اخترقت الصين أكثر من 10 أنظمة اتصالات أمريكية، بما في ذلك أكبر 3 شركات اتصالات أمريكية، حيث تمكن مجموعة قراصنة تسمى (Salt Typhoon) من الاستماع إلى المحادثات الهاتفية وقراءة الرسائل النصية، وفق صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أمس الخميس 21 نوفمبر 2024.
واستهدف الاختراق، الذي حدث في سبتمبر 2024، هواتف الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ونائب الرئيس المنتخب السيناتور جيه دي فانس، عندما كانا لا يزالان مرشحين، بالإضافة إلى مسؤولين في وزارة الخارجية وأشخاص يعملون في حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس.
أسوأ عملية قرصنة
قال عضو بارز في مجلس الشيوخ الأمريكي، لصحيفة “واشنطن بوست” إن حملة التجسس التي شنتها الحكومة الصينية والتي اخترقت بعمق أكثر من 12 شركة اتصالات أمريكية هي “أسوأ عملية قرصنة في تاريخ أمتنا حتى الآن”.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، السيناتور مارك وارنر، إن الاختراق الذي نفذته مجموعة ” Salt Typhoon ” يتجاوز بكثير ما صرحت به إدارة بايدن، إذ استطاع القراصنة الوصول إلى أنظمة حيوية باستخدام تقنيات معقدة واستغلال معدات قديمة ونقاط ضعف بين شبكات الاتصالات المختلفة، مؤكدًا أن المتسللين ما زالوا موجودين في الشبكات.
السيناتور مارك وارنر
وذكرت الصحيفة أن الاختراق لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل هو عملية منظمة استهدفت قلب نظام الاتصالات الأمريكي، كما أن القراصنة الصينيين استهدفوا أنظمة تديرها شركات مثل “فيرايزون”، و”إيه تي آند تي”، و”تي-موبايل”. ومع ذلك أظهرت التحقيقات الأخيرة أن الأضرار أعمق بكثير وتمتد عبر شبكات البلاد بأكملها.
جرس إنذار
أوضحت مجلة مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو”، في تقرير نشرته الجمعة 22 نوفمبر 2024، أن الغموض طغى على هذه الحادثة منذ ظهورها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن التفاصيل لم تكن تظهر كاملة بسبب الطبيعة السرية لكثير من المعلومات المحيطة بالاختراق، ولكن لا يمكن المبالغة في شدة اختراق الصين.
وأضافت أنه أصبح من المعروف أن المشهد الرقمي المعلوماتي لم يعد آمنًا رغم ما تزعمه شركات الاتصالات، ومع ذلك فإن مستوى الاختراق الذي اكتسبته Salt Typhoon على مدار العام الماضي للشركات الأمريكية لا يزال بمثابة جرس إنذار كبير بأن الشبكات الأمريكية معرضة للخطر.
عُرضة للاختراق
قالت المجلة الأمريكية إن مجموعة القرصنة الصينية استهدفت السياسيين ومسؤولي الأمن القومي، فضلاً عن موظفيهم، عبر مزودي الخدمة، ما يعني أن ملايين المواطنين الأمريكيين كانوا عُرضة للاختراق، ورغم أن الرسائل المشفرة كانت محمية، إلا أن القراصنة ما زالوا قادرين على الوصول إلى البيانات الوصفية والاستماع إلى المكالمات الهاتفية عبر شبكات الهاتف.
ولكن ما يجعل هذا الاختراق مثيرًا للقلق للولايات المتحدة هو أن القراصنة استغلوا بعض التدابير التي وضعت بعد هجمات 11 سبتمبر لمساعدة وكالات الاستخبارات الأمريكية في جمع المعلومات من خلال شبكات الاتصالات الأمريكية، وكانت المخاوف الأولية بشأن هذه التدابير تتعلق بمخاوف من تجاوز الحدود وتهديد الحريات المدنية الأمريكية.
وأضافت المجلة أن هذه المخاوف دفعت الإدارة الأمريكية إلى فرض قيود قانونية على المعلومات التي يُسمح لوكالات الاستخبارات الأمريكية بجمعها باستخدام وصولها إلى أنظمة الاتصالات، ولكن في حين تخضع الوكالات الأمريكية لهذه القيود القانونية، إلا أن القراصنة لن يخضعوا لأي قيود.
نقاط ضعف
أوضحت المجلة أن الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن القومي من خلال جمع المعلومات يمكن أن تتحول في حد ذاتها إلى نقاط ضعف أمنية، ورغم الموارد الهائلة التي تمتلكها وكالات الاستخبارات الصينية لاختراق دفاعات العديد من أنظمة الاتصالات، فإن نقاط الضعف تثير مخاوف من أن تتمكن الجهات الفاعلة غير الحكومية من الوصول لمعلومات شديدة الحساسية.
ومن المسلم به في العمليات الأمنية أن نقطة دخول واحدة يمكن أن تتحول بسهولة إلى نقطة اختراق، وأن من المبكر القول بأن السماح لوكالات الاستخبارات بالوصول إلى المعلومات أدى إلى حدوث مثل هذا الاختراق، ولكن يبدو أن ترك الباب مفتوحًا أمام وكالات الاستخبارات الأمريكية سمح لآخرين بإيجاد طريقهم بسهولة إلى الداخل أيضًا.
هجمات مستمرة
أفادت واشنطن بوست أن هذا الاختراق ليس جديدًا، ولكن الهجمات السيبرانية تتطور باستمرار، ففي خلال الـ10 سنوات الماضية، ركزت بكين على سرقة الملكية الفكرية مثل تصاميم الشرائح الإلكترونية وخطط المعدات العسكرية، بما في ذلك خطط مقاتلة ” F-35″ الأمريكية، كما سُرِقَت بيانات أكثر من 22 مليون أمريكي من ملفات التصريح الأمني في عهد باراك أوباما.
وأضافت أن الهجمات الروسية مثل اختراق (Solar Winds) و(Colonial Pipeline) كانت خطيرة، إلا أن الاختراق الصيني الأخير يتجاوزها في خطورته، بل ويجعلها تبدو وكأنها أحداث صغيرة، حيث استهدف معظم مزودي خدمة الاتصالات في الولايات المتحدة، ما يعكس قدرات الصين العالية في تنفيذ هجمات معقدة ومنظمة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2054530