العملات الرقمية.. كيف تمول كوريا الشمالية برامج الأسلحة؟

أحمد عبد الحفيظ
مخاوف دولية.. لماذا يعزز كيم ترسانة كوريا الشمالية بمسيرة انتحارية؟| شبكة رؤية الإخبارية

في السنوات الأخيرة، أصبحت كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول إثارة للجدل في ساحة الأمن السيبراني العالمي، ليس بسبب أنشطتها السياسية أو العسكرية فحسب، بل أيضًا بسبب مهارة قراصنتها في سرقة العملات المشفرة.

يرصد تقرير صادر عن مجلة “الإيكونوميست” الخميس 20 مارس 2025، عمليات سرقة قامت بها مجموعة من القراصنة من كوريا الشمالية لسرقة عملات رقمية.

الماكينة السرية لتمويل النظام

منذ فرض العقوبات الدولية القاسية على بيونج يانج، وجد النظام الكوري الشمالي في سرقة العملات الرقمية وسيلة فعالة لتمويل برامجه النووية والصاروخية، وتجاوز القيود الاقتصادية التي فرضها الغرب.

ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، قامت كوريا الشمالية خلال عام 2024 وحده بسرقة أكثر من 3 مليارات دولار من منصات تداول العملات المشفرة، وهو رقم قياسي مقارنة بالأعوام السابقة.

لماذا هم بارعون إلى هذا الحد؟

يشير خبراء الأمن السيبراني إلى أن القراصنة الكوريين الشماليين، والذين يعمل العديد منهم ضمن وحدة “لازاروس” الشهيرة، يملكون مستوى متقدمًا للغاية من المهارات التقنية، ويركزون بشكل خاص على منصات العملات الرقمية التي تفتقر أحيانًا للأنظمة الأمنية الصارمة التي تتبعها البنوك التقليدية.

وتُعد الطبيعة اللامركزية للعملات الرقمية نقطة ضعف رئيسية، حيث يمكن للقراصنة استغلال الثغرات في العقود الذكية أو تنفيذ هجمات تصيد احتيالية معقدة لخداع موظفي الشركات وسرقة مفاتيح الوصول الرقمية.

تطور في التكتيكات

مع مرور الوقت، تطورت أساليب قراصنة كوريا الشمالية بشكل لافت. في البداية، كانوا يركزون على الهجمات التقليدية مثل البرمجيات الخبيثة وهجمات التصيد، أما الآن فهم يستخدمون تقنيات أكثر تعقيدًا تشمل اختراق شبكات البلوكشين نفسها وتنفيذ هجمات تستهدف منصات التمويل اللامركزي (DeFi).

كما يستعين القراصنة بمطورين وخبراء تقنيين محليين يعملون لصالح النظام، ويُعتقد أن بعض هؤلاء تم تدريبهم خصيصًا في الجامعات الكورية الشمالية لتطوير مهاراتهم في مجالات البرمجة والاختراق.

تمويل مباشر للبرامج العسكرية

العديد من التقارير الاستخباراتية تربط بين هذه الأموال المسروقة وتمويل البرنامج النووي والصاروخي الكوري الشمالي، إذ تعتبر العملات الرقمية مصدرًا حيويًا للعملة الصعبة التي يصعب على بيونج يانج الحصول عليها عبر القنوات التقليدية بسبب العقوبات المفروضة عليها.

رغم خطورة هذه الهجمات، لا يزال الرد الدولي متأخرًا نسبيًا، إذ تجد الدول صعوبة في تتبع الأموال الرقمية، خاصة وأن القراصنة يستخدمون تقنيات متقدمة لغسل الأموال وإخفاء مصدرها، مثل المزج بين العملات (mixing) واستخدام محافظ غير معروفة.

تحذيرات مستمرة

يحذر خبراء الأمن من أن كوريا الشمالية ستواصل استغلال هذا المجال ما لم يتم فرض رقابة أشد على منصات العملات الرقمية وتحسين أنظمتها الأمنية. كما يدعون إلى تنسيق دولي أوسع للحد من قدرة بيونج يانج على الاستفادة من العملات المشفرة كأداة للتمويل غير المشروع.

مع تزايد استخدام العملات المشفرة عالمياً، وتطور هجمات القراصنة الكوريين الشماليين، يبقى الخطر قائماً ومتصاعداً، وسط سباق عالمي لتعزيز الأمن السيبراني ومنع استغلال هذه التكنولوجيا في تمويل الأنشطة غير القانونية.

ربما يعجبك أيضا