مع استمرار تعقيد المشهد السياسي والميداني في غزة، تُطرَح تساؤلات بشأن مستقبل الحكم في القطاع بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة.
وفي ظل عدم رغبة إسرائيل في إبقاء حماس أو السلطة الفلسطينية على رأس الحكم، وبين مُطالبات أقطاب اليمين الإسرائيلي باحتلال القطاع بالكامل، واحتمالات تدخل دولي، يظل مستقبل غزة مفتوحًا على عدة سيناريوهات مُعقدة.
غزة
لقاءات حاسمة ومفاوضات بالدوحة
حسب موقع “ynet” الإسرائيلي، الثلاثاء 4 فبراير 2025، يشير لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالمبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، في واشنطن، والمباحثات المرتقبة في الدوحة، إلى أن المرحلة الثانية من المفاوضات قد تحمل تغييرات كبيرة في مسار الحرب والسياسة.
والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في واشنطن مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والز، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، حيث وصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي اللقاء بأنه “إيجابي وودي”، وأُعلن عقب الاجتماع أن إسرائيل ستُرسل وفدًا رسميًا إلى الدوحة في نهاية الأسبوع المقبل لمناقشة “التفاصيل الفنية المتعلقة بمواصلة تنفيذ الاتفاق”.
من يسيطر على غزة؟
حسب البيان الرسمي، فإن نتنياهو سيعود إلى إسرائيل لعقد اجتماع للمجلس الوزاري السياسي والأمني لمناقشة مواقف إسرائيل بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، والتي ستحدد مستقبل المفاوضات، ورغم أن المفاوضات لن تكون على غرار تلك التي سبقت صفقة تبادل الرهائن، حيث كانت الوفود الإسرائيلية في القاهرة والدوحة، فإن زيارة الوفد الإسرائيلي لقطر تشير إلى تطورات محتملة.
ومع اقتراب المرحلة الثانية من المفاوضات، يظل السؤال الأكبر: من سيسيطر على غزة بعد الحرب؟، هناك 4 سيناريوهات رئيسة قيد البحث، ولكل منها تداعيات مُعقدة على إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي.
1. استمرار حكم حماس
رغم أن هذا السيناريو يبدو الأقل احتمالًا من وجهة النظر الإسرائيلية، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى أن حماس لا تزال تسيطر على القطاع، رغم الضربات التي تلقتها خلال الحرب، لا تزال الحركة تمتلك آلاف المقاتلين، إضافة إلى عناصر الأمن والشرطة والإدارة المدنية.
ومن الناحية العملية، سيجعل استمرار حكم حماس من الصعب إعادة إعمار غزة، حيث يتطلب ذلك تدفق المساعدات والتبرعات الدولية التي قد تتردد بعض الدول في تقديمها لحكومة تسيطر عليها حماس، وكانت هناك محاولات لتشكيل “لجنة مدنية لإدارة غزة” تضم تكنوقراط فلسطينيين بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، لكن الحركة رفضت تفكيك جناحها العسكري، ما يجعل هذا الحل غير قابل للتطبيق.
2. احتلال إسرائيلي كامل
هذا السيناريو يُطرح بقوة من قبل اليمين الإسرائيلي المتشدد، حيث دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير إلى احتلال القطاع وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيه.
وحاليًا، تسيطر إسرائيل على ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا ومنطقة عازلة، لكن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من هذه المناطق تدريجيًا خلال 50 يومًا، إذا قررت إسرائيل عدم المضي قدمًا في المرحلة الثانية من الاتفاق وتجديد الحرب، فقد يؤدي ذلك إلى احتلال كامل للقطاع وإقامة حكم عسكري إسرائيلي، وهو سيناريو قد يجر إسرائيل إلى مواجهة طويلة الأمد مع المجتمع الدولي والفصائل الفلسطينية.
3. عودة السلطة الفلسطينية
رغم أن السلطة الفلسطينية تعد البديل الفلسطيني الوحيد لحماس، فإن إسرائيل ترفض تسليمها الحكم في غزة، ومع ذلك، فإن تشغيل السلطة لمعبر رفح وفقًا لتقارير صحفية يشير إلى احتمال منحها دورًا محدودًا في إدارة القطاع، ربما بإشراف دولي.
ولكن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات إدارية في الضفة الغربية، حيث تكافح للسيطرة على الوضع الأمني في جنين ومدن أخرى، ورغم ذلك، قد يتعرض نتنياهو لضغوط أمريكية وعربية، خاصة من السعودية ودول الخليج، لإعادة السلطة إلى غزة كجزء من صفقة تطبيع أكبر مع الرياض.
4. القوة الدولية
أحد الحلول التي يتم تداولها في الأوساط السياسية الإسرائيلية والأمريكية هو نشر قوات دولية في غزة للإشراف على إدارتها بعد الحرب، وحاليًا، هناك وجود محدود لشركات أمنية خاصة في القطاع تشرف على بعض العمليات مثل تفتيش المركبات عند معبر نتساريم، لكن لم يتم نشر قوات دولية رسمية بعد.
بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن بعض الدول العربية، مثل السعودية والإمارات، قد تدعم هذا الخيار إذا كان مرتبطًا بحل سياسي يشمل إقامة دولة فلسطينية، إلا أن هذا السيناريو يواجه عقبات دبلوماسية، حيث لم تبدِ أي دولة استعدادها لإرسال قوات إلى غزة في ظل غياب حل سياسي شامل.
دور أمريكا وضغوط ترامب
من المتوقع أن يكون مستقبل غزة أحد المواضيع الرئيسة في لقاء نتنياهو مع ترامب في البيت الأبيض، وقد يسعى ترامب إلى الضغط على نتنياهو لوقف الحرب مقابل تقديم صفقة أوسع تشمل تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية، إذا تحقق ذلك، فقد يؤدي إلى سيناريو يُمنح فيه دور للسلطة الفلسطينية، أو يتم إنشاء إدارة دولية بدعم أمريكي وعربي.
ويبقى مستقبل غزة معلقًا بين خيارات مُعقدة، تتراوح بين استمرار حكم حماس أو الاحتلال الإسرائيلي، أو عودة السلطة الفلسطينية، أو تدخل قوة دولية، كل خيار يحمل تحدياته الخاصة، ويعتمد تنفيذه على تطورات المفاوضات وضغوط المجتمع الدولي، لقاء نتنياهو بترامب، ومحادثات الدوحة، قد يكونان مفتاحًا لفهم الاتجاه الذي ستسلكه المرحلة القادمة من الصراع.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2125240