المنافس المحتمل لترامب.. كيف تبدو سياسة رون دي سانتيس الخارجية؟

آية سيد
المنافس المحتمل لترامب.. كيف تبدو السياسة الخارجية لرون دي سانتيس؟

نجح الحاكم الجمهوري، رون دي سانتيس، في نيل استحسان كل فصائل حزبه عبر الالتزام بسياسة حازمة من الغموض الاستراتيجي.


في 28 فبراير 2023، أصدر حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية، رون دي سانتيس، كتابًا يحمل عنوان “شجاعة أن تكون حرًا”.

وفي هذا الإطار، تستعرض مجلة “ذي إيكونوميست” الكتاب، بحثًا عن ملامح السياسة الخارجية للحاكم الجمهوري، الذي يعتبره الكثيرون المنافس الأوفر حظًا للرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

تفاصيل غائبة

كان الدبلوماسيون الأجانب في واشنطن يفتشون في تصريحات دي سانتيس الشحيحة وسجله السياسي السابق لتخمين كيف سيعيد تشكيل السياسة الخارجية والعلاقات التجارية الأمريكية. وحسب المجلة، اعتقد بعضهم أن الكتاب سيساعد في سد بعض الفجوات.

إلا أن الكتاب ليس تأملًا عميقًا في الشؤون الدولية، بل وثيقة لتحديد موقف دي سانتيس من الانتخابات التمهيدية الطاحنة المقبلة، ويقدم فقط بعض التفاصيل البسيطة عن كيف سيدير “الرئيس دي سانتيس” السياسة تجاه الصين، وأوكرانيا، والتجارة.

مديح لترامب

برغم عنوان الكتاب، تشير المجلة إلى أن دي سانتيس يفتقر إلى الشجاعة لانتقاد الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي يمدحه بإسراف طوال الكتاب.

وبينما يخصص حاكم فلوريدا مساحة للانتقاص من قدر “النزعة التبشيرية” للمحافظين الجدد الذين هيمنوا خلال رئاسة جورج دبليو بوش، تحظى القومية والحمائية التي ميّزت عصر ترامب بثناء حار.

إغفال الإخفاقات

يكتب دي سانتيس في كتابه أن ترامب، إلى جانب بناء جدار على الحدود المكسيكية، “أنهى الإخفاقات الأمريكية في الوطن، وأبرزها تعهيد التصنيع إلى الصين، وبالخارج، وإنهاء الحروب اللا نهائية في العراق وأفغانستان”.

وحسب المجلة، يغفل الكتاب عن مناقشة وانتقاد لحظات مثيرة للجدل، مثل انسحاب إدارة ترامب من اتفاق إيران النووي، أو من اتفاقية باريس للمناخ، أو من اتفاق الدوحة 2020، الذي فتح الباب أمام استيلاء طالبان على أفغانستان في 2021.

وتضيف “ذي إيكونوميست” أن دي سانتيس ينسب بعض الفضل لنفسه في قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، قائلًا إن التحذيرات بشأن العواقب الكارثية لهذا فعل أكدت “إفلاس طبقة الخبراء البيروقراطية لدينا”.

السياسة الخارجية

تحظى السياسة الخارجية بأهمية ضئيلة للناخبين الأمريكيين من الناحية النظرية، ولذلك يتجه المرشحون الرئاسيون إلى شرح مواقفهم من ناحية السياسة الداخلية. ووفق المجلة، أراد ترامب العودة إلى عصر “أمريكا أولًا”، وهو ما استلزم فرض رسوم جمركية على الحلفاء والمنافسين على حد سواء والتهديد بمغادرة حلف شمال الأطلنطي (الناتو).

أما بالنسبة إلى الرئيس جو بايدن، الذي قال إنه لا يوجد خط واضح بين السياسة الخارجية والداخلية، فقد تأرجح بين وصف أفكاره بأنها “سياسة خارجية للطبقة المتوسطة” أو أنها منافسة وجودية كبرى بين الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية.

والشيء نفسه صحيح مع دي سانتيس، الذي يرى أخطاء أمريكا الخارجية والداخلية نتيجة للاعتماد على نخبة عالمية منحلة “تتبنى سياسات تتجاهل أهمية السيادة الوطنية، وتفضل الحدود المفتوحة والاقتصاد العالمي”.

الموقف تجاه أوكرانيا

عندما كان دي سانتيس عضوًا في الكونجرس، كان يحمل موقفًا متشددًا تجاه روسيا، وضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما لتقديم مساعدات فتاكة إلى الأوكرانيين بعد الضم الروسي للقرم في 2014.

لكن مع تفكيره في الترشح للرئاسة، أصبح دي سانتيس ناقدًا لسياسة “الشيك المفتوح” التي يتبعها بايدن مع أوكرانيا والتي ليس لها “هدف استراتيجي”، على حد تعبيره.

وفي حين أن هذا لا يشبه انفصال ترامب، الذي يريد الآن قطع الدعم، توضح المجلة أن دي سانتيس لا يتفق مع آراء المنافسين الجمهوريين الآخرين، مثل مايك بنس ومايك بومبيو، الداعمين لأوكرانيا بقوة.

موقف دي سانتيس من التجارة

أثناء عضويته في الكونجرس، صوّت دي سانتيس لصالح التعجيل بالشراكة العابرة للمحيط الهادئ، وهي مبادرة تجارية أطلقها الرئيس الأسبق باراك أوباما لكنها تعثرت. والآن، أصبح دي سانتيس صامتًا حيال التجارة، تماشيًا مع حزبه.

وتلفت المجلة إلى أن دي سانتيس، مثل كل الجمهوريين ومعظم الديمقراطيين، أصبح متشددًا تجاه الصين، وفي 2021، وقّع على تشريع يهدف إلى تضييق الخناق على سرقة أسرار الشركات وحقوق الملكية الفكرية في فلوريدا.

سياسي «داهية»

ترى “ذي إيكونوميست” أن دي سانتيس سياسي أكثر دهاءً مما قد تشير إليه سُمعته الصدامية. ونجح الحاكم الجمهوري في نيل استحسان كل فصائل حزبه، مثل أنصار حركة “فلنجعل أمريكا عظيمة مجددًا (ماجا)” وفئة المانحين العالميين واليمين الديني، عبر الالتزام بسياسة حازمة من الغموض الاستراتيجي.

وفي كتابه الجديد، يذكر دي سانتيس الإجهاض في إشارة عابرة، في حين لم يذكر واقعة 6 يناير على الإطلاق. وعلى الرغم من أن ترامب كان يتلهف لمعركة، عبر البحث عن استفزازات في تصريحات دي سانتيس العلنية، رفض حاكم فلوريدا الرد.

وختامًا، تذكر المجلة أن المقالات التي تتناول كيف تختلف الآراء العالمية لدي سانتيس عن ترامب يمكن أن تنتظر لما بعد سباق الترشح. وحتى ذلك الحين، ستتسم عقيدة دي سانتيس بقول القليل وتغيير الموضوع.

ربما يعجبك أيضا