى الحياة، لتخرج المناضلة الشابة من السجن بعد تحرير الجزائر عام 1962، وتتزوج من محاميها الفرنسي جاك فيرجيس.

فيلم جميلة بوحيرد

504

في عام 1958 وعندما كانت بوحيرد حبيسة في سجون الاحتلال وتواجه حكم الإعدام، قررت الفنانة المصرية ماجدة تحويل مأساة جميلة بوحيرد إلى فيلم من بطولتها، وسارع عدد من نجوم الصف الأول في السينما المصرية للمشاركة معها في فيلم “جميلة” ومنهم أحمد مظهر ورشدي أباظة وصلاح ذو الفقار ومحمود المليجي وأسند الإخراج إلى يوسف شاهين.

بدأت ماجدة حملة لعرض قضية جميلة بوحيرد حول العالم، وعرض الفيلم بعديد من الدول والمهرجانات العالمية تنديدًا بوحشية الاحتلال الفرنسي وحكمه بالإعدام على فتاة شابة تناضل من أجل حرية بلادها، أثار الفيلم موجة تعاطف واسعة مع قضية بوحريد وخرجت المظاهرات المطالبة بالإفراج عنها، حتى أحرق الجمهور في أفغانستان السفارة الفرنسية بعد مشاهدة الفيلم.

أنقذوا جميلة

d8a7d984d8acd8b2d8a7d8a6d8b1d98ad8a7d8aa d8a7d984d8abd984d8a7d8ab d985d986 d8a7d984d98ad985d98ad986 d8a7d984d989 d8a7d984d98ad8b3d8a7

جميلة مع المناضلات زهرة ظريف وباية حسن

تحرك الرأي العام العالمي ضد فرنسا وبدأت الصحف العالمية والعالم يردد “أنقذوا جميلة” وتحت هذا الضغط خففت فرنسا الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد.

أرادت ماجدة أن يضم مشهد النهاية مجموعات تمثل ثوار العالم كله، للحديث عن أزمة جميلة التي هي أزمة الجزائر وكل الأراضي العربية المحتلة، وضحايا الاحتلال في كل العالم”، لكن كانت رغبة الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة والإرشاد وقتها، عائقًا، لأنه أثر أن يضم المشهد مجموعات تظهر الشعوب الإفريقية فقط بسبب حسابات سياسية ودولية، وهو ما نفذه يوسف شاهين.

وثيقة سجلت جرائم الاحتلال الفرنسي

114068 عبد الناصر يستقبل جميلة بوحيرد بعد تحريرها

جميلة مع عبد الناصر

اعتبر الجزائريون فيلم “جميلة بوحيرد” وثيقة سجلت جرائم الاحتلال الفرنسي، وبعد تحرير الجزائر حضرت اللجنة العليا للجزائر عرضًا للفيلم وأدى أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال التحية العسكرية معربًا عن شكره للفنانة ماجدة والمخرج يوسف شاهين على الفيلم، واستقبلها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع عدد من المناضلات الجزائريات في القصر الجمهوري.

أصبحت بوحيرد من أشهر رموز المقاومة ليس في الجزائر وحدها بل في جميع أنحاء الوطن العربي وألهمت حكياتها عديدًا من شعراء العرب بينهم نزار قباني وبدر شاكر السياب والجواهري وصلاح عبد الصبور وغيرهم.

جميلة في زيارة للكويت عام 1963

جميلة في زيارة للكويت عام 1963

ضيفة شرف في مصر120 080350 algerian militant djamila bouhired

في عام 2018 زارت المناضلة الجزائرية مصر واستقبلها وزير الخارجية سامح شكري، وقالت إن مصر عشقها الأول والأخير وبلادها وقلبها مثل الجزائر، وسافرت إلى أسوان كضيفة شرف للنسخة الثانية من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، التي حملت اسمها.

وأعربت عن سعادتها بحفاوة الاستقبال في أسوان التي وصفت أهلها بـ “بناة وحماة السد العالي”، الذي كان ملهمًا للشعوب العربية خلال عقد الستينيات، لافتة إلى دعم ومساندة الشعب المصري للجزائر إبان ثورته ضد الاحتلال، وتكريم الرئيس الرحل جمال عبد الناصر لها.

وفي عام 2020 كرمها الرئيس التونسي قيس سعيد بوسام الجمهورية التونسية من الطبقة الأولى تقديرًا لمكانتا ونضالها من أجل تحرير الجزائر.

 

ربما يعجبك أيضا