الكريسماس في مصر بين تحريم “السلفيين والمتشددين” ومشروعية ” الأزهر والإفتاء”

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – اعتاد المسلمون في مصر خلال السنوات الأخيرة، مع اقتراب عام ميلادي جديد، على ظهور فتاوى من بعض المنتمين للتيار السلفي والمتشددين بشأن عدم جواز الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة الميلادية، وتحريم تهنئة المسيحيين بهما، مدعين أن ذلك يخرج المسلمين من دينهم، في الوقت الذي تقدم فيه دار الإفتاء والأزهر الشريف موقفا آخر يبرز جواز الاحتفال والتهنئة بعيد الميلاد المجيد، والاحتفال به.

“شبهات السلفيين”

نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر ياسر برهامي، خرج في أكثر مناسبة، لتأكيد حرمة تهنئة الأقباط بعيدهم، لافتا إلى أنها من الأمور المتفق على النهى عنها عند الصحابة والسلف رضوان الله عليهم.

وزاد عليه الداعية السلفي حسين مطاوع، الذي قال في تصريحات -له عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك”- “إذا كنا نقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وننكر على من يحتفل به لمخالفة ذلك سنة النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته والتابعين من بعده فكيف بمن يشارك المسيحيين احتفالهم بميلاد المسيح، فالمسلم الذي يقر بهذا الاحتفال لا يخلو من حالتين أن يعلم أن هذا الاحتفال محرم وهذا لا عذر له فلا يجوز له أن يهنئهم ولو على سبيل المجاملة”.

 وتابع: “الاحتفال قد يخرج صاحبه من الملة إن اعتقد صحة هذه العقيدة، فإن أعيادنا حق جاء بها نبينا لكن عيدهم هذا باطل لأنهم يحتفلون فيه بميلاد المسيح، أو أن يكون جاهلا بالحكم الشرعي وعليه فالواجب عدم كتمان الحق عنه وتعليمه فإن أصر بعد البيان فإنه يلحق بصاحب الحالة الأولى”.

“حملة منع”

وأعلن الداعية السلفي، سامح عبدالحميد، أمس الأول؛ تدشين حملة سلفية بعنوان “أنا مسلم لا أحتفل بالكريسماس”، لإعلان عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، مشددا على أنه لا يجوز لأحد من المسلمين مشاركة أهل الكتاب في الاحتفال بعيد الكريسماس، ولا تهنئتهم بهذه المناسبة، مستشهدًا بقول الله تعالى: “والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرما”، مبينًا أن مجاهدًا قال في تفسيرها: “إنها أعياد المشركين”، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى والضحاك.

وأردف: “يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، فنهنئهم بزواجهم وإنجابهم ونجاحهم الدراسي وغيره، ونُعزيهم في مصائبهم وآلامهم، ولكن الكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه هي مشاركة لهم فى شعائر دينهم، ولا ريب أن ذلك حرام ومنكر عظيم، مستطردا: “يحرم الاشتراك في الكريسماس بأي شكل”.

وخلال اليومين الماضيين تصدر هاشتاج “لا نحتفل بالكريسماس” موقع التدوينات القصيرة “تويتر” في مصر، وسط مناوشات بين المشاركين في الهاشتاغج، بشأن حرمة وجواز الاحتفال بالكريسماس، فاستند الفريق الأول إلى الفتاوى السابقة، في حين أشار أنصار جواز الاحتفال إلى سماحة الدين الإسلامي، وحرصه على إعلاء قيم “المودة والرحمة والبر”.

“الإفتاء والأزهر”

دار الإفتاء المصرية، ردت على فتاوى تحريم الاحتفال بميلاد المسيح، مشيرة إلى أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح أمرٌ مشروعٌ لا حرمة فيه؛ لأنه تعبيرٌ عن الفرح به، وأن فيه تأسِّيًا بنبي الإسلام محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم القائل في حقه: “أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ” رواه البخاري.

وقالت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: “هل يجوز احتفال المسلمين مع المسيحيين وتهنئتهم في رأس السنة الميلادية؟”، إن المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعم الله تعالى على البشر.

وتابعت: “إذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم؛ كل ذلك مشروع، بل هو من أنواع القرب التي يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام”، لافتة إلى أن تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء في هذه المناسبة أو في غيرها؛ لا مانع منها شرعًا، وليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله، وأن هذا مستحب شرعًا.

وحرص شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب على تهنئة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قداسة البابا تواضروس الثاني بعيد الميلاد المجيد، في كاتدرائية العباسية بوسط القاهرة، نهاية الأسبوع الماضي، مشددًا على روح الأخوة والمحبة والتعاون التى تجمع بين المؤسستين الدينيتين الكبيرتين الأزهر الشريف والكنيسة القبطية.

واعتبر الدكتور الطيب، أن الأديان والعادات والتقاليد هي التي تحمي المجتمعات الشرقية من الهلاك، وأن العالم يواجه دعاوى حرية الإجهاض والمثلية وسط مطالبات للدول أن تنقى تراثها وقوانينها للتواكب مع هذه المعاني، مضيفًا: “بسبب الظروف السياسية التي تعيشها المنطقة فهي عرضة للعبث بأدياننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولا أعول بعد الله إلا على عمق الشعب فالمجتمع إن بدأت تغزوه هذه الجراثيم سيهلك فورا.

ربما يعجبك أيضا