المجر تستبعد حظرًا أوروبيًا شاملًا على الغاز الروسي.. لماذا؟

رجّح رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، أن تطول الحرب الروسية الأوكرانية، متوقعًا أن يكون عام 2023 مليئًا “بعدم اليقين والقلق”، مع تضرر العالم بأسره من الحرب وتبعاتها الاقتصادية.

وقال أوربان في مقابلة مع الإذاعة العامة، أمس الجمعة 10 يونيو 2022، إن تداعيات الحرب ستطال المجر، مُشيرًا إلى أن ميزانية حكومته لعام 2023 تهدف لاحتواء التضخم والأزمة الاقتصادية، في وقت استبعد فيه وزير الخارجية المجري، بيتر زيجارتو، فرض حظر أوروبي شامل على الغاز الروسي.

تضخم الحرب

التضخم في المجر يبلغ 10% حاليًّا، وأشار أوربان إلى وجود ارتباط بين الحرب والتضخم، وأن كليهما مدمر، موضحًا أن الحرب ستستمر وسيستمر التضخم في النمو ما دام الاتحاد الأوروبي يغذي وضع الحرب.

وذكر رئيس الوزراء المجري أن “أبسط طريقة للحد من تضخم الحرب هي إحلال السلام”، مشيرًا إلى أن الحكومة المجرية الوحيدة في أوروبا تقريبًا التي دعت لإحلال السلام بدلًا من العقوبات والحرب.

تسعير الوقود التمييزي

بشأن مطالبة المفوضية الأوروبية بتعليق المجر “تسعير الوقود التمييزي” ضد السيارات الأجنبية، قال أوربان: “ثمة وضع استثنائي، ويجب على الاتحاد الأوروبي تفهّم ذلك”. وفي وقت سابق من 2022، قالت المجر إن الشاحنات التي تزن أكثر من 7.5 طن، وتحمل لوحات أجنبية، لن تكون مؤهلة للحصول على وقود مدعوم بسعر 1.31 دولار للتر، لكن سيتعين عليها دفع أسعار السوق، بحسب رويترز.

ودعا أوربان الاتحاد الأوروبي للاعتراف بوجود حالة طوارئ، تستدعي اتخاذ تدابير استثنائية، خاصة وأن التضخم يضرب البلدان الأوروبية الأقرب لأوكرانيا، قائلًا: “لدينا وضع استثنائي يُلزمنا بالخروج عن القواعد العامة، وإلا لن نقدر على حماية مصالح المجريين”، مُضيفًا: “من دون تحديد سقف لأسعار الوقود، سترتفع الأسعار لـ1.8-2.3 يورو للتر الواحد، مع تأثر أسعار منتجات أخرى بنحو غير مباشر”.

ضرائب استيراد على النفط الروسي

تعليقًا على تقارير صحفية أفادت بأن المفوضية الأوروبية تسعى لفرض ضرائب استيراد على النفط الروسي عبر الأنابيب، استبعد رئيس وزراء المجر أن “تُعيد المفوضيّة تفسير اتفاقية حظر النفط”، مُشيرًا إلى أن المجر “قاتلت بقوة” و”حققت هدفها” في هذا الصدد.

وعن الضرائب المفاجئة، قال: “إنها حرب ولا ينبغي إجبار المواطنين على دفع فاتورتها”، موضحًا أن الشركات الكبرى ستتحمل جزءًا أكبر من المعتاد، لكن “في غضون عامين أو 3، سيرون أن الاقتصاد المجري المتجدد في هيكله أحد أكثر الاقتصادات تنافسية في أوروبا”. وفرضت المجر، الأسبوع الماضي، ضرائب غير متوقعة وخفضت الإنفاق 6.1 مليار دولار خلال 2022 و2023.

حظر الغاز الروسي دمار لاقتصاد أوروبا

خلال المقابلة، قال أوربان إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تغيير استراتيجية حظر واردات الغاز الروسية عاجلًا أم آجلًا، لأنها “ستدمر الاقتصاد الأوروبي بالكامل”، في وقت يعاني فيه من ارتفاع التضخم بسبب زيادة أسعار الطاقة، متوقعًا وصول التضخم في المجر إلى 15 و16% دون السيطرة على أسعار الوقود وبعض الأغذية الأساسية والطاقة.

وأشار رئيس وزراء المجر إلى أنه “توجد دوائر تجارية معينة لها مصلحة خاصة على ما يبدو من إطالة أمد الحرب”، بمن في هؤلاء الملياردير الأمريكي، جورج سوروس، الذي يتحدث علنًا عن الحاجة لتمديد الحرب الروسية الأوكرانية، واصفًا إياهم بـ”دُعاة حرب” دون الاكتراث بتداعياته المُدمرة على أوروبا والعالم.

أمر مستحيل

في حين تعتمد المجر غير الساحلية كثيرًا على الهيدروكربونات الروسية، استبعد وزير الخارجية المجري، احتمال فرض حظر على الغاز الروسي في حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي القادمة، مشددًا على أنه “أمر مستحيل”.

وأضاف في حديث لشبكة سي إن بي سي الأمريكية، على هامش اجتماع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس: “إذا لم نقدر على استيراد الغاز من روسيا، ستتوقف الدولة ويتوقف الاقتصاد، ونصبح عاجزين عن تدفئة المنازل، وإدارة الاقتصاد”. وسعى الاتحاد الأوروبي لحظر الخام الروسي كاملًا، لشل آلة بوتين الحربية، لكنه وافق الشهر الماضي على حظر نفطي جزئي، ضمن سادس حزمة عقوبات ضد روسيا.

إدانة مجرية «واقعية»

قال وزير الخارجية المجري: “موقفنا من الحرب واضح تمامًا، ندين العدوان العسكري وندعم أوكرانيا، لكن علينا أن نأخذ الواقع بعين الاعتبار”، مُعبرًا عن إحباطه من تصوير المجر على أنها دولة مترددة في معاقبة روسيا التي تزوّد المجر بـ65% نفط و85% إمدادات غاز.

وأضاف أن افتقار المجر لبنية تحتية بديلة، يعني استحالة تسريع خفض اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية. بعد إقرار الاتحاد الأوروبي حزمة العقوبات السادسة. ودعا رئيس وزراء إستونيا التكتّل لمناقشة فرض حظر روسي على الغاز في الجولة السابعة المقبلة من العقوبات، لكن المستشار النمساوي، كارل نهامر، رفض الفكرة، قائلًا إنها لن تكون مطروحة للنقاش، وفق سي إن بي سي.

بوتين: لا غِنى عن نفطنا وغازنا

بالتوازي، استبعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في تصريح أوردته شبكة بي بي سي البريطانية أمس الأول الخميس، إمكانية استغناء الغرب عن النفط والغاز الروسيين لسنوات عديدة، مُضيفًا أن “حجم النفط يتناقص في السوق العالمية والأسعار آخذة في الارتفاع، لذا لن تضع الشركات الروسية خرسانة على آبار النفط الخاصة بها”.

وتعهد الاتحاد الأوروبي، الذي يستورد نحو 40% من احتياجاته الغازية من روسيا، بتقليص اعتماده على النفط الروسي 90% بنهاية 2022، بيد أنه لم يفصح عن أي تعهد بشأن الغاز حتى الآن. وقالت موسكو إنها ستوّرد نفطها إلى آخرين. ووفق سي إن بي سي، تعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والسعودية، وأكبر مصدّر عالمي للنفط، كما أنها مُنتج ومُصدّر رئيس للغاز الطبيعي.